كلما هممت بإتمام ما بدأته قبل سنوات بتدبيج ملامح ومشاهد من سيرتي الذاتية ،، حتى أتراجع نحو نقطة اللاعودة حين اكتشف اني أماري ، وأغلف بعض الأحداث والمشاهد بورق السيلوفين الفضي وأزين بعض قباحاتها بالمساحيق لأجعلها جديرة
بعيون القراء .
قبلها كنت قرأت سيرا ذاتية عديدة لكثير من الكتاب والمفكرين — عربا وأجانب — للإطلاع وزيادة المعرفة بهذا النوع من فنون الكتابة الرفيعة ،، في طليعتها : ( إعترافات القديس أوغسطين ) كونها كانت فتحا من الصراحة الإعترافية التي شجعت على تعرية النفس مما إلتبس او علق بها من آثام ، او للتخفيف من وطأة وعناء ما ينوء به الضمير . اتبعتها بإعترافات ( روسو ) والتي تخطت حاجز
الصراحة المعهود بشأو بعيد ،، فقد جسد الصراع الداخلي بأدق تفاصيله ، حتى وصفها بعض النقاد بآنها أصدق سيرة كتبت ، فيما سفهها آخرون ووصفوها بانها اكبر مشوه للحقائق .. تلتها يوميات ( اندريه جيد ) نقل فيها دقائق حياته بما فيها من أخطاء وخطايا … تبعتها صورة الفنان في شبابه ل ( جيمس جويس ) جسد فيها حراكه الشعوري واللاشعوري … نيتشة كتب سيرته الذاتية الغنية وهو في سن الأربعين . بينما (سلامة موسى) كتب سيرته وهو على مشارف الستين. وكيف ننسى ( الأيام ) لطه حسين ، و (سارة) للعقاد ، وعصفور من الشرق ل(توفيق الحكيم ) ، وإبراهيم الكاتب ٠( للمازني ) ومن يظن ان ميخائيل نعيمة آثار ضغينتنا عن جبران بكتابه عنه فهو مخطئ ، فلقد منحنا الدفء في لسعة النار ، وجعلنا نتذوق المر في لحسة
عسل .
وهذا دعبل الخزاعي يكتب :: ها أنا ذا ، لي خمسون سنة أحمل خشبتي على كتفي ،، ادور على من يصلبني عليها. فما أجد أحدا . بينما ابو حيان التوحيدي يناشد ولي الأمر : خلصني ايها الرجل من التكفف ، انقذني من لبس الفقر ، إشترني بالإحسان ، أستعمل لساني بفنون المدح . إكفني مؤونة الغذاء
والعشاء .
…أما نيرون طاغية روما ،فلم يجد في قاموسه وهو يحتضر إلا بعض جملة : يا إلهي كم كان مصطنعاً ذاك الأمر كله !!
# التفاصيل : إستلهاماً من كتابين لجلال الخياط وإحسان عباس
بوح السير الذاتية .
[post-views]
نشر في: 14 سبتمبر, 2017: 02:23 م