TOP

جريدة المدى > تحقيقات > هرمونات ومكملات غذائيّة تهدِّد الحياة وتُهدم الأجسام بدل بنائها

هرمونات ومكملات غذائيّة تهدِّد الحياة وتُهدم الأجسام بدل بنائها

نشر في: 30 يوليو, 2017: 12:01 ص

عضلات مفتولة وجسم رياضي رشيق يتماشى مع موضات الألبسة تارة، ويشابه أجسام الممثلين أو الرياضيين العالميين تارة أخرى، هو مايشغل الكثير من الشباب المتطلع لجسم رياضي "مثالي"، فللحصول على قوام رياضي مدعم بعضلات مفتولة، ليس هناك غنى عن ممارسة الرياضة وسلك س

عضلات مفتولة وجسم رياضي رشيق يتماشى مع موضات الألبسة تارة، ويشابه أجسام الممثلين أو الرياضيين العالميين تارة أخرى، هو مايشغل الكثير من الشباب المتطلع لجسم رياضي "مثالي"، فللحصول على قوام رياضي مدعم بعضلات مفتولة، ليس هناك غنى عن ممارسة الرياضة وسلك سبيلها الصحي، فتأخذ سبل هذه الأمنية الشباب للدخول الى قاعات الرياضة وبالخصوص قاعات كمال الأجسام (الجم) ولكن وليس أحياناً بل بشكل منتشر في الآونة الأخيرة وصل حدّ "الهوس" بأغلب لاعبي كمال الأجسام ومرتادي القاعات الرياضية إلى حد تناول المنشطات والمكملات الغذائية من أجل الحصول على مظهر مُبهر يثير الإعجاب، غير أنه قد يؤدي بهم إلى مشاكل صحية خطيرة تصل الى  "انفجار" عضلاتهم مثلما أكد لنا ذلك عدد من المختصين والرياضيين المتمرسين.

المهووسون ببناء العضلات
محمد تحسين (طالب جامعي) وهو من ممارسي رياضة كمال الأجسام يقول لـ(المدى): انا ارغب فقط في زيادة حجم العضلات وكذلك الارتقاء بمستوى اللياقة البدنية لجسمي، ابتعد عن اي عقاقير أو مكملات غذائية مجهولة المصدر، التزم بنظام غذائي يساعدني في الوصول الى هدفي وهو جسم رياضي صحي، مؤكداً انه يرفض استخدام أيّ "منشطات" ضارة بالصحة، لافتاً: الى أنه يتدرب بإشراف مدرب محترف يدير قاعة رياضية لايسمح بدخول أيّ من تلك المنشطات والمكملات الغذائيّة..
بهذا الشأن يتفق حسين عباس (طالب جامعي) مع محمد، حول سبب وطريقة ممارسة رياضة كمال الأجسام ، بيد أنه يشكو "عدم وجود رقابة على الكثير من الصالات الرياضية والتي يقوم بعض أصحابها ببيع المنشطات والعقاقير للشباب من دون النظر الى أثارها الصحية". متابعاً: أنا اهتم بممارسة كمال الأجسام دون اللجوء الى طرق "المهووسين" ببناء العضلات بسرعة من دون النظر الى عواقبها المستقبلية التي قد تصل الى ادمان الرياضي للمنشطات، حيث يصل لمرحلة الهوس باستخدامها للحفاظ على جسمه دون ممارسة الرياضة باستمرار.
ويعقّب وليد المرسومي (صحفي رياضي) لـ(المدى): باستياء واضح فيقول، عندما يقوم لاعب كمال الأجسام بتناول المنشطات دون إدراك لسلبياتها أو اثارها الجانبية، فإن هذه الحالة تمثل مؤشراً مهماً على ضرورة الارتقاء "بثقافة " لاعب كمال الأجسام، واللاعبون على مختلف الصعد، سواء أكانت شخصية أم رياضية تشترك في محافل تنافسية .مضيفاً: أن المواد المنشطة تؤثر في سيكولوجية من يتناولها، وتؤدي إلى تنامي حالات غير صحيّة رياضياً، فيصل تأثيرها السلبي إلى سلوك الرياضي الشخصي، لذا فإن إيجاد الحل الجذري للتخلص من مشاكل متعاطي المنشطات يساعد في تكوين شباب بأجسام صحية ولاعبين بمستوى عال من الكفاءة الرياضية، مشدداً: على ضرورة اهتمام المعنيين بالرياضة الصحية والنوادي القانونية على اقامة برامج تثقيفية خاصة، ودورات خاصة لمنح القبول القانوني على من يفتتح صالات رياضية ومنها المختصة بكمال الأجسام، لكي نصل الى مرحلة متقدمة من الوعي تجاه ما يمارسه الشباب من عادات قد تؤثر كثيراً على مستقبلهم كشباب منخرطين في المجتمع ورياضيين محسوبين على الرياضة العراقية  .

مكافحة مصاصي الدماء
تعرّف اللجنة الطبية المنبثقة عن اللجنة الاولمبية الدولية المنشط "بأنه كل مادة أو دواء يدخل الجسم وبكميات غير اعتيادية لغرض زيادة الكفاءة البدنية للحصول على انجاز رياضي أعلى وبطرق غير مشروعة ويسبّب أضراراً صحية عند الاستمرار بتعاطيه، من الواضح أن من ينطبق عليه هذا التعريف من الرياضيين يمكن أيضاً أن تنطبق عليه قوانين اللجنة الدولية الصارمة والتي تقل قوتها داخل الدول، تصل العقوبات الى حد الحرمان من ممارسة الرياضة في البطولات المختلفة، ولكن المتعاطين ليسوا بالضرورة من ممارسي الرياضة أو الممثلين عن بلدانهم في المحافل الرياضية، لأنهم ببساطة قد يتعاطون المنشطات دون الانخراط بالفرق الرياضية المحلية أو الدولية، الأمر الذي يتركهم في حرية تامة يستخدمون المنشطات بعيداً عن الرقابة المحلية والعالمية .
ولأجل تسليط الضوء على عمل القاعات والصالات الرياضية الخاصة ببناء الأجسام، بيّن مدرب اللياقة البدنية ولاعب كمال الأجسام سابقاً مؤيد محسن لـ(المدى): أن الشباب يقبلون على صالات كمال الأجسام رغبة منهم في زيادة الكتلة العضلية في "أسرع وقت وبأقل جهد" وبدلاً من التدريب واتباع التغذية السليمة، يلجأ بعضهم إلى تعاطي المنشطات والعقاقير والمكملات المحظورة، ما يؤثر بالسلب في الجسد حتى وأن زاد من حجم العضلة  .مشيراً: الى خطورة ما أسماهم "مصاصي الدماء " بعض اصحاب القاعات الرياضية يقوم بعض القائمين على الصالات الرياضية من غير المؤهلين، بتشجيع تعاطي المنشطات والهرمونات المحفزة للجسم "لغرض الحصول على الأموال فقط"، من بيع المنشطات التي تصل أسعارها الى مئات الدولارات، مطالباً: المسؤولين "بتأهيل"  كل أصحاب الصالات الرياضية والقائمين على التدريب فيها تأهيلاً حقيقياً، يمكنهم من أداء التدريبات بصورة صحيحة، وتطبيق قوانين صارمة لعدم زج الشباب في مجال الأدوية والعقاقير المدمّرة للصحة .

محنة تعاطي المنشطات والمكملات
لم تكن مهمة ايجاد متعاطي المنشطات "بالأمر السهل"، اضافة الى تأكيد احد القائمين على صالة رياضية بأن متعاطي "المنشطات" لايجهرون بتعاطيهم لتلك المواد، لأنهم "يخجلون" وربما يقع شجار عنيف في حال قولك بأن اللاعب (س) قد استخدم "المنشطات" حتى وصل لمرحلة الذروة بانتفاخ العضلات وصلابة الأجزاء الأخرى منه كالمعدة والرقبة وغيرهما .. سنان سعد، أحد مرتادي قاعات بناء الأجسام أوضح لـ(المدى): في بداية توجهي لإحدى القاعات الرياضية، كنت انوي بناء جسم مثالي بالطريقة التقليدية، ولكن بعد مدة من التدريب والجهد لم يطرأ على جسمي شيء خلاف ما كنت انتظر، فاضطررت لاستخدام "المنشطات" وهي متاحة ويمكن الحصول عليها بسهولة في بعض القاعات والمحال التي تبيعها وتشجع على استخدامها. مضيفاً: بندم بالغ "بعد مدة لا تتجاوز السنة، أخذ شعري بالتساقط الأمر الذي أثار مخاوفي الشديدة، فضلاً عن القرحة بالمعدة، وأخذ حب الشباب يملأ جسدي في منطقة الظهر، ناهيك عن طباعي الحادة حتى مع العائلة والأصدقاء .مشدداً: كانت أياماً صعبة عشت فيها قلقاً من ابسط الحوادث، الآن هجرت تلك العقاقير "السامة" وأنا اليوم أمارس الرياضة التقليدية والتزم نظاماً صحيا صارماً بتناول الطعام .
ووفقاً للعديد من التقارير الطبية، هناك أنواع كثيرة جداً من المنشطات والمكملات الغذائية، منها ما يؤخذ عن طريق الفم، ومنها بالحقن، ومنها ما يؤخذ لزيادة الوزن، وزيادة حجم العضلات، ولعلّ أكثرها انتشاراً واستخداماً من بين جميع المنشطات تلك التي تؤخذ لزيادة حجم العضلات لتكوين البروتين في الجسم وتخزينه في العضلات بكميات كبيرة ما يؤدي إلى تكوين العضلات في وقت أقل من المعتاد.
وطمأن الطبيب المعالج رامي أحمد أن تجاوز الجرعة المحددة مرة واحدة لا يشكل خطراً، على عكس القيام بذلك بشكل مستمر، ناصحاً بقراءة النشرة الداخلية للمكملات الغذائية قبل تعاطيها. مؤكداً: على اهمية استشارة طبيب أو صيدلاني أو اختصاصي تغذية قبل تناول ايّ مكملات أو في حال الشك بمضمونها أو مكوناتها.

المكملات الغذائية خطر محتمل
الجمع بين المكملات الغذائية قد يضر الصحة، وقد يزاد الخطر بصفة خاصة عند تعاطي المكملات الغذائية المشتركة، حيث يرتفع خطر تعاطي ضعف الجرعة من أحد العناصر الغذائية. بهذا الشأن يقول خبير التغذية الصحية د. لؤي نوري، أن تناول المكملات الغذائية غير الخاضعة للرقابة والتي تحوي على مواد محظورة يمثل خطراً محتملاً على الرياضي. منوهاً: الى أن الخطر المحتمل لتناول مكملات غذائية غير خاضعة للرقابة ولاحتواء الأخيرة على مواد محظورة دون أن يكتب ذلك على العلبة الخارجية، قد يزيد من الخطر على الصحة العامة والتكامل الجسماني. مؤكداً: إمكانية احتواء المكملات الغذائية على مواد محظورة تحت تسمية أخرى إلى وضع أجهزة رقابة وتصديق، خاصة بالمواد الغذائية رغم أن الأمر "ليس بالهيّن" على حد قوله.
ويدعم د. رامي إسماعيل (استشاري أمراض القلب والباطنية) أقوال الرياضيين المتمرسين عملياً بالقول لـ(المدى): أن تناول مثل هذه المنشطات والمكملات الغذائية المحظورة في صالات الرياضة، يؤدي إلى تضخم عضلة القلب، ثم هبوط حاد في الدورة الدموية بشكل مفاجئ ، مشيراً إلى "أن هناك أنواعاً من هذه المنشطات قد تصيب الفرد بسكتة قلبية مفاجئة، وذلك أثناء ممارسة الرياضة أو بعدها ".
الأمر الذي يأخذنا لتذكر حادثة وفاة "ديان وارمبي" بطل كمال الأجسام الإنكليزي بسبب "المنشطات" والتي تعد الأشهر بين الرياضيين في العالم، حيث عاش البطل الإنكليزي معاناة كبيرة استمرت لمدة 5 أعوام ونصف العام مع مرض سرطان الكبد الذي عصف به بسبب تناوله لتلك المنشطات ..
فيما يؤكد د.جميل التميمي اختصاص الأمراض النفسية، أن آثار "المنشطات" تعتمد على نوع المنشط، فإذا كانت هورمونات فلها تأثير على الحالة النفسية، مضيفاً: واجهت كثيراً من حالات الاضطراب النفسي والشرود الذهني لأشخاص بسبب المنشطات كونها تسبّب نوعاً من حالات الهلوسة والأوهام إضافة إلى السلوك العدواني.

مشاكل في الجهاز الهضمي والأرق
العديد من الشركات المصنعة للمكملات الغذائية تجمع بين الكرياتين والكافيين عند تصنيع منتجاتها وهذا لكي تحصل على طاقة أكبر تساعدك على زيادة شدة التدريبات في الصالة، ولكن بالمقابل، الاستخدام المنتظم والمتكرر للمنتجات التي تحتوي على الكافيين، يمكن أن تسبب الأرق واضطرابات في النوم. من جهة أخرى. بهذا الشأن يقول اختصاص التدريب الرياضي وكمال الأجسام د. علي يونس لـ(المدى) إن استهلاك بعض المستحضرات والمكملات الغذائية غير الخاضعة للرقابة أو التي تأخذ بجرع عالية قد يسبب مشاكل في الجهاز الهضمي. لافتاً: الى أن الكرياتين الذي يدخل في مكونات العديد من المكملات الغذائية قد يسبب الاسهال واظطرابات في المعدة. والغثيان، أو بعض التشنجات عند استخدام البروتينات ذات المصدر الحيواني مثل الواي بروتين. منوهاً: الى ضرورة أن تكون المعدة سليمة وخالية من ايّ أمراض بخاصة القرحة، إذ يمكن أن تسبب تلك المكملات مضاعفات حادة.
وبيّن يونس: يعد الكرياتين أحد أهم مكملات العضلات شعبيةً بسبب تأثيره الايجابي على زيادة حجم العضلات بدعم الأبحاث والدراسات. مشيراً: الى سعره المنخفض الذي يكون من بين الأسباب الرئيسة لكثرة تناوله من قبل الشباب الراغب ببناء جسم وعضلات خارج السياقات والتمارين. مشدداً: على أن الاستخدام المفرط للكرياتين يسبب على الأمد الطويل مشاكل في الكلى، وهذا ما يسبب مشاكل صحية كبرى في عضو مهم في تصريف الفضلات والسموم...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟
تحقيقات

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟

 المدى/تبارك المجيد كانت الساعة تقترب من السابعة مساءً، والظلام قد بدأ يغطي المكان، تجمعنا نحن المتظاهرين عند الجامع المقابل لمدينة الجملة العصبية، وكانت الأجواء مشحونة بالتوتر، فجأة، بدأت أصوات الرصاص تعلو في الأفق،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram