TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > اسم وقضية: إيمانويل ماكرون.. محاولات لإعادة إنتاج توني بلير جديد

اسم وقضية: إيمانويل ماكرون.. محاولات لإعادة إنتاج توني بلير جديد

نشر في: 3 أغسطس, 2017: 12:01 ص

لم تقتصر سمعة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أنه واسع المعرفة إلى حدٍ ما، يقول غافين مورتيمر في مقاله هذا، بل وصار له فجأةً هوىً مفاجئ نحو الرياضة أيضاً. فأصبح يُشاهد مؤخراً في مباريات ركبي وكرة قدم عالمية. فدعا فريق قدم نساء ليون إلى قصر الأليزي

لم تقتصر سمعة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أنه واسع المعرفة إلى حدٍ ما، يقول غافين مورتيمر في مقاله هذا، بل وصار له فجأةً هوىً مفاجئ نحو الرياضة أيضاً. فأصبح يُشاهد مؤخراً في مباريات ركبي وكرة قدم عالمية. فدعا فريق قدم نساء ليون إلى قصر الأليزيه للاحتفال بفوز "رابطة البطلات"، ووجد وقتاً للحديث مع كريس فروم خلال سفرة راكبي الدراجات من أجل لقب في "سياحة فرنسا" الرابعة. بل وارتدى قفازات الملاكمة واشتبك مع ملاكم شاب كوسيلة ترويج لعرض باريس الخاص باستضافة أولمبياد 2024. والرسالة واضحة، وهي تذكّرنا بتوني بلير حين انتُخب رئيساً لوزراء بريطانيا عام 1997، فكان يتودد لنجوم الرياضة والروك خلال حملته الانتخابية: أنا شاب، أنا ديناميكي وأنا قائد جديد لعصر جديد. وكما كانت حال البليرية، فإن ميل ماكرون هنا متجه نحو الجمهور العالمي. في تلك السنوات المبكرة، لم تستطع بريطانيا أن تحصل على ما يكفي من بلير، واستحوذت بريطانيا الباردة المعمولة بعناية على خيال بلد خلق فيه انتشار الانترنت فرصاً لتجديد متوتر. فكان بلير حقنةً منشّطة، مرحَّباً بها بعد سنوات حكم جون ميجر الرمادية، ونظر إليه الناس على أنه الرجل المناسب للألفية الجديدة، القائد المهتم بالمستقبل وليس بالماضي. وعبر القنال، لم يكن بوسع الفرنسيين سوى التطلع في حسد، وهم تحت حكم جاك شيراك البالغ 65 آنذك، والسياسي المحترف ذي الأخلاق المشكوك فيها، والذي كان اهتمامه الرئيس الفن الياباني القديم. فاجتذبت لندن كثيراً من الفرنسيين إليها آنذاك، ولكن لهجاتهم ما تزال تُسمع على نطاق واسع اليوم في أنحاء مختلفة من المملكة المتحدة، حيث يعيش الشباب منهم، رجالاً ونساءً، طامحين لأن يصنعوا من حيواتهم الطموحة شيئاً ما.  وهؤلاء الآن هم الناس الذين يغريهم ماكرون بالعودة إلى موطنهم ليكونوا جزءاً من انبعاثته الفرنسية. وقد قال خلال زيارة في حزيران إلى فيفا تكنولوجي، وهو معرض تجاري معلن كمكان يرعى الابتكار في باريس، " إننا في بداية موجة جديدة. وهذا كله هو المكان الذي نستثمر فيه، ونعمل، ونخترع. فنحن بحاجة لأمة تفكر، وتنطلق".
لكن هل يباع الفرنسيون؟ تنفي الاقتراعات ذلك. فقد انخفض، هذا الشهر (تموز)، تخمين القبول الذي يحظى به ماكرون عشرة بالمئة وهو أكبر هبوط لقائد جديد منذ انحدار شيراك بنسبة 15 بالمئة في عام 1995. وسيفعل ماكرون حسناً لو تذكر أن انتخابه كان بسبب عدم وجود المرشح المناسب أكثر مما كان نتيجةً لرغبة الفرنسيين به. وقد أظهرت الاقتراعات أن أكثر من نصف العشرين مليون مصوّت له في الجولة الثانية من الانتخابات كانوا مدفوعين بالتصميم على قطع الطريق على مارين لو بان وليس بسياساته. وقد استفاد ماكرون أكثر، حتى في الجولة الأولى، من حملات الحزب الاشتراكي الكارثية وجمهوريي يمين الوسط؛ وقد أظهرت صحيفة ليبيراسيون أن 58 بالمئة فقط من المصوتين له قد ساندوه عن اقتناع مقابل 81 بالمئة للو بان و84 بالمئة لجان ــ لو ميلينتشون، مرشح أقصى اليسار. وتبدو هذه خسارة لماكرون، الذي وعد بخرق نظيف لنظام الحكم السائد في فرنسا التي لم تعد تحكمها الزمرة ذاتها من المنتفعين. فمَن كانوا ثوريين ذات يوم أصبحوا تذكارات، تتعلق بالسلطة في كل مسارات الحياة، وتشهد اضمحلالاً أخلاقياً وفكرياً. وقد عصفت انتخابات هذا العام بالجميع عدا قلة من نشطاء اضطرابات الستينيات من السلطة السياسية، وتحت حكم ماكرون يصبح واضحاً أن فرنسا لم تعد بلداً للعجائز. واسألوا الجنرال بيير دي فيليرز ، الذي استقال مؤخراً كرئيس أركان القوات المسلحة. وكان خطأه أنه طلب من رئيسه 850 مليون يورو استقطاعات دفاعية، وهو ما استدعى أن يقول له ماكرون بوقاحة: "أنا قائدك". ويبلغ الجنرال من العمر 61 عاماً ــ أي أنه أصغر بثلاث سنوات من زوجة ماكرون ــ لكن بريجيت مواطنة أكبر سناً يحتاج إليها الرئيس. وقد أغواها حين كانت معلمته. يا للبرود! ويتطلع ماكرون إلى استحضار العقول والأيدي العاملة إلى فرنسا. وفي زيارة له إلى لندن أعلن عن مقصده قائلاً، " .. أريد مصارف، ومواهب، وباحثين، وأكاديميين، وغيرهم". وهو إذ يرى في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فرصة لتجريد بريطانيا من أروع عقولها، فإنه بلغ من الوقاحة حد جعل ميله للخارج رقم 10. بل ووصلت به قلة الحياء في حزيران الماضي أنه أخبر العلماء الأميركيين المحبَطين من موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من التغير المناخي بأن هناك على الدوام موطناً لهم في فرنسا. كما راح يصور لهؤلاء وغيرهم أن فرنسا بلد بارد للعيش فيه، وأن التكنولوجيا وليس التقاليد هي التي تحكم.  وقد سأل روبرت بيستون ماكرون، أيام كان وزيراً للاقتصاد في حكومة الاشتراكيين، إن كان بوسعه تحديث فرنسا من دون نزاع مع الاتحادات النقابية، فقال، " أعتقد أننا نستطيع، لأن الشعب الفرنسي يؤمن بأن علينا إصلاح البلد، وحتى لو واجهنا تظاهرات فلن يكون ذلك بالأمر الذي يقطع علينا الاستمرار". وماكرون الآن في موقف يضع فيه نظريته للاختبار. والإصلاحات الاقتصادية التي يؤمن بأنها ضرورية لتحويل فرنسا تتضمن توجيها للسلطات المحلية لتخفيض الإنفاق بمقدار 13 بليون يورو من أجل تلبية هدف بروكسل الخاص بعجز مالي تحت الـ 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يناسب رؤيته لقطاع عام أصغر في فرنسا ومزيد من المشروع الخاص. ولقد أحس ماكرون، عند افتتاح أكبر مركز انطلاق في باريس، بأنه في بيته بين المقاولين الطموحين وهو يتجول في مجمع واسع أقيم في محطة قطارات سابقة. وقال ماكرون مخاطباً جمهوره المكون من ألفي شخص إن الغرض الأصلي من المركز رمزي، ذلك " أن المحطة مكان يسلك عنده الناجحون السبل مع أولئك الذين هم لاشيء". وهي ليست المرة الأولى التي يُتهم فيها بالسخرية من التفوق. ففي العام الماضي هزأ متظاهر من بدلته الغالية، فرد عليه بشكل لاذع، " إن أفضل طريقة للتمكن من شراء بدلة هي العمل ".
إن المَن من السماء بالنسبة لرجل مثل اليساري المتطرف ميلينتشون، الذي لا يفوّت فرصة يصور فيها ماكرون بكونه ثرياً ونخبوياً عديم الرحمة، وتصميمه منصبّ على إطلاق روح المقاولات في فرنسا من عقالها، سوف يغني القلة ويفقر الكثيرين. وهذا هو التحدي الأعظم لماكرون: كيف يضمن رؤيته لانتصارات المستقبل على ميلينتشون، الذي سيقوم ــ بالتحالف مع الاتحادات، والشيوعيين، واليسار المتشدد ــ بفعل كل شيء في قدرته  على منع ماكرون من المضي في إصلاحاته.  وميلينتشون، الذي يعتبر هوغو شافيز (الثوري الفنزويلي) من بين معبوداته السياسية، يتمتع بالانبعاث، ويستغل بساطة الشباب من خلال وعده لهم بالأمن والعدالة في عالم قاسٍ تديره الرأسمالية الشريرة.
  عن/  spectator

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المالية النيابية: كلفة استخراج النفط من كردستان تصل 22 دولاراً

في رد رسمي.. محافظ بغداد يرفض قرار الإحالة إلى التقاعد

الدرجات الخاصة المصوت عليهم في البرلمان اليوم

نص قانون التعديل الأول للموازنة الذي أقره مجلس النواب

بالصور| أسواق الشورجة تستعد لإحياء "ليلة زكريا"

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

تقرير أمريكي: ترامب يشترط بقاء التعاون الأمني مع العراق بحل الفصائل

تقرير أمريكي: ترامب يشترط بقاء التعاون الأمني مع العراق بحل الفصائل

متابعة/ المدى أفادت تقارير صحفية أمريكية، بأن العراق قد يتعرض إلى خسارة التعاون الأمن مع إدارة ترامب، في حال فشلت بغداد في حل فصائل المقاومة.تقرير “فوكس نيوز”، الأمريكية أشار وفق خبراء في شؤون الشرق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram