يعرف الذين ألِفوا معارض الفن في اليابان أن الانطباعية إحدى أشهر وأحب حركات الفن الغربي. وقد أتت التسمية من لوحة للفنان الفرنسي كلود مونيه عام 1872 عنوانها " انطباع، شروق الشمس ". وحين عُرضت في باريس عام 1874، اختزل نقاد غير متعاطفين معها العنوان وصار
يعرف الذين ألِفوا معارض الفن في اليابان أن الانطباعية إحدى أشهر وأحب حركات الفن الغربي. وقد أتت التسمية من لوحة للفنان الفرنسي كلود مونيه عام 1872 عنوانها " انطباع، شروق الشمس ". وحين عُرضت في باريس عام 1874، اختزل نقاد غير متعاطفين معها العنوان وصار يُستُعمل اسماً للحركة منذ ذلك الحين، كما يقول سي. بي، ليديل في تقريره هذا.
وقد عُرضت تلك اللوحة حديثاً في معرض " تحف فنية من متحف مارموتان مونيه " الذي أقيم في متحف طوكيو للفن، وسينتقل إلى مدن أخرى على مدى الأشهر المقبلة. لكن اللوحة، للأسف، لم تُسجل للعرض هنا إلا لجزء من المعرض ــ فحين تقرأ هذا عزيزي القارئ، ستكون قد أزيلت. لكن هناك الكثير من اللوحات التي عملها الفنان في فترة الشباب، واللوحات التجريدية تقريباً التي أنجزها في سنواته الأخيرة حين كانت قواه تتضاءل بشكل واضح. وتمثل لوحات الشباب رسوماً كاريكاتيرية بارعة، تصور شخوصاً بملامح مبالغ بها، لكن لا يربطها شيء بالأعمال الانطباعية، التي أعقبتها.
و تميل أعمال الفنان المتأخرة نحو الانطباعية التجريدية، وذلك لكونه قد أنتجها في أواخر حياته. وقد رسمها بعد أن أصاب عينيه الماء الأزرق ــ وهي حالة طبية أثّرت كما هو واضح في إحساسه باللون، إذ تتّسم اللوحات هنا بمسحات أكثر احمراراً. لكن وحشية ضربات فرشاته في الكثير من هذه القماشات تشير أيضاً إلى أنها كانت مجرد تجارب أو محاولات في لوحات انقطع العمل بها سريعاً. بكلمات أخرى، أن هذا المعرض تهيمن عليه لوحات لم يُقصد بها استهلاك الجمهور. وهو أمر ينبغي ألّا يدهشنا، إذ أن لوحات كثيرة جاءت إلى هنا مباشرة من منزل الفنان وقد أوصى بها ابن الفنان، ميتشل مونيه، لمتحف مارموتان مونيه.
ويمكن القول إن أحد أسباب إعطاء لوحة " انطباع، شروق الشمس " هذه اسمها للحركة الانطباعية هو أنها اجتذبت معظم النقد في معرض عام 1874. وكان تعبير " انطباعي " قد استُعمل لأول مرة بطريقة استنكارية قبل أن يتم تبنّيه باعتباره شارة شرف. ومن السهل رؤية ما الذي أدى إلى استنكار هذا العمل. فبالنسبة لنقّاد القرن التاسع عشر، كانت ضربات الفرشاة الخاطفة في اللوحة وأشكالها الموحية ستبدو للناظر كسولة و غير تامة، بل وأن المحيط المجانب للوحة لا فائدة منه. واللوحة تقدم مشهداً لميناء لاهارف في النورماندي العليا، وإذ تبدو بعض أجزائها مؤثرة ــ مثل الشمس الحمراء الساطعة من خلال الضباب، فإن أجزاء أخرى منها تبدو مشوشة.
وكان أحد أهداف الانطباعية هو رسم " العالم الحديث "، أعني المدن، المصانع، القطارات، وما شاكل. ويمكننا أن نرى مونيه يحاول ذلك هنا. لكن المشكلة مع هذه المقاربة هي أن الانطباعية كانت أكثر مهارة بكثير في تصوير تناغمات الطبيعة وليست الأشكال المتغيرة، والخطوط الميكانيكية وألوان الحداثة المتنافرة.