اتهمت لجنة الزراعة والمياه البرلمانية العديد من الجهات ومنها وزارة الزراعة بالتقصير وسوء الادارة والتخبط في تفعيل ملف المنتجات الزراعية الستراتيجية التي تدخل في صناعة الكثير من المواد، مبينة أن أسباباً كثيرة أدت الى إهمال وتراجع زراعة تلك المحاصيل، أ
اتهمت لجنة الزراعة والمياه البرلمانية العديد من الجهات ومنها وزارة الزراعة بالتقصير وسوء الادارة والتخبط في تفعيل ملف المنتجات الزراعية الستراتيجية التي تدخل في صناعة الكثير من المواد، مبينة أن أسباباً كثيرة أدت الى إهمال وتراجع زراعة تلك المحاصيل، أهمها سياسة اغراق السوق التي لم يوضع لها حدّ حتى الآن وعدم تفعيل قوانين حماية المنتج والتعرفة الكمركية، الى ذلك أكد خبير في الشأن الاقتصادي، أن الفساد المالي والاداري خاصة في المنافذ الحدودية، أثر الى درجة كبيرة جداً في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلد، وقوّض العديد من المبادرات لتفعيل الجانب الزراعي للمحاصيل الستراتيجية وغيرها.
وكانت الحكومة العراقية قد أطلقت مبادرة شاملة للنهوض بالواقع الزراعي بالبلاد في آب من العام 2008، فيما حددت سقفاً زمنياً قدرهُ عشر سنوات لبلوغ العراق مرحلة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الستراتيجية، حيث شملت المبادرة دعم الفلاحين بالبذور والأسمدة والمبيدات الزراعية، واستصلاح الأراضي وضمان شراء الإنتاج من المحاصيل الستراتيجية بأسعار السوق، إضافة إلى تخصيص صناديق إقراض متنوعة منها صندوق تنمية النخيل القائم منها والجديد، وصندوق تقنيات الري الحديثة، وصندوق الثروة الحيوانية، وصندوق لأغراض دعم المشاريع الستراتيجية، وصندوق إقراض صغار الفلاحين، فيما لم يشهد العراق تطوراً حتى الآن أو اكتفاءً ذاتياً من هذه المحاصيل بحسب مختصين.
يقول رئيس لجنة الزراعة والمياه فرات التميمي في حديث لـ(المدى) المحاصيل الستراتيجية كثيرة ومتعددة ومنها ما يدخل ضمن مفردات البطاقة التموينية كالحنطة والشلب، حيث تم تخصيص مبالغ لها في الموازنة الاتحادية، وهو أن تدفع الدولة مبالغ مقابل تسلمها من المزارعين، مستدركاً: أما المحاصيل الصناعية كبذرة عباد الشمس والقطن والذرة والتي تدخل ضمن الصناعات التحويلية، فإن تراجع هذه الزراعات متعلق بأسباب كثيرة منها سياسة الإغراق وارتفاع كلف الانتاج، كما أن عدم التزام الحكومة بتسلمها من قبل الفلاحين يعود لوزارة الزراعة، مشيراً الى أن عدم تطبيق التعرفة الكمركية على البضائع المستوردة سبب آخر من الأسباب التي أدت لعدم الاهتمام بهذه المحاصيل.
ويؤكد التميمي: أن لجنة الزراعة والمياه لديها دوران رقابي وتشريعي، وفي المجال التشريعي كانت هناك الكثير من القوانين سواء النافذة من زمن النظام السابق أو الجديدة التي شرعت في زمن الحكومة العراقية بعد سقوط النظام، لكن هذه القوانين أيضاً كانت ومازالت محكومة باقتصاد السوق ومواضيع العرض والطلب والانتاج، فاليوم لا يوجد إلزام للمزارع على انتاج هذه المحاصيل من قبل الحكومة، كما أن عدم وجود استيعاب وطلب وشراء لهذه المحاصيل جعل الفلاح العراقي يأنف من زراعتها.
ويواصل، اليوم المنتج المستورد سواء من القطن أو غيره والذي يدخل في صناعة الألبسة مستوردة بأقل من كلف انتاجه المحلية للمواد الاولية، اضافة الى كلف انتاج صناعة تحويلية أخرى تتعلق بالأيدي العاملة وكلف الكهرباء والأمور الأخرى، لذلك فإن كل واقع القطاع الزراعي متردٍ سواء أكانت بالمواد التحويلية أم بمواد الخضر والفواكه، والسبب الرئيس يعود الى عدم وجود حماية للمنتج الوطني، مع أن العراق كانت لديه تجربة ناجحة بالاعتماد على هذه المحاصيل في سنوات الحصار الذي فرض على العراق، لكن اغراق السوق وفتح الحدود دون ضوابط هما من أديا الى تراجع هذه الزراعات.
وأكد التميمي: أن لجنته طالبت وقدمت الكثير من التوصيات منها المتعلقة بضرورة توعية المزارع العراقي باستخدام التقنيات الحديثة بالزراعة للبذور، كما طالبنا بحماية المنتج الوطني وتطبيق التعرفة الكمركية وتشديد الرقابة من قبل وزارة الصحة، وأن تقوم بإجراءاتها باتجاه المنتجات الغذائية التي تتعلق بسوء استخدام وتزوير المناشئ اضافة الى دور الكمارك والمنافذ الحدودية وحتى الاجهزة الامنية كونها جهات ساندة لوزارة الزراعة وعليها أن تقوم بدورها، مستطرداً: في وقت نحن لا ننفي وجود تخبط وتقصير وسوء ادارة من قبل الزراعة في ادارة ملف المنتجات الزراعية وضبطها واعادة فاعليتها.
الخبير الاقتصادي ماجد الصوري، يرى في حديث لـ(المدى) أن الفساد المالي والاداري خاصة في المنافذ الحدودية يؤثر الى درجة كبيرة جداً في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهنا هي المشكلة الاساسية للبلد التي يجب أن يوضع لها حد، مضيفاً: ولذلك فإن هناك كثيراً من الأمور تتعلق بالتنمية تم اتخاذ قرار بها لكنها لم تنفذ، من جملتها مبادرة البنك المركزي في تخصيص خمسة ترليونات دينار للمصارف المتخصصة في المجالات الزراعية والصناعية والعقارية، وترليون دينار للمصارف الاهلية، لكن لم يتم استغلالها بشكل صحيح حتى الآن، بالتالي فإن هناك عرقلة لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وبيَّن الصوري: أن هناك امكانات هائلة في العراق للبدء بعملية شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية سواء أكانت زراعية صناعية سياحية لو تم الاهتمام بها لجلبت لنا موارد مالية كبيرة، كما أن هناك أيضاً امكانات هائلة لتقليل عملية الاستيراد الموجودة الآن والالتفات الى تنمية القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية من أجل تلبية احتياجات الشعب العراقي، وهذه كلها مسائل تسهم بالنهوض بالمنتج المحلي وعلى جميع الصعد وتعظم الموارد المالية للدولة قد طرحت في ندوات كثيرة جداً وفي مؤتمرات، لكنها لم تؤخذ بنظر الاعتبار من المعنيين مما فاقم المشكلة لدينا. ويرى معنيون بالشأن الزراعي، أن العراق بعد عام 2003 لم يضع في الحسبان وضمن خططه المعدّة الاهتمام بمحاصيله الستراتيجية التي تدخل في الصناعات التحويلية، كالقطن وزهرة عباد الشمس الصناعيين، فيما بات محصول الذرة الصفراء هو الآخر على شفا حفرة بعد أن باتت تكاليف زراعته لا توازي ما يقدم من أسعار للفلاح.
وكانت وزارة الزراعة قد تعهدت موخراً في بيان لها، بأنها ستصدر المحاصيل الستراتيجية بعد خمسة أعوام من الآن، مشيرة إلى أن العراق اكتفى ذاتياً من المحاصيل الزراعية من الخضر والفواكه باستثناء التي لا تنتج محلياً، وإن الوزارة تنفذ حالياً مشاريع منها تقنيات الري الحديثة التي تم استيرادها من الخارج وتوزيعها على الفلاحين والمزارعين، الانتهاء من هذه المشاريع سيحول العراق إلى دولة مصدرة للمحاصيل الستراتيجية بعد خمسة أعوام من الآن.