TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الحلّ الوطني للأزمة

الحلّ الوطني للأزمة

نشر في: 16 سبتمبر, 2017: 04:59 م

adnan.h@almadapaper.net

أسوأ سيناريو يُمكن تصوّره لحلّ الأزمة القائمة الآن بين بغداد وأربيل هو أن يأتي الحل مفروضاً فرضاً من أطراف خارجية أو نتيجة لضغوط من هذه الأطراف.
في الغالب تعكس الحلول الخارجية ضعف قدرة الأطراف الداخلية على مواجهة مشاكلها وإدارة الأزمات الناشبة في ما بينها، وتعكس أيضاً ضعف الثقة بين الأطراف المحلية وهو ما يُبقي على احتمالات نشوب الأزمة مجدداً قائمة. ومن تداعيات التدخل الخارجي لحلّ الأزمات المحلية أنّ هذا سيمكّن الأطراف الخارجية من إيجاد موطئ قدم أو ترسيخ موطئ قدمها في البلاد، ما يمكنّها من استغلال نفوذها وعلاقاتها في إثارة أزمات جديدة تبعاً لمقتضيات مصالحها.
لا توجد، خصوصاً في السياسة، مشكلة لا حلّ لها ولم توجد المشكلة التي لا حلّ لها. دائماً الحوار الهادئ الصبور كفيل بالتوصل إلى الحلول الوسط. الأزمة الراهنة بين حكومتي بغداد وأربيل ليست استثناء. لها حلّ بالتأكيد، ولابدّ أنّ لها حلّاً سلميّاً على وجه الخصوص، والتحدي هو في كيفية التوصل إلى هذا الحلّ بأقلّ الخسائر وبأدنى العواقب سوءاً.
طرفا الأزمة يتّهمان بعضهما البعض على مدار الساعة بتجاوز الدستور وانتهاك أحكامه. والواقع أنّ التجاوزات على الدستور وانتهاكات أحكامه منذ أن وُضع موضع التنفيذ قبل إحدى عشرة سنة لاعدّ لها ولا حصر. ما من أحد من شركاء العملية السياسية لم يتجاوز على الدستور ولم ينتهك أحكامه.. الفرق في الكميّة والحجم فقط. أكبر تجاوز على الدستور وانتهاك أحكامه هو اعتماد نظام المحاصصة الطائفية والقومية الذي كان من المفترض الإقلاع عنه بعد الدورة البرلمانية الأولى المنتهية في 2010. وأكبر ثاني تجاوز على الدستور وانتهاك أحكامه هو عدم الوفاء باستحقاق تعديل الدستور الذي كان يتعيّن إنجازه في نهاية العام 2006 أو بداية العام 2007، وأكبر ثالث تجاوز على الدستور وانتهاك أحكامه هو عدم تطبيق بعض مواده، وبخاصة المادة 140، وعدم تشريع القوانين اللازمة لبناء الدولة، وبينها قانون مجلس الاتحاد وقانون النفط والغاز وقانون الهيئة الخاصة بضمان حقوق الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وقانون الهيئةٌ الخاصة بمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية، وقانون المحكمة الاتحادية وقانون خدمة العلم وقانون الشعار والعلم وقانون النقابات.. إلخ.
الحلّ إذن يكون بوقف كلّ تجاوز على الدستور وانتهاك لأحكامه. وهذا يبدأ أولاً بإلغاء نظام المحاصصة غير الدستوري، ويترافق ذلك بعملية لتعديل الدستور وبعملية موازية لتشريع القوانين التي كان لزاماً تشريعها قبل الآن.
هذا حلّ محلّي أو وطني مئة في المئة، سيكون مقبولاً ليس فقط من حكومتي بغداد وأربيل والقوى السياسية المتنفذة فيهما، إنّما هو مقبول من الشعب العراقي الذي ما فتئ يطالب بالإصلاح، وإذا ما جرى التوافق على هذا الحل والبدء بتطبيقه سيكون ذلك أكبر عملية إصلاح.
المهم أيضاً أنه بهذا الحل ستنتفي كلّ حاجة لحلول من الخارج، وسندرأ مخاطر التدخل الخارجي في شؤوننا المحلية، وسنؤسّس لمرحلة ثقة ببعضنا البعض.. وبأنفسنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. Ronak Sabri

    لو تفكر بغداد بالحل لما اتصل العبادي تليفونيا برئيس وزراء تركيا للاستقواء ورفع مستوى التهديد للاقليم..سبحان الله البارحه كانوا اعداء لتركيا ويتهمون مسعود بارزاني بتسهيل دخول القوات التركيه الى بعشيقه.اصلا بغداد مستعجله جدا للحرب واجراءات مجلس النواب تمهد

  2. ياسين عبد الحافظ

    لا اتفق معك بالرؤية . لقد علقت قبل الان على خبر المدى لخطاب رئيس الإقليم عن استعداده لإعادة النظر في موعد الاستفتاء (عدد اليوم) والسبب هو مايلي: صواريخ بيونغ يانغ تعبر فوق اليابان وكوريا الجنوبية ويمكن تحميلها برؤوس نووية ، حكومتي البلدين( اليابان وكو

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram