منذ أن انغمس عشقي للصحافة بمساهمات دؤوبة على مطاردة الحدث والقبض على أبرز المؤثرين فيه وإيداعهم زاويتي الرأي والتحليل في جريدة الجماهير الكويتية عام 1985 وجريدة الرياضي العراقية عام 1987 وغيرهما من الصحف والمجلات المحلية والعربية، كان المشهد الكروي الخليجي محطّ متابعة نهمة لاسيما مع اقتراب دورة التقارب التي نرى فيها لقاء " الأقارب " أكثر ما هم رياضيون ينفقون مئات وآلاف ثم أصبحت ملايين الريالات والدراهم والدنانير طمعاً بالوصول إلى منصة التتويج بكأس الخليج العربي التي استودعت 22 نسخة منها عبر تاريخ ثري بالمواقف والأبطال في صحف وأشرطة خالدات.
لا أبالغ حين أتصوّر ذلك المشهد بأنه انعكاس مصغّر لواقع التعايش الخليجي النادر والمختلف كلياً مع جميع الدورات والبطولات الجارية في أرجاء القارات الست لخصوصية ما جُبل عليه المواطن الخليجي في سلوكه الاجتماعي مع أقرانه الرياضيين وطبيعة مفهومه لسر الدورة الذي لم يفشَ إلا بعد 43 عاماً منذ إنطلاق الدورة الأولى في المنامة عام 1970 حيث فجّر البحريني عيسى بن راشد أحد رموز الرياضة الخليجية ما كتمته الصدور في احدى الديوانيات التي أقيمت على هامش دورة الخليج 21 في المنامة عام 2013 قائلاً " إن الموافقة على زيادة عدد الفرق من ستة الى سبعة بضم العراق في الدورة الرابعة بالدوحة عام 1976 بحكم إطلالته على الخليج كانت "غلطة" لأننا بطبعنا الخليجي متفاهمون ومنسجمون وليس بيننا من يختلق المشاكل ويحوّل الدورة الى تظاهرة سياسية مثلما عَمِد رئيس النظام العراقي السابق الى ذلك عام 1979 في الدورة الخامسة ببغداد، وما خلّفه أيضاً انسحاب المنتخب العراقي في الدورة العاشرة بالكويت عام 1990 بأمر من نجل رئيس النظام من تصدّع في العلاقات كنا في غنى عنه"!
الإضاءة التاريخية هذه تحتمل الكثير من الجدل والمصارحة بشأن مشاركة العراق والتي لم يرَ الشيخ البحريني سوى زاوية مُظلمة منها مع أنها أضفَت تطوّراً سريعاً لستراتيجية الكرة الخليجية بدلالة تأهل أربعة منتخبات منها الى نهائيات كأس العالم خلال عقدين وهي ( الكويت 82 والعراق 86 والإمارات 90 والسعودية 94 )، لذلك لا بديل للخليجيين سوى استمرار الدورة والتعبير حتى بأقصى حالات تشاؤمهم عن الرغبة الملحة في المشاركة وإبقائها على قيد الحياة، لأن الملتقى يُنقّي النفوس وما يَعلق من ترسّبات سياسية على جدران قلوب الرياضيين التي تراهن عليها الجماهير لتنبض بالمحبة وتنفض الكُره ،و تلين للسلام ولا تتحجّر كأداة في حروب فضائية!
لكم في درس أسود الرافدين عِبرة أنهم لم يتخلوا عن اسهامهم بإنجاح دورة الخليج برغم مصائب الحروب ونكبات الظروف، كانوا يرددون مع زاهد قدسي (يا سلام.. الجمهور ملح الكرة) ويهتفون مع خالد الحربان (خليجنا يبي وحدتنا) ويمزحون مع مؤيد البدري (نسكتهم بالكوال) ، فعَلامَ هذا الزعل والمقاطعة والوعيد بعدم إقامة خليجي 23 في قطر وهو يبكّر بتهيئة مستلزمات كرنفال كانون الأول المقبل؟! أفتونا بالحقيقة لنصدّقكم قولاً وفعلاً .. لا شعارات !
خليجي الأقارب
[post-views]
نشر في: 9 سبتمبر, 2017: 03:26 م