أثار دخول التقنية الرقمية عامل الفيلم الروائي الطويل مع ظهور موجة (الدوغما) منتصف التسعينيات من القرن الماضي على يد عدد من المخرجين الدنماركيين، حماسة الكثير من صناع الأفلام الذين وجدوا فيه فرصة للتحرر من سطوة الانتاج الباهظ والتوزيع الاحتكاري خاصة مع استخدام هذه التقنية الجديدة وحضورها الواضح في الانتاج السينمائي العالمي، بل واعتلائها عن جدارة منصّات الفوز في المهرجانات السينمائية العالمية، والتي خصص البعض منها – نعني المهرجانات – اقسام مسابقة خاصة لأفلام الديجيتال. وكان المخرج المثابر محمد خان، قد نال سبق اخراج اول فيلم روائي عربي بكاميرا الديجيتال وهو فيلم (كليفتي) الذي دشن فيه مرحلة جديدة في السينما العربية، والذي ربما سيكون دافعاً لشباب السينما العراقية في تحقيق طموحاتهم التي غالباً ما تعترضها القواعد التقليدية الصارمة لصناعة الفيلم، والتي لاتتناسب مع امكاناتهم الانتاجية. ولعلّ الاهتمام المتزايد بالأفلام المصنوعة وفق هذه التقنية ربما يكون احد الحلول المطروحة لإعادة الحياة للسينما العراقية والنهوض بها بعد سنوات من التهميش والاقصاء المتعمد في ظل المؤسسة الثقافية السابقة، بافتراض أن من الأسباب التي تعيق انطلاقة جديدة للسينما العراقية هو ما يتعلق بالإمكانات المادية من جهة كونها – اي السينما – صناعة أولاً ذلك أن هذه التقنية وخلافاً لكل التقنيات التي دخلت صناعة هذا الفن منذ انطلاقته قبل اكثر من قرن تختزل الكثير من مراحل صناعة الفيلم، وبالتالي توفر الكثير من التكاليف والاستخدامات (التحميض والمواد الخام والطبع وغيرها) وهي الموانع الحقيقية التي تقف في وجه صناعة فيلم بتكاليف أقل.. وهو الأمر الاهم الذي تتميز به هذه التقنية الجديدة باعتبار أن جميع الاضافات التقنية التي دخلت صناعة السينما هي تعزيز واضافة للحلقات الكثيرة التي تسهم في هذه الصناعة..وربما للسبب نفسه عدّ الكثير هذه التقنية بمثابة ثورة جديدة في السينما لاتقل خطورة عن تقنية اضافة الصوت والتجسيم واللون والمؤثر الرقمي لصناعة الفيلم والتي احدثت في حينها انعطافات مهمة في تطور هذا الفن على مدى تاريخه. وكان هذا واضحاً في سيادة افلام من هذا النوع على شباك التذاكر لمدة طويلة، وبعض هذه الافلام انطوت على موضوعات فكرية واثارت جدلاً كبيراً مثل فيلم (آفاتار) أو حتى فيلم (هاري بوتر).
وفي الفترة الأخيرة ذهب صناع السينما كثيراً في إدخال هذه المؤثرات في افلامهم خاصة ما يتعلق باستخدام المجاميع وابتكار بدائل لأمور لا يستطيع أن ينهض بها الانتاج إلا بأعباء مادية كبيرة، حتى صار الاستغناء عنها هو الاستثناء وليس القاعدة.
وإن كان في هذه التقنية أحد الحلول المناسبة لاستئناف دوران عجلة السينما، فلأنها ستجعل امكانية اسهام السينمائيين الشباب في خوض غمار تجارب الصنعة السينمائية مع اقصاء الكلف الانتاجية العالية التي تتطلبها الاساليب التقليدية لصناعة الفيلم، خاصة وأنها تتماشى مع التوجه الذي طبع الانتاج السينمائي العالمي والحضور المهم في المحافل السينمائية للأفلام التي تعتمد هكذا طريقة في الصنعة. والمشاركات الأخيرة لعدد من سينمائيينا الشباب في المهرجانات السينمائية العربية بشكل خاص والتي ظفر البعض منها بجوائز مهمة، يضع هذه التقنية كحل ناجع وإن كان بعضاً من حل.
الرقمي.. القاعدة وليس الاستثناء
[post-views]
نشر في: 16 أغسطس, 2017: 03:52 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...