نحن لانستطيع الاحتفاظ بذكرياتنا الجميلة واستعادتها إلا في صندوق أخيلتنا، وقد لا يكتفي البعض بعنصر الخيال لاستعادة ما يحب، لذلك نحن بحاجة الى من يحتفظ لنا ببعض ذكرياتنا، سواء أكانت مع أماكن، أم اشياء، أم احداث، أم شخوص...قبل قرونٍ من الآن لم يكن أحد ل
نحن لانستطيع الاحتفاظ بذكرياتنا الجميلة واستعادتها إلا في صندوق أخيلتنا، وقد لا يكتفي البعض بعنصر الخيال لاستعادة ما يحب، لذلك نحن بحاجة الى من يحتفظ لنا ببعض ذكرياتنا، سواء أكانت مع أماكن، أم اشياء، أم احداث، أم شخوص...
قبل قرونٍ من الآن لم يكن أحد ليستوعب أن من الممكن لنا أن نحتفظ بتلك الذكريات، ونستعيدها وننظر لها امامنا، ونمسك بها بين أيدينا أو نقلب صفحاتها، وبعد أن وجدت الكاميرا، صار بإمكاننا أن نحتفظ بكل ذكرياتنا الجميلة، ونستعيدها كصورة غير متحركة، أو كصورة متحركة من خلال تسجيلات الفيديو...
لم تعد الكاميرا وسيلة لحفظ الذكريات واستعادتها فحسب، إنها أداة وتقنية فنية، لفن عرف بـ "الفوتوغراف " وأصبح المصورون يتنافسون في أجمل اللقطات التي يقتنصونها بكاميراتهم، وبعد ظهور المؤثرات البصرية، أزداد وقع التنافس وشدّته بين المصورين الفوتوغرافيين، وهنا ازدادت القيمة الابداعية والبصرية لفن الفوتوغراف، الذي أصبح ومن خلال لقطة واحدة يجسد لنا حكاية كاملة، أو بإمكانه أن يوفر لنا جانباً من الدروس الفيزياوية، أو يتيح لنا التعرف على التكنولوجيا العصرية...في العراق اصبح الفوتوغراف فناً حاله حال الفنون التي تناقش قضايانا ومشكلاتنا، تقام لها المعارض والعروض، وتناقش تلك اللوحات الفوتوغرافية التي يتم عرضها من خلال لجان نقدية، وجاء تأسيس الجمعية العراقية للتصوير الفوتوغرافي داعماً لفن الفوتوغراف، من خلال تقديم مهرجان سنوي يتم خلاله عرض أعمال المصورين المتنافسة في المحاور الفوتوغرافية الثلاثة "المحور العام الملون، محور الخطوط، والمحور أحادي اللون " ويتم ترشيح خمسة اعمال فائزة من كل محور بالجوائز " الذهبية ، الفضية، البرونزية، وثلاث جوائز للجمعية "، وبعد ثلاثة وأربعين عاماً تحتفي الجمعية العراقية للتصوير الفوتوغرافي بمهرجانها السنوي الثالث والاربعين والذي تضمن معرضين، الأول معرض عام، والثاني معرض جسّد انتصارات القوات العراقية المسلحة بمعارك تحرير الموصل...
مدير المعارض في جمعية المصورين الفوتوغرافيين زهير السوداني، تحدث للمدى عن خطوات العمل التي بادرت بها الجمعية لإقامة المهرجان السنوي الثالث والاربعين ويقول "إن هذا المهرجان انطلق تزامناً مع انتصارات الجيش العراقي في تحرير الموصل، اضافة الى مناسبة عيد المصور العراقي، اقامت الجمعية العراقية للتصوير معرضين الاول فني وابداعي، والثاني كان عن انتصارات القوات العراقية والذي اشترك فيه قرابة 11 مصوراً من جميع محافظات العراق، وضم المعرض 31 لوحة تجسد الانتصارات تجسيداً فوتوغرافياً ابداعياً، وهذا معرض فرعي ضمن الرئيس، أما المعرض الأول وهو الرئيس، فتضمن 186 صورة فوتوغرافية توزعت على ثلاثة محاور، الملون، والاحادي، والخطوط، حيث شارك فيه 110 مصورين، هذا بعد أن تم تقديم مئات اللوحات، وقامت اللجنة المشرفة بترشيح 186 كأفضل صور تستحق العرض".
تجربة الجمعية العراقية للتصوير في طرح معرضها السنوي على موقع الكتروني لتنظيم المعارض العالمية يدار من قبل مؤسسة (IAAP) ويعدّ طفرة نوعية في عمل الجمعية لجعل معارضها المقبلة تنظم بطريقة حديثة ومتبعة في أغلب المعارض الدولية، هذا ما جاء في نص كلمة رئيس الجمعية العراقية للتصوير هادي النجار والذي ذكر قائلاً " أن معرض الجمعية العراقية للتصوير هو أول معرض ينظم في العراق بهذه الطريقة، أي من خلال المشاركة عن طريق شبكة الانترنت وكذلك التحكيم وإعلان النتائج".
عبّر النجار عن قلقه المسبق من ناحية المشاركة، كون الموقع يُطرح للمرة الأولى أمام المصور العراقي، وقال "رغم قلقنا من التجربة الاولى إلا أنها جاءت بنتائج مذهلة وعلى العكس تماماً من التوقعات، فمن ناحية عدد المسجلين وعدد المشاركين، سنجد أرقاماً كبيرة شاركت في هذا المعرض، وهذا حدث يمكن اعتباره الاول على صعيد معارض الفوتوغراف في العراق".
قد لا يكون نجاح الجمعية العراقية للتصوير غريباً، ذلك انها سعت كثيراً ولسنوات عدة ماضية في سبيل تطوير طريقة المشاركة، ورصانة التحكيم، كما عملت على طباعة دليل ذي جودة عالية واقامة المعرض في قاعات مناسبة مخصصة لمثل هذه العروض، إضافة الى تأطير الاعمال بما يليق بالمصورين، رغم أن النجار يذكر أن "الامكانات قليلة لكن الجهود المخلصة المبذولة كللت اعمالهم بالنجاح".
أيضاً حاول النجار أن يقدم شرحاً مفصلاً عن الموقع الذي تم خلاله تسلم اعمال المشاركين وذكر أن "الموقع يوفر امكانية تغيير العمل وحذفه من قبل المشارك، بالطبع خلال الوقت المخصص لتسلم الاعمال، كما أن المشارك يمكن أن يتأكد من قبول عمله للمنافسة من خلال لائحة المشاركين الموجودة في المعرض، إضافة إلى قائمة خاصة يملأها كل مصور، تتضمن المعلومات الكاملة الخاصة به والتي قد نحتاجها حتى بعد المعرض للاستعانة بها إن تطلب الأمر".
لجان التحكيم الذين قاموا بتقييم الاعمال المُقدمة لهم، وقبول بعضها للمشاركة أو رفض أخرى، عدّوا من أهم الاسماء المعروفة في مجال الإخراج الصوري أو التصوير الفوتوغرافي وهم ، يوسف المسعود، عيسى ابراهيم، فارس سعدي، فرات جميل، وهادي النجار...
وذكرت عضو لجنة التحكيم فرات جميل في حوار مع المدى"أن الاعمال التي يتم قبولها للعرض في المعرض هي التي تحصل على 25 درجة فما فوق، أما تلك التي ترشح لنيل الجوائز فهي الأعمال التي حصدت 30 نقطة فما فوق".أما عن الأسلوب المتبع لقبول العمل، والضوابط التي يتم من خلالها قبول العمل أو رفضه فذكرت جميل "بالطبع هنالك معايير وقياسات للصورة والتي يتم من خلالها تقييم العمل من قبل المحكمين، ولكل محكم رؤيته الخاصة بالعمل المقدم، ثم يقوم المُحكم بإعطاء نقاط لكل عمل بالطبع كما ذكرت أن العمل الحاصل على 25 نقطة سيرشح للعرض ولكن هذا لا يعني ترشيحه لنيل الجائزة".خلال المعرض تم الاعلان عن اسماء الفائزين، عن المحاور الثلاثة، حيث تضمن كل محور خمس جوائز وهي الذهبية والفضية والبرونزية، وثلاث جوائز للجمعية... وكان الفائزون عن المحور الملون " بالجائزة الذهبية، ضياء عزيز من كربلاء، وغيث حبيب حصل على الجائزة الفضية لمحافظة بغداد، أما جوائز الجمعية حصدها كل من عبد الله تركي من محافظة الانبار، وازهار رحيم عن محافظة كربلاء، حسام حميد الدبي، أما الجائزة البرونزية فحصدها علي عبد الرزاق عن محافظة بغداد".أما محور الخطوط فتضمن الفائزين "الفضية حسين عبد العزيز، والبرونزية تيسير مهدي، وجوائز الجمعية الثلاث لميسر نصير، وحسين العراقي، ومحمد الصواف".
وأخيراً جوائز المحور الاحادي كانت "الذهبية لحسين النجار، والفضية زيد ابراهيم محمد، والبرونزية لحسين نجم، أما جوائز الجمعية فقد قدمت لكل من علي مجيد وحسين كولي ومصطفى تركي".الفائز بالجائزة الفضية عن محافظة بغداد وعن المحور الملون، غيث حبيب قال للمدى "لقد وفقت في مشاركتي في معرض التصوير الفوتوغرافي من خلال مشاركتي بلوحة تعبر عن زحام الطرقات، اقتنصت اللوحة بشكل مميز، وكأني اقف خارج الحدث، وقد يكون هذا ما جعلني مؤهلاً لحصد الجائزة الفضية".
أما الفائز عن المحور الاحادي بالجائزة الذهبية حسين النجار فقال للمدى "أخترت المحور الاحادي لأنه يحمل لمسات الماضي العطرة، ويضيف للصورة شيئاً من الرومانسية والذاكرة، وهذا ما يجعل الصورة اقرب الى روح المتلقي كما أنه يعتمد على مناطق الظل والضوء وهنا يكمن الفن، لذا حاولت أن اجتهد لأقدم افضل ما لدي من خلال هذا الاختيار ولقد وفقت والحمد لله".