بافتتاح ملعب ميسان الأولمبي بحلته الجديدة يوم الأربعاء الماضي، تكون الاضافات في ميدان البنى التحتية الحديثة الخاصة بملاعب كرة القدم وألعاب القوى قد وصلت الى مرحلة جيدة من الرقي والتقدم وودعت سالف عصرها الذي أذاقنا الأمرين في هذا الجانب وشكاه ملعب الشعب الدولي الأثير الذي عانى من العزلة والتفرّد طويلاً حتى يوم انبثاق ملاعب البصرة وكربلاء وميسان وأخيراً ملعبا النجف والزوراء نهاية العام الحالي وما يتبعها في الأعوام المقبلة لملاعب بابل والديوانية وواسط وغيرها .
لقد سعت وزارة الشباب والرياضة بجد منذ عام 2009 وحتى اليوم الى إحداث نقلة نوعية في ميدان الملاعب لأجل ردم الهوة الكبيرة بيننا وبين دول العالم من حولنا التي سبقتنا بمسافات شاسعة جداً ليس في الملاعب والمنشآت الرياضية فقط ، ولكن بعلم الإدارة والتنظيم والحفاظ على المنشآت وإدارتها، ويقيناً اننا لو اكملنا الشطر الأول من التحضير، فإن الأهم والأكثر شمولاً نحو الاستمرار والتطوّر واكتمال حلقات النجاح وينبغي أن نعد العدّة في جانبين، هما الإدارة الحالية والاستثمار المستقبلي، حيث ليس من المعقول أن تبنى ملاعب بسعة 60 الفاً و30 الف متفرج متوقفة فقط لاستقبال مباراتين في الدوري ومثلهما للمنتخب الوطني بكثافة جماهيرية مكتملة في أفضل تقدير لأننا سننتج بذلك منشآت عائمة على الفراغ سرعان ما تهمل وتعود الى حالة غير مرغوبة أبداً ولا نتمناها لتحف معمارية رياضية استنزفت الكثير من الأموال والجهد لتخدم الرياضيين بآليات نفعية عملية وليس للاستهلاك فقط !
من جانب آخر ، فإن الاعتماد على الدولة ومقدراتها واساليبها الروتينية المملة في التأهيل والإدامة هو الخطأ بعينه، والأجدر أن تكون مشاريع استثمارية بمختلف الجوانب تدار أسوة بما يحصل في البلدان المتقدمة التي كيّفتها لتكون صروحاً للحضارة والسياحة والاستثمار في عالم الرياضة بأفكار خلاقة ربما لم نعتدها ويقيناً أننا سنفعل ذلك آجلاً أم عاجلاً.
إن ما يدعو الى الريبة والحذر بهذا الجانب هو فكرة التقاسم والحيازة بين الاندية أولاً لهذه الملاعب من أجل تجاوز شروط الاتحاد الآسيوي وتراخيصه وهي افكار أعلن عنها وطبّقت فعلاً وقولاً وإن كانت للضرورة احكام في الوقت الراهن، فإنها لا يجب أبداً أن تكون كذلك على الأمد البعيد من دون أن تعمل الاندية جاهدة على تطوير منشآتها الخاصة بها، وهو ما يجب أن يحصل فعلاً ، فالحظر الذي رفع بالتجزئة سيرفع بالكامل يوماً ما واحلامنا في تنظيم بطولات وتصفيات دولية ستكون حقيقة معلنة ذات يوم وحتى تحين تلك اللحظة لابد أن نكون قد انجزنا ونجحنا في الجانب الإداري الذي اعيد تكرار القول معه انه سيكون ضرباً من العبث والخيال فيما لو تكفل به القطاع العام الذي سيحيله الى مديرية عامة بائسة أسوة بدوائر الدولة وهذه حقيقة لا يجب أن نغفلها أبداً وعلق حولها عشرات الاكاديميين من اصحاب الخبرة والكفاءة في داخل العراق وخارجه !
نريد لهذه الملاعب أن تبقى زاهية متألقة بلا نجيل أصفر وشركات متعبة لا تعي ما تفعل لأنها اقحمت في ميدان لا يليق بها كونها متخصصة في أعمال البناء والانجاز الثقيل وليس المتابعة والتأهيل لجزيئات صغيرة.
نبارك لجماهيرنا الرياضية هذه الملاعب والمنشآت ونتمنى أن ندخل معها عصر العالمية والتمدّن الرياضي الحديث المعزّز بالعلم والمعرفة وحسن الإدارة.
ملاعبنا بين الريبة والحذر!
[post-views]
نشر في: 28 يوليو, 2017: 09:01 م