TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لا ولايةَ في البلاد سوى للمُدَّعى عليه..!

لا ولايةَ في البلاد سوى للمُدَّعى عليه..!

نشر في: 12 سبتمبر, 2017: 06:36 م

الظهور المفاجئ لأولياء هذا الزمن الرديء، يتّخذ كلّ لبوسٍ غير متوَقَّع. والمتوقَع الوحيد فيه، الرداء الذي يتلفّع به، وهو رداء الإيمان والعِفّة والنزاهة، ومنها وشم السجود واللحية والمسبحة وخاتم الدلالة المذهبية، وفي أحوال مُترَفةٍ "العمامة" البيضاء أو السوداء حسب شجرة النسب الشريف، وما يتلاءم معها من جُبّةٍ ونَعلٍ أو سواهما.
وخلافاً لطهرانيّة الأولياء من كلّ الأديان والمذاهب، منذ ظهور التقوى، يتميّز أولياء زمننا العاثر هذا، وجُلّهم مسلمون شيعة، بالافتراء على الدين الحنيف والمذهب، إلى جانب صفاتٍ لا حدَّ لتلوّنها، ومن علاماتها القدرة على التكيّف والإعجاز في إظهار البراءة ونظافة اليد، وحسّ العدالة والمظلومية. وقد لخّص هذه اللبوس وما يحمله من مسلكياتٍ وطباع، ببلاغته المعهودة، الفقيد الراحل هاني فحص حين سمّاها " أدوات العمل"!
وما أكثر الأدلة على تجاوز الناس لما كان يراودهم من شكوكٍ وهواجس حول صدقية ما يُقال عن هذه الظاهرة ودلالاتها، لكنّ مشهد مواطن جنوبي بسيطٍ  مُعدمٍ حدّ الجوع، تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي، يفضح ذلك بحدّة بالغة .. يظهر المواطن في المشهد باكياً بلا دموع وهو يُقبِّل حائط بيته صارخاً بلوعة: لم يعد لي غير هذا الحائط أتوسل إليه أن يشفع لي وينقذني مما أنا فيه من هوان ومذلّة. ! ويواصل المواطن تقبيل الحائط  شاتماً أولياء الأمر الذين ملأوا العراق فساداً وجوراً وقهراً وظلماً وخراباً وانتهاكاً..
على حين غَرّة وبعد "غيبةٍ" مدروسة، يظهر لنا أحد أولياء العراق الجديد ممن  ملأت أخبارعبثه وفساده ومساهمته في نهب المال العام وعقارات الدولة أرجاء البلاد بحيث صار مضرب المثل في القدرة على التلوّن وتصنّع البراءة والنزاهة وامتلاك وسائل الإفلات من الملاحقة والمساءلة.
قد يكون هذا الولي بريئاً، براءة الذئب من دم ليلى، كما هو حال المئات من المتنفذين في العملية السياسية ومنافذ الدولة، لكنّ براءته غير المعلنة جاءت في إطار مسرحية هي نفسها تدلّل على محنة غياب ظِلّ الدولة وتخلّي سلطتها عن دورها ومقامها.
 وليس مثار استغراب أن يحتمي أولياء نعمتنا هؤلاء بدول النفوذ الممتد في بلادنا. ولكلٍّ منهم جنسية وجواز سفر وحضانة أجنبية. ولا شفاعة لشعبنا حين يتعلق الأمر بفتح حدود جارةٍ أمام لصوص موالين، وآخرهم محافظ البصرة، ومن كان برفقته، لم يتسلل من الحدود العراقية الإيرانية خِفيةً، بل عبرها في وضح النهار بكلّ تكريمٍ يليق بمن له شفاعة الخدمة وطاعة أولياء الأمر والنعمة.
لكي نعرف سرّ استقواء اللصوص الكبار، وهم جميعاً متنفّذون في الدولة، أو متصاهرون معها، لابدّ من مشاهدة خطبة رجل دين في إحدى الحسينيات نُشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، يقول فيها بلكنة عراقيّة شعبيّة ما مفاده: لا تعارضوا حكّامكم مهما فعلوا أو سرقوا، إذ يكفيهم أنّهم مكّنوكم من زيارة الإمام  الحسين مشياً على الأقدام ..!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram