بالتزامن مع دعوة رئيس الوزراء حيدر العبادي اثناء افتتاحه أحد المجمعات التجارية الضخمة (مول بغداد) بالعاصمة بغداد السبت الماضي، لرجال الأعمال الى الاستثمار في مختلف القطاعات ، أكد تصنيف لمؤشر "بازل" لمكافحة غسل الأموال الذي يصدره معهد بازل للحوكمة في
بالتزامن مع دعوة رئيس الوزراء حيدر العبادي اثناء افتتاحه أحد المجمعات التجارية الضخمة (مول بغداد) بالعاصمة بغداد السبت الماضي، لرجال الأعمال الى الاستثمار في مختلف القطاعات ، أكد تصنيف لمؤشر "بازل" لمكافحة غسل الأموال الذي يصدره معهد بازل للحوكمة في سويسرا نشر أمس الاثنين ، بشأن البلدان الأكثـر خطرا على الاستثمار، وذلك وفق نسبة المخاطرة والمجازفة في الاستثمار لعام 2017، فقد تم استبعاد سوريا والعراق ودول أخرى من التصنيف، لكونها دولاً فاشلة في جذب واستقطاب الاستثمارات الأجنبية بسبب الفساد والحروب التي تشهدها هذه الدول.
مختصون بالشأن الاقتصادي أكدوا إن دعوة رئيس الوزراء وما سبقها من دعوات لا يمكن أن تحرك شيئاً مالم يتم التحرك على تحسين بيئة الأعمال في العراق، فيما وقت اقترح خبير اقتصادي تشكيل لجنة ذات مستوى عال ترتبط باللجنة العليا للاستثمار التي يرأسها رئيس الوزراء، تقوم بدراسة التحديات وتذليلها، كما تقترح الحلول وتتابع تنفيذها، وتبين أهمية الاستثمار في القطاعات الصناعية والزراعية والصحية وحتى قطاعي النقل والسكن لأنها مصار دخل للبلد، على خلاف الاستثمار في المولات التي تعد نشاطا مستهلكا للاقتصاد العراقي، مشددا ضرورة أن تقدم الحكومة ضمانات للمستثمر فبدونها لا يمكن الاستثمار في العراق.
يذكر أن معهد بازل للحوكمة، يعد مركزا مستقلا غير ربحي متخصص في دراسة مكافحة الفساد والحوكمة العامة وغسل الأموال، وإنفاذ القانون الجنائي، واسترداد الأصول المسروقة.
الخبير الاقتصادي عامر الجواهري أكد في حديث لـ(لمدى)، انه لا يمكن أن يتحرك شيء مع كل هذه الدعوات اذا لم يتم التحرك على تحسين بيئة الأعمال في العراق، وأول خطوة لذلك هي البشر، فالقدرات البشرية يجب أن تكون مرنة في التعامل والقضاء على الروتين والبيروقراطية، ويجب أن يكون بهذا الجانب توجيه وندوات، كما اقترح لمعالجة الوضع ان تشكل لجنة ذات مستوى عال تسمى لجنة بيئة الاعمال ترتبط باللجنة العليا للاستثمار التي يرأسها رئيس الوزراء، وهذه يجب أن تنظر الى كل التحديات والمعوقات وتقوم على تذليلها كما إنها تقترح الحلول وتتابع وتنفذ، وليس فقط تقترح لأن العراق امتلأ مقترحات .
ويرى الجواهري ان تصريح المسؤولين العراقيين لجلب المستثمرين فقط لا يكفي، لان الحقيقة أن اصحاب الاعمال لديهم مجساتهم، فاليوم أي مستثمر يراجع مسجل الشركات ويرى الاستعلامات كيف تتعامل مع المواطنين، يجد أن هناك اسلوبا غير مُرحب بالمواطن حتى كأنه يستجدي عطف هؤلاء، وهو أمر غريب لأن الامور لا تعالج بهذه الطريقة، مستدركا بالقول : ان العمل في العراق يحتاج الى اجراءات حقيقية على ارض الواقع وليس دعوات وتنظير ومقترحات، فالعلاج يجب أن يثقف الناس والموظفين وحتى العاملين في القطاع الخاص بكيفية التصرف والتعامل في دوائر الاستثمار لاستقبال المواطنين بوجه رحب وتعامل لين.
من جهة اخرى يقترح الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث لـ(لمدى)، ضرورة وجود مناطق خضراء للاستثمار وهي أشبه بالمناطق الحرة يحصل من خلالها المستثمر على الارض الجاهزة للاستثمار ذات مساحات معروفة ومسيجة تتوفر فيها الخدمات، ذات نشاط يمكن أن تحدده هيئة الاستثمار أو الهيئة العامة للمناطق الحرة وهذه المساحات تكون محمية من قبل الدولة وهنا يمكن للحكومة تطبيق فقرة النافذة الواحدة ضمن هذه المناطق المحصورة، لأن النافذة الواحدة حاليا غير موجودة بالقانون و غير مفعلة وغير واقعية بسبب عدم انصياع دوائر الدولة لقانون الاستثمار بسبب وجود قوانين قديمة داخل دوائر الدولة هي التي تسري بدلاً من قانون الاستثمار.
ويؤكد علي، على أهمية العمل لتسريع و تمشية المعاملات وتذليل بعض المشاكل التي تواجه المستثمر منها الابتزاز من جهات نافذة حتى إن الحصول على قطعة أرض قد يأخذ منه شهورا، ويتابع : إن كل هذه الأمور تعد معوقات تواجه المستثمر وتجعله يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على الاستثمار في العراق، مسترسلا بالقول : كما انه وفي ظل ذلك من الصعب جداً الاستثمار في العراق بمشاريع صناعية أو زراعية، ويبقى الاستثمار يقتصر على مشاريع المولات كونها غالبا ما تكون على أرض صرف أو تؤخذ من الدولة بإيجارات عالية، وهذه الاستثمارات لا تخدم الاقتصاد الوطني بل هي نشاط مستهلك للدخل العراقي بل ويحول الأموال العراقية للخارج.
ويختم الخبير الاقتصادي بالقول: ان الاستثمارات الصناعية والزراعية والصحية والنقل اضافة الى الاستثمارات في قطاع السكن كل هذه تعتبر مصادر دخل للبلد، مستطردا: لذلك فان دعوات الاستثمار هذه يجب أن تكون مقرونة بإجراءات ويجب على الحكومة أن تعمل على بث رسائل تطمئن المستثمر بأن هناك اجراءت جديدة سوف تطبق على أرض الواقع وأن يعطى سقفاً زمنيا لإنجاز الاجازة والأرض للمستثمر، لأن كل المستثمرين الذين جاءوا للعراق اصطدموا بالروتين الحكومي وعدم تجاوب دوائر الدولة وكذلك الابتزاز الذي تعرضوا له، لذلك وبدون ضمانات حقيقة لا يمكن الاستثمار في العراق.
ويرى معنيون بقطاع الاستثمار في العراق إن الحديث عن معوقات الاستثمار كان ولازال قائما منذ 2003 وحتى الآن دون وجود حلول تذكر، حيث تمتنع الدوائر الحكومية المختلفة عن اجراء التسهيلات التي تساعد على تنفيذ المشاريع الاستثمارية، وماتزال ظاهرة الفساد المالي والاداري منتشرة بشكل كبير سواء من خلال التلاعب بالقوانين والالتفاف عليها ما أدى الى زيادة الرشوة والفساد و إعاقة ذلك للاستثمار والتنمية ،ومعاناة دوائر البلدية والضريبة والكهرباء والماء والمجاري من آفة الفساد، مع ضعف ثقافة الاستثمار عند المواطنين، والخلل في الانظمة المصرفية الحكومية وعدم تعاونها في دعم قطاع الاستثمار والمستثمرين، ناهيك عن هيمنة القطاع العام على معظم الاستثمارات الكبيرة في البلد وعدم السماح للقطاع الخاص في الاستثمار.