يستمر النظام الحاكم في جمهورية كوريا الديمقراطية، (الشمالية)، في إبقاء حضوره الدولي بارزاً للعيان من خلال التلاعب بأعصاب الولايات المتحدة الأميركية، الدولة الأقوى في العالم. ويمارس النظام لعبته هذه انطلاقاً من إدراكه أن الإدارة الأميركية ستفكر ألف مر
يستمر النظام الحاكم في جمهورية كوريا الديمقراطية، (الشمالية)، في إبقاء حضوره الدولي بارزاً للعيان من خلال التلاعب بأعصاب الولايات المتحدة الأميركية، الدولة الأقوى في العالم. ويمارس النظام لعبته هذه انطلاقاً من إدراكه أن الإدارة الأميركية ستفكر ألف مرة، وليس أكثر من مرة، قبل أن تنفذ تهديداتها ضد هذا البلد النامي المتنامي القوة. فالذي فيها يكفيها، كما يقال. وقد جعلتها تلاعبات بيونغ يانغ، وتخبطاتها في الشرق الأوسط، وعقوباتها الاقتصادية هنا وهناك، هُزأة أمام العالم.
ولم يجد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أخيراً ما يفعله لاستعادة شيء من هيبة واشنطن المتآكلة سوى تسخين تهديداته، كتصريحه الاستعراضي القائل مؤخراً بأن قواته جاهزة للتعامل مع كوريا الشمالية، وأنها هذه الدولة " سوف تُقابَل بنار وغضب لم يشهدهما العالم من قبل"! وقد ردت كوريا الشمالية، زيادةً في التحدي، بأنها " تفحص بعناية" خطة لضرب جزيرة غوام، حيث توجد أكبر قاعدة أميركية في العالم. و"ستوضع الخطة في التطبيق بطريقة متعددة الاتجاهات ومتعاقبة في أي لحظة"، كما قال متحدث رسمي باسم النظام الكوري الشمالي، وفقاً لما جاء في مقال نيك ألين من واشنطن المنشور في صحيفة التلغراف اللندنية.
وكان تطوير رأس حربي مصغر يُعتبر حاجزاً تكنولوجياً بارزاً على كوريا الشمالية تجاوزه كي تجعل هجوماً نووياً على الولايات المتحدة أمراً ممكناً. وجاء الكشف عن أن ذلك قد تم على هذا النحو في تقرير لوكالة مخابرات وزارة الدفاع الأميركية جرى تسريبه لصحيفة واشنطن بوست. وأعلن مسؤولون أميركيون بعد ذلك بأيام أنهم يعتقدون بأن كوريا الشمالية ستمتلك القدرة للقيام على نحوٍ ناجحٍ بإطلاق صاروخ نووي عابر للقارات وعالي الكفاءة في السنة القادمة. وسوف يزيد التطوير الأخير الضغط على الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليقرر كيف يرد على التهديد المتنامي. وجاء في التقرير "أن الدوائر الاستخبارية تخمّن أن كوريا الشمالية أنتجت أسلحة نووية لإيصال القذائف الباليستية، لتشمل الإيصال بواسطة القذائف من درجة العابرة للقارات."
ولا يُعرف حتى الآن إن كانت كوريا الشمالية قد اختبرت بنجاح تصميم الرؤوس الحربية المصغرة. وكانت قد زعمت في السنة الماضية أنها اختبرت مثل هذه الأداة لكن الخبراء ظلّوا متشككين في ذلك. وفي اليوم الذي أُعلن فيه التقرير الأميركي قالت اليابان أيضاً أنها تعتقد بأن كوريا الشمالية يمكن أن تكون قد طورت رأساً حربياً نووياً مصغراً. وأضافت في الـ White Paper السنوية لوزارة الدفاع "أن من الممكن أن تكون كوريا الشمالية قد أنجزت الآن تصغير الأسلحة النووية وأصبح لديها رؤوس حربية نووية. " وقال حاكم غوام مطمئناً المقيمين في الجزيرة بعد التهديد الكوري الشمالي، "منذ السنة الماضية، حين نفّذت اختبارين نوويين و إطلاق أكثر من 20 قذيفة بالستية، دخلت تهديدات الأمن مرحلة جديدة."
وكانت كوريا الشمالية قد أجرت، في الشهر الماضي، اختبارين للقذائف العابرة للقارات، يُظهران صف الأهداف المحتمل ضربها في الولايات المتحدة. وقد فرضت الأمم المتحدة أشد عقوباتها حتى الآن على كوريا الشمالية، التي ردت بأن العقوبات لن توقفها عن تطوير مخزونها النووي، رافضةً المناقشات ومهددةً بغضب بالانتقام من الولايات المتحدة.
وقد امتدح الرئيس الأميركي ترامب عقوبات الأمم المتحدة، قائلاً في تغريدة له، "بعد سنوات من الإخفاق، تأتي البلدان معاً للتحدث أخيراً عن الأخطار التي تشكلها كوريا الشمالية. وعلينا أن نكون أشداء وحاسمين." وقال إن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة للتعامل مع التهديد الكوري الشمالي.
أما ريكس تيليرسون، وزير الخارجية الأميركي، فقد ترك احتمال الحوار مفتوحاً، قائلاً إن واشنطن يمكنها أن تتحدث إلى بيونغ يانغ إذا أوقفت اختباراتها المتعلقة بالقذائف الصاروخية.
عن التلغراف