TOP

جريدة المدى > عام > قبوٌ مُخمَّرٌ بنبيذ الألْفةِ

قبوٌ مُخمَّرٌ بنبيذ الألْفةِ

نشر في: 14 أغسطس, 2017: 12:01 ص

IIقلقٌ مهذبٌفي قَبْوِ الشقيَّةِ:ألْمعْبدُ القَبْو أنيسٌ. مؤنِسٌ لي. هل أدخلُ؟قدماي ترتجفانِ، رُكْبتايْ تصطكَّان. أفْتَقِدُ كتابَ الأُخْذَةِ. سقطَ مني عند عطفةِ صخبٍ في نهر غوتنبورغ. معي القليل من بَخورِ المُرِّ طازجاً: دارْسين، حَفْنَةَ زعفران عنبرٌ

II

قلقٌ مهذبٌ
في قَبْوِ الشقيَّةِ:
ألْمعْبدُ القَبْو أنيسٌ.
مؤنِسٌ لي.
هل أدخلُ؟
قدماي ترتجفانِ، رُكْبتايْ تصطكَّان.
أفْتَقِدُ كتابَ الأُخْذَةِ. سقطَ مني عند عطفةِ صخبٍ في نهر غوتنبورغ.
معي القليل من بَخورِ المُرِّ طازجاً:
دارْسين،
حَفْنَةَ زعفران
عنبرٌ تَرِفٌ
ومرْطبان من صَمغِ المُرّ.
في القبو رائحة الغابة.
بجسارتي أُطيِّبَهُ.
خرزةُ الهُنمة أعلَّقُها على حائط القبو.
هُنْمةٌ مُقفلةٌ طلاسمها.
الشقيةُ العدَّاءةُ لا تدري أن أنفاسَ حَيْرتي استكانت.
********
هنا شبَّاكها،
واشتباكها.
هنا
فِتْنة عُزلتها،
هنا مُفارقاتي وليس
في مكان آخر .
أهذا القبو يُحاكي خيالي،
أم خيالَ الكستنة؟!
ألهذا القبو وميضَ غِوايةٍ،
أم وميض المنفيِّ؟!
أهذا القبو آخرُ عبثٍ لأقداري؟
ـ أقدارُ لعنةٍ!!
أهذا القبو،
غارٌ هاربٌ من  "وادي صَبْنا"؟
أهَبَطَ كنيزكٍ خجلٍ على بلدِ
الخبز الشهي؟
******
ساكنةُ القبو شقيَّةٌ.
أعرفها
أوْشحتها تشدُّ رجفةَ عَضلي .
********
ولِكلِّ احتشامٍ مدائحٌ تُرْتجى
أتْلوها مزاميرَ على قُبَّةِ شفتيْها.
أتلوها فيروزاً على ذؤاباتِ الجدائلِ.
أتلوها قُبلةً تشققت على كفَّيْها.
أتلوها:
عاكفٌ أُوْجِعُ الكُمَّثرى.
إنها
تعشقُ
الأوْشِحة.
*******
قبوها  مغارةٌ نُحِتت بحدوةِ  
هلالٍ
مرتعش
رماها
قلبي
من أقصى
"بصرياثا"
فتلقفتها
الشقيةُ
من أعلى
جبلٍ
يصونُ الأقدارَ في "ديونيسياس".
**********
ولكلِّ مشيئةٍ نشيدٌ يُتلى فاقتربْ
كأيِّ شريدٍ بصدرٍ مكشوفٍ للطَعَنات.
المشيئاتُ تُستنسَخُ كحكاياتِ مهمومينَ
ينحتونَ نسيانهم على ريحِ الهزائمِ.
المشيئاتُ أقدارُ العاشق:
العاشقُ الأوفى قدراً من كلامه،
المعسول بالملذاتِ،
هو العاشق.
العاشقُ الأجدرُ نحْتاً لوصفِ فكرته
عن مجدِ الجُلَّنار
هو
العاشق.
العاشق الأجدر في مديحِ
فسائلِ نخلاته
هو
العاشق.
العاشق الأجدرُ في تعميدِ مدائحه
بنبيذِ النسيان
هو
العاشق.
وأنتَ العاشقُ الأجْمَلُ مُذْ تركتَ
هذيانَكَ في وادي "صَبْنا".
******
يا هُدْهدُ
أَقْبِلْ،
ضيفكَ الكِلداني وصل.
ياحمام "الريَّانِ"، هل لعاشقِ "صَبْنا" دربٌ يشق
برجفةِ غزالته إلى شروقِ "جَبْرانُوي".    
********
صباح الخيرِ لافندرتي.
شايُكِ الصباحي خدَّرته بإبريقٍ فخارٍ ساهٍ.
أجدادنا، فخروه من طينِ الحزن.
يكتمونَ أنيننا الملكي.
يُضيِّقونَ المضيقَ المرتجف بين أجفاننا،
فيسقطُ القلقُ في جُبِّ النسيان.
لن أعبثَ  بالضياء الساقط على سريركِ المذروِّ.
أذاكَ الكُرْسيُّ، الخشبي،
في قبوكِ
الذي يُآلِفُ بين أريكتين،
هو لي؟
*********
قيثارتُكِ
كئيبة؟
ما مِنْ غريبٍ يُدَوزنَها.
مُدرَّجاتُ "الأودْيون" مرفوعة مثلَ بشْروشِ رشيقِ.
يشتاقَ الجمهورِ إليكِ.
اصعدي بقيثارتكِ سلالِمَ الأسلافَ،
ولا تكْتَرثي.
صارمةً كالسوناتا
يشتاقُ العشاق إليكِ.  
********
وحدها أناقةُ الموسيقى
تُرجِّفُ "هارموني" أناملَكِ.
وحدي في آخر المُدرَّجات.
وحدي
ومْضَةُ
اللحن
المتأخر
من دمعة الناي.
********
دُو: دوري. ارفعيني سعفةً.
أَكْمِلي دورةَ القُرْبانِ الأشدِّ بياضاً.
رِي: ريشُ طاووسكِ قنَّاصُ وميضي،
وعذابيَ ملْهاةٌ.
مِيِ: مياهُكِ تَفْضَحُ رجفةَ فناري.
أَموجُ فيفوحُ زنجبيلُ دمي.
فَا: فارِهةٌ. ما أجملكِ. مُهْرةُ مملكةٍ.
ثمَّتَ من يُوصلني إليها.
صُول: صوِّلي بحَّتي.
لكِ مُعْتكِفٌ حتى صعودي المُر.
لا: لا تثقي بصُبَّارٍ من عطَشِ البحرِ يرضع.
ثقي بقسْوتي.
سِي: سينزفُني ترفُ شقائكِ.
اطْويني بِلُبَّادِ أهْدابكِ.
لا مجنونَ إيَّاي.

نصٌّ من ديواني "مهب الرمية الغامضة" الصادر حديثاً عن دار شهريار البصراوية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بورخيس،هايزنبرغ وإيمانويل كانت

نص ونقد.. العبور والانغلاق: قراءة في قصيدة للشاعر زعيم نصّار

موسيقى الاحد: عميدة الموسيقيين

الكشف عن الأسباب والمصائر الغريبة للكاتبات

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

مقالات ذات صلة

يحيى البطاط: الشعر والرسم طريقان لمعرفة العالم، أو لتسكين الذات
عام

يحيى البطاط: الشعر والرسم طريقان لمعرفة العالم، أو لتسكين الذات

حاوره علاء المفرجي الشاعر والرسام العراقي، يحيى البطاط خريج جامعة البصرة تخصص رياضيات، حائز على جائزة الصحافة العربية عام 2010، يقيم منذ العام 1995 في الإمارات العربية المتحدة، وأحد مؤسسي مجلة دبي الثقافية، ومدير...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram