اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كرامة.. على الرف

كرامة.. على الرف

نشر في: 21 أغسطس, 2017: 09:01 م

شهدت مصادفة شجاراً حامي الوطيس بين صيدلانية شابة ورجل رث الهيئة وفهمت من شجارهما ان الرجل يبحث عن حبوب (الكبسلة) وان الصيدلانية ترفض الموضوع بكل تفاصيله لدرجة أن مجرد سؤال الرجل عن الحبوب استفزّها ودفعها إلى طرده خارج المحل.
بعد خروجه من الصيدلية، تفحصت هيئة الرجل.. بدا لي شارد الذهن وكرامته موضوعة عن سابق تصميم على أعلى الرفوف فلا تعني له الإهانة شيئاً ذا بال وإلا لعلا صوته على صوت الصيدلانية عدا أن ادراكه بأنه من (المكبسلين) يجعله هشاً وعرضة للإهانة في أية لحظة من رافضي الظاهرة والحذرين منها.
ذات مرة، سمعنا من أحد المساجين رواية عن شاب أودع في سجن (التوقيف) وهو فاقد الوعي تماماً ومر ما يقارب الإسبوع وهو في عالم آخر لا يصحو إلا دقائق يطلب فيها ماء يشربه ثم يعود إلى عالمه الخاص لدرجة أنّ نزلاء السجن كانوا يسحبونه سحباً إذا طلب أحد الضباط رؤيتهم أو أجرى تعدادا لهم.
وقال محدثنا ان ذلك المكبسل صحا أخيراً يسأل الرجال المتحلقين حوله: (أين أنا؟) وعندما علم انه في السجن أجهش بالبكاء قائلاً: "لم يسأل عني أحد".. زوجتي، أهلي.. وقتها، فكرّ السجناء بان أهله وزوجته يعرفون بأنه مدمن على حبوب الكبسلة وصاروا يتوقعون منه الغياب عنهم بين فترة وأخرى وقد يكونون رافضين تماماً لسلوكه وتبرأوا منه منذ أن صار مدمناً.. دارت أفكار كثيرة في رؤوس المساجين لكن أهم ما تمت مناقشته آنذاك هو أن رجلاً مثل هذا لا يشعر باي خطر يهدد عائلته أو ضرر يصيبها أو عوز يواجهها ما دام غائباً عن الوعي كل هذا الوقت وإذن فوجوده بينهم لا داعي له وسؤالهم عنه لا معنى له.
وبعد أن صارت حبوب الكبسلة تباع في كل مكان وتتسرب ببساطة عبر الحدود مع دول الجوار وأماكن أخرى عديدة وصار (المكبسلون) ظاهرة لا تثير الدهشة والتساؤل بل القرف والازدراء، صار لابد من تطبيق القانون بصرامة ضد من يتعاطى المخدرات ومن يتاجر بها..
أحد رجال القانون المعروفين في العراق طالب باطلاق حملة كبرى ضد مدمني المخدرات داعيا وسائل الاعلام ورجال الدين والمؤسسات التعليمية والتربوية ومنظمات المجتمع المدني الى تكريس جهودها ضد هذا الخطر الداهم الذي يستحق اهتمامهم اكثر من قضايا حقوق الانسان والعنف ضد المرأة وحرية التعبير عن الرأي فالمخدرات داء خبيث سيؤدي انتشاره في الجسد العراقي الى الفتك به ، فلايشكل المدمن خطراً على نفسه فقط بل على عائلته ومجتمعه اذ يجري استغلال بعض المدمنين لاغراض إجرامية وارهابية كما يقود الإدمان البعض الى الانتحار فهم غائبون عن الوعي والادراك طوال أيام تحتسب من عمرهم وتئد آمال عوائلهم في الاستفادة من وجودهم كأيد عاملة ومعيلة أو على الأقل كرمز انساني يمكن اللجوء إليه في اية لحظة لأنه بكامل قواه العقلية وصحوه الذهني لكن المدمن شارد الذهن، قليل الاحساس بمن حوله واضعاً مشاعره وكرامته على الرف وقد يكون هدفا لاستغلال الإرهابيين ، وعندها ، لن يكون شجار الصيدلانية واهاناتها للرجل (المكسبل) كافياً لحماية المجتمع..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram