الكورد هو مجموعة من النغمات تؤدّى في آن واحد، تكون منسجمة بعضها مع البعض الآخر وفق قواعد التآلف النغمي (الهارموني) فيكون وقعها على الاذن مستحباً. وهذه الكوردات هي لبنات البناء الموسيقي إذ يستعملها المؤلف في الانتقال والتدرج في البناء النغمي الهارموني

الكورد هو مجموعة من النغمات تؤدّى في آن واحد، تكون منسجمة بعضها مع البعض الآخر وفق قواعد التآلف النغمي (الهارموني) فيكون وقعها على الاذن مستحباً. وهذه الكوردات هي لبنات البناء الموسيقي إذ يستعملها المؤلف في الانتقال والتدرج في البناء النغمي الهارموني وفق ما يخطط له من عمل موسيقي. وتدرّج الكوردات هو الآخر يتبع قواعد التآلف النغمي، التي ترسخت عبر قرون طويلة لكنها ليست قواعد ثابتة مطلقة بل قد تتغير حسب الأذواق والعصور.
لعلّ الكورد المسمّى كورد تريستان هو الأشهر في تاريخ الموسيقى. فقد استعمل ريشارد فاغنر كورداً متنافراً يستوجب حله بكورد لاحق يزيل التنافر ويصوّبه عبر التوجه نحو أحد المراكز النغمية للكورد فيزول شعور المستمع بالانزعاج. وهذه تقنية قديمة استعملها المؤلفون منذ قرون بغرض زيادة التوتر ثم حله مما يزيد من التأثير الدرامي على المستمع. مثل هذه الحالات نصادفها في أعمال موتسارت (رباعية التنافر التي كتبت عنها)، وبيتهوفن (سوناتا رقم 5 من مجموعة رقم 31) وقبلهما في أعمال موسيقيي عصر النهضة مثل مادريغالات ماشو وجزوالدو .
وقد استعمل فاغنر هذا المبدأ هو الآخر، فقد بدأ اوبراه الدرامية تريستان وايزولده (1865) بكورد من هذا النوع في الخانة الثانية بعد أربع نغمات عزفها قسم التشيلو، لكنه بدلاً من حل التوتر بالتوجه بالموسيقى نحو الكورد المطلوب حسب المناهج التي تدرس في الكونسرفاتوار، استمر في الخانة الخامسة بكورد آخر عمّق من الشعور بالتنافر، واستمر طوال الأوبرا محافظاً على مستوى التوتر الهارموني عالياً حتى المشهد الثالث من الفصل الثالث في المشهد الذي يصور موت إيزولده، أي بعد ساعات من تكرار هذا الكورد دون حله. وتلاعب فاغنر كذلك بهذا التوتر، فكان يوحي بأنه على وشك حل التنافر، في لحظات مثل مشهد الحب في الفصل الثاني عندما يوشك تريستان وأيزولده بلوغ الذروة (الحسية) عبّر عنها فاغنر بالاقتراب من حل التنافر والاقتراب من إداء نغمة واحدة فقط في التسلسل النغمي تضع الامور في نصابها، لكن ذلك لم يتم بسبب اقتحام الغرفة التي كانا فيها وتهديد تريستان. كان هذا العمل الجريء من الأسباب التي تجعل من فاغنر واحداً من المجددين في الموسيقى، وأحد عباقرة الموسيقيين عبر توظيفه الموسيقى بشكل جديد في خدمة العمل الدرامي الذي يؤلفه.
أوبرا أو دراما تريستان وإيزولده من أعمال فاغنر الخالدة، مهّد فيها الطريق لأعماله الدرامية اللاحقة: رباعية النيبلونغ وبارسيفال. فاغنر موسيقي اشتدت حول موسيقاه الصراعات والخلافات، فهناك من يعشق موسيقى فاغنر، وهناك من لا يطيق سماعها لكن الكل يتفق على أهمية هذا الموسيقار الألماني الجريء في موسيقاه، التي هي نتاج تطور الموسيقى الرومانتيكية ووصولها القمة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.