تكلمت الأسبوع الماضي عن عازف كمان ماهر قدم مع بيتهوفن سنة 1803 العرض الأول لسوناتا كرويتسر الشهيرة، هو جورج برجتاور. جورج اوغسطس بولغرين برجتاور (1778 – 1860) هو ابن لرجل من الهند الغربية (لعلّه من الباربادوس) وام بولونية، ولد في مدينة بياوا ال
تكلمت الأسبوع الماضي عن عازف كمان ماهر قدم مع بيتهوفن سنة 1803 العرض الأول لسوناتا كرويتسر الشهيرة، هو جورج برجتاور. جورج اوغسطس بولغرين برجتاور (1778 – 1860) هو ابن لرجل من الهند الغربية (لعلّه من الباربادوس) وام بولونية، ولد في مدينة بياوا البولونية. كان أبوه يعمل لدى الأمير المجري ميكلوش (نيكولاي) أسترهازي الذي عمل عنده يوزف هايدن كذلك.
برع الابن بالعزف على الكمان في سن مبكرة، ويبدو أنه لاقى الاهتمام والتعليم الكافيين في قصور وبلاط الأمير أسترهازي، فقد كان يتكلم خمس لغات بطلاقة. قدم أولى حفلاته في باريس وهو يافع سنة 1789. عندها كتبت عنه صحيفة لو مركور دو فرانس: "موهبته هي واحدة من أفضل الأجوبة على الفلاسفة الذين يتمنون حرمان الشعب الذي يتحدر منه والناس الذين يحملون نفس لون بشرته من فرصة تمييز أنفسهم في حقول الفنون " في عبارة مثيرة للاهتمام بسبب نفسها المعادي للعنصرية التي لا تزال متفشية حتى اليوم في اوروبا في حدود معينة".انتقل الى انكلترا حيث جرى "تسويقه" بأنه ابن الأمير الأفريقي، وهو ضرب من الدعاية واثارة الفضول والاهتمام في انكلترا التي حكمت نصف العالم في ذلك الوقت، ويبدو أن أباه كان بارعاً في ما يسمّى اليوم بفن العلاقات العامة. فقد قدم حفلاً في مدينة باث في شتاء سنة 1789 بحضور 550 مدعواً بينهم الملك جورج الثالث. وكان برجتاور من الموسيقيين الذين رافقوا هايدن في العزف خلال تواجده في لندن في بداية التسعينات. ثم أصبح برجتاور عازف الكمان الأول في فرقة الملك جورج الثالث الخاصة بين 1795 - 1809. خلال ذلك زار أمه في دريسدن صيف سنة 1802، حيث قدم حفلات ولاقى نجاحاً كبيراً، ومنها انتقل الى فيينا ربيع 1803 وهناك تعرف على بيتهوفن وعزف معه في قاعة آوغارتن بفيينا العرض الأول لسوناتا كرويتسر في حضور عدد من النبلاء. لم تكن السوناتا مكتملة حتى عند تقديمها، إذ قام برجتاور بقراءة نوطة الحركة الثانية التي كتبها بيتهوفن على عجل من النسخة على البيانو وهو ينظر من فوق كتف بيتهوفن. أما الحركة الثالثة فكان بيتهوفن قد كتبها لسوناتا أخرى قبل عام. لاقى العرض نجاحاً ليس له نظير، وخلال الاحتفال بالأمسية وبتأثير النجاح الذي حققاه، قال بيتهوفن أنها سوناتا المولاتو المجنون (بالإيطالية مولاتيكو لوناتيكو، والمولاتو هو الهجين) في تعبير غير مهذب. عندها حصل برجتاور على شوكة بيتهوفن الرنانة مثلما ذكرت في كلمتي السبت الماضي. لكن علاقته مع بيتهوفن ساءت، فأهدى بيتهوفن السوناتا الى كرويتسر (عازف كمان فرنسي شهير) وليس برجتاور الذي أسهم في ادخال تعديلات بسيطة عليها، مع أن بيتهوفن لم يتقبل ذلك من أحد عادة.عاد برجتاور الى انكلترا، حيث أصبح موسيقياً مهماً حاز على احترام الوسط الموسيقي والمهتمين بالموسيقى، وانتخب عضواً في الجمعية الملكية للموسيقيين سنة 1807، وحصل في 1811 على درجة أكاديمية في الموسيقى من جامعة كمبردج، ثم حصل على تزكية لعضوية الجمعية الفيلهارمونية الملكية البريطانية في 1817.