للصبر حدود، كلمتان يزفرهما من ضاق به المأزق بحثاً عن مخرج آمن يحفظ به كرامته أو يردّ عنه ضرراً يكاد يكلّفه مصدراً معيشياً يؤمّن له حياته إذا ما استعصي حلّه، لكن أن يخرج مدرب بوعي كامل ليضع كرة بلاده أمام خيار واحد "أما العقد أو الاستقالة" برغم أنه لم ينه بعد مهمته الموصوف بها "طارئة"، فإن ذلك يأذن بنعي "المصلحة الوطنية"!
سينبري أكثر من رأي ليصطف مع مدرب المنتخب الوطني باسم قاسم معضّداً مطالبته بضمان حقوق الملاك التدريبي الذي سمّاه اتحاد كرة القدم في ظرف مضطرب عقب إقالة المدرب السابق راضي شنيشل بسبب النتائج السلبية التي أسفرت عنها مباريات الأسود في المونديال، ودعته لطي صفحته قبل ثلاث مباريات من اختتام المنافسة في المجموعة الثانية، ونحن أيضاً نقف الى جانب قاسم وزملائه بضرورة إبرام وثيقة التعاقد معهم، لكن هل الواقع الراهن مهيّأ لاتخاذ هذا الإجراء، وما المتغيرات الجذرية التي حدثت في هيكلية المنتخب وستراتيجيته الخططية وأسلوبه الخاص بعد صدمة الانتكاسات المتوالية في التصفيات؟!
ربما يطول الشرح للرد على تلك التساؤلات بعد تجاربه الثلاث مع الأردن وكوريا الجنوبية ودياً ومع اليابان رسمياً، لاسيما أن الخلاصة الفنية لا ترتبط بمعطيات ما نرمي إليه بشأن شكل العلاقة بين باسم قاسم واتحاد الكرة حتى 5 أيلول المقبل، بعد الفراغ من إلتزامه "الطارئ" أمام الإمارات في الأردن، فلا يرغب الجميع العودة الى شرنقة العقد ومحتوياته وفيما إذا سيكون ملزماً على الاتحاد الاستمرار مع الملاك التدريبي عاماً كاملاً أو نصف العام حسب متغيّرات الواقع العراقي، ولنا في مشكلات الاتحاد مع مدربين سابقين أمثال زيكو وحكيم شاكر وراضي شنيشل، دروسٌ مهمة لجأ الاتحاد لكتم أصوات معارضي نهجه من مدربين ومحللين وإعلاميين وجماهير بمؤتمرات توقيع العقود، ولم يفلح مرة واحدة في حفظ حقوقه والمال العام وخاصة في قضية زيكو.
قضية باسم قاسم تختلف ظرفياً ومستقبلياً، الرجل تحمّل سنوات طوال تجاهل اتحاد الكرة لكفاءته حتى في أوج عطائه مع ناديي الزوراء والقوة الجوية كان الفيتو جاهزاً ضده، ومع أنه نال استحقاقه متأخراً، لكنه رام تسريع تثبيت قدميه على أرض الاتحاد خشية أي انقلاب يصادفه إذا ما خرجت مباراتا تايلاند والإمارات عن سيطرته، فلا أمان للكرة، سبق وأن دفع مدربون يعدون أساتذة قاسم، ثمن مكرها إذا ما شاء القدر أن نخسر بنتيجة ثقيلة وفق حسابات رد الاعتبار لكرتي الغريمين وهما يتحيّنان الفرصة مثلنا لمصالحة الجماهير قبل وداع التصفيات.
اتحاد كرة القدم خضع لتهديد باسم قاسم العلني " أما التعاقد أو الانسحاب"، هذه حقيقة لا تقبل الجدل، ولا دخل لعروض الأندية وإلحاحها في إحراجه لعدم وجود استحقاقات كبرى للأسود حتى اختتام مونديال روسيا 2018، ولذا يتحمل الاتحاد كل تبعات قراره ، طالما بقي يتعامل مع المدربين بلغة العواطف ويتناسى طاولة التقييم المنصف لما يقدمونه، وكان على الطرفين الجلوس إليها بعد 5 أيلول بمكاشفة تبيّن ما للمدرب وما عليه قبل أن تورطهما ورقة صغيرة.
تهديد مدرب الأسود
[post-views]
نشر في: 22 أغسطس, 2017: 04:13 م