لم يعد لدى الإدارة الأميركية ما تفعله ضمن تخبطها الحالي، كما يبدو، سوى رمي العقوبات يميناً وشمالاً ضد أي بلد لا تروق لها سياسته الوطنية. وكان آخر مَن وُجهت إليه هذه العقوبات الاستعراضية هو الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي يرفض الإملاءات الأميركي
لم يعد لدى الإدارة الأميركية ما تفعله ضمن تخبطها الحالي، كما يبدو، سوى رمي العقوبات يميناً وشمالاً ضد أي بلد لا تروق لها سياسته الوطنية. وكان آخر مَن وُجهت إليه هذه العقوبات الاستعراضية هو الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي يرفض الإملاءات الأميركية ولا يريد تحويل البلاد إلى حديقة خلفية للولايات المتحدة.
وقد جاءت هذه العقوبات بعد يوم من الإقبال القياسي الذي شهده هذا البلد الأميركي اللاتيني في انتخابات الجمعية الدستورية الوطنية وسط عنف المعارضة المهلك. وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد صنّفت القائد الفنزويلي المنتخب "دكتاتوراً" وجمّدت ممتلكاته المزعومة في الولايات المتحدة.
وبدوره، ردّ مادورو على البيت الأبيض داعياً تلك الخطوة بأنها "تعبير عن العجز واليأس". وأوضح قائلاً، " إنهم ينظرون إلى أميركا اللاتينية باعتبارها كلب أحضان يهز ذيله ويومئ برأسه: نعم. وخطوتهم هذه رد فعل انفعالي لأن الشعب الفنزويلي ورئيسه لم يذعنا لأمر الولايات المتحدة بإيقاف جمعية الدستور الوطني. وأنا لا أطيع الأوامر الأمبريالية، وأكثر من هذا، ضد أمبريالية الولايات المتحدة".
ردود أفعال مختلطة وتأتي العقوبات في أعقاب الانتخابات الأخيرة التي شارك فيها 8,089,4320 فنزويلي، وهو رقم تجاوز عدد المصوتين لانتخاب مادورو عام 2013. وقد قامت واشنطن خلال مرحلة التوجه إلى الانتخابات بفرض عقوبات على عدد من المسؤولين الفنزويليين الكبار وهددت بـاتخاذ "إجراءات اقتصادية سريعة وقوية" إذا مضت قدُماً المبادرة الهادفة إلى إعادة رسم دستور جديد لفنزويلا. وبالرغم من الاقبال الواسع على الانتخابات، رفضت وزارة الخارجية الأميركية الاعتراف بذلك، وتبعتها دول متحالفة مع الولايات المتحدة، مثل كندا، وإسبانيا وبريطانيا، والأرجنتين، وبيرو، والمكسيك، وكولومبيا. كما أعرب الاتحاد الأوروبي بالمثل عن "شكوكه في ما يتعلق بالنتيجة".
أما روسيا، فقد أبعدت نفسها عن هذا الكورس الدولي الرافض لنتيجة الانتخابات. وقال وزير الخارجية الروسية، "إننا نأمل أن هؤلاء الأعضاء في المجتمع الدولي الذين يرفضون نتيجة الانتخابات الفنزويلية ويزيدون في الضغط الاقتصادي على كراكاس سيشجبون هذه الخطط التدميرية التي يمكن أن تزيد في حدة الاستقطاب في المجتمع الفنزويلي". وفي غضون ذلك، قدمت الحكومات الإقليمية اليسارية مثل بوليفيا، والسلفادور، ونيكاراغوا، تهانيها لفنزويلا على الانتخابات الناجحة. وشجب الرئيس البوليفي أيفو موراليس بوجهٍ خاص موقف المكسيك وكولومبيا اللتين، كما قال، ستفعلان حسَناً "بأن تكون لهما جمعيتهما الدستورية الخاصة .. لتغيير نظامهما الرأسمالي .. "
أما في فنزويلا نفسها، فقد أشعلت النتيجة استنكار تحالف المعارضة اليميني، الذي قاطع الانتخابات بالرغم من الطلبات الرسمية المتكررة التي قدمتها الحكومة للمشاركة فيها، وراح يزعم بأنه كان هناك تلاعب في الأصوات، وهو ما عليه أن يقدم أدلةً على حصوله فعلاً. وقد صرّح حاكم ميراند، هنريك كابرايليس، مرشح التحالف ومنافس مادورو في انتخابات عام 2013، قائلاً "إننا لا نعترف بهذه العملية الاحتيالية، وهي بالنسبة لنا باطلة"، داعيا مؤيديه إلى "التنفيس عن غضبهم" في الشوارع. وقد سقط 11 قتيلاً في عنف ما بعد الانتخابات الناجم عن ذلك.وقد أعلن مراقبو الانتخابات الدوليون أن عملية الانتخاب كانت شفافة. وقال مجلس الاختصاصيين الانتخابيين لأميركا اللاتينية في بيانٍ له إن الفنزويليين "قد توافقوا على طريقة مدنية وسلمية لممارسة حقهم للتصويت في انتخابات حرة، وعمومية، ومباشرة، وسرية كما هو معبَّر عنه في المادة 63 من الدستور البوليفي".
حصيلة العنف التخريبي
وكانت فنزويلا قد شهدت قبل الانتخابات العديد من حوادث القتل التي جرت في ولاياتها المختلفة لأسباب بعضها مجهول، وراح ضحيتها مدنيون وموظفون حكوميون من الشرطة والقوات المسلحة. وعلى مدى يوم الانتخابات، قامت ميليشيات من المعارضة بمحاصرة 200 مركز تصويت في مختلف أنحاء البلاد، وفقاً لوزير الدفاع فلاديمير بادرينو لوبيز. كما تعرض كارافان لتفجير أُصيب فيه العديد من الشرطة بحروق مختلفة. وهو الحادث الثاني من نوعه في شهر الذي استخدمت فيه أدوات تفجيرية كبيرة المستوى في تشاكاو، الضاحية الشرقية الغنية من العاصمة. ففي يوم 10 تموز الماضي، أُصيب سبعة من موظفي الحرس الوطني في انفجار مماثل من النوع الذي يتم عن بُعد. وإجمالاً، فإن وزارة الداخلية أعلنت في تقرير لها أن 21 رجل أمن من الولايات أصيبوا بجروح في إطلاق نار على مسار ذلك اليوم، واعتُقل حوالي 50 شخصاً لقيامهم بهجومات على عسكريين في اليوم نفسه.
عن/ venezuelanalysis