الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 19
الرئيسية > أعمدة واراء > الاستقواء بالغير يُقوِّض السيادة ويُضفي الشرعيّة على التدخُّل الخارجي !

الاستقواء بالغير يُقوِّض السيادة ويُضفي الشرعيّة على التدخُّل الخارجي !

نشر في: 18 سبتمبر, 2017: 06:31 م

فيما يتدافع قادة "الدولة "، كبارهم وصغارهم، من نوّاب الرئيس والبرلمانيّات المحصَّنات، والمُشتَبَه بأدوارهم، "للدفاع" عن وحدة العراق وسيادته وتأكيد شرعيّة سلطته وتحريض الحكومة على استخدام كلّ الوسائل في المواجهة مع إقليم كردستان لمنع إجراء الاستفتاء في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، تتصاعد الدعوات للدول الإقليمية والعربية والعالم أجمع لاتخاذ مواقف رادعة تُحبِط محاولة تقسيم العراق!
وبغضّ النظر عن مصداقية المنخرطين في الدفاع عن العراق الموحّد وماضي أدوارهم المشينة التي كانت وراء ما انتهت إليه البلاد من تفككٍ ورثاثة وقِلَّة حيلة، ومن تدهور مستمر في أحوال العراقيين على كلّ صعيد، فإن شعار "الوحدة" يلقى هوىً في نفوس أغلبية العراقيين، ويلامس حنينهم إلى"هويّتهم"، ويتناسون، ولو مؤقتاً، ما هم فيه من عذاب متفاقم وقهرٍ متواصل، مما يشيع الخدر في وعيهم ويُجرّدهم من اليقظة المطلوبة إزاء ما تنطوي عليه بعض الدعوات والتصريحات والممارسات التي تشكل هي في حدّ ذاتها سابقةً تتهدد السيادة الوطنية والاستقلال، وتجعل من التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية قاعدة تَبني الدول المجاورة وغيرها عليها نهجها وسياساتها المستقلّة حول ما يجري في العراق وتُخوِّل نفسها حق التدخل وربما التمدد العسكري داخل الاراضي العراقية، كما هو حاصل بالنسبة للتواجد العسكري التركي في الأراضي العراقية، ولم تنفع معه الإنذارات العراقية والمطالبات في المحافل الدولية بالانسحاب. كما لم تستخدم الولايات المتحدة والتحالف الدولي نفوذها وقوّتها لإجبار تركيا على احترام السيادة العراقية.
إنّ العراق المتعدد الأعراق والمذاهب والقوميات والأديان، ما يزال يعاني من عوامل التفكك الاجتماعي وغياب الاستقرار، وهو في حالة مواجهة مسلحة لتطهير ما تبقى من المناطق التي استولى عليها داعش. وتعدديته وتنوعه لم تصبح مصدر قوة ومعافاة وطنية عبر تحقيق المصالحة الشاملة، بسبب السياسات الخاطئة، والإخفاق في ردم الهُوَّة والتصدع بين المكونات، بل إنها من الهشاشة بحيث يمكن أن تنبعث منها أزمات أكثر إضراراً وتهديداً للوحدة الوطنية.
وعلى من يُحرّض الأجنبي على التدخل المباشر في الشأن العراقي، دون أن يستثني التدخل العسكري، أن يتذكر سنوات مرحلة  "شفا الانزلاق إلى الحرب الأهلية والمواجهات الطائفية"
والتكبير في المآذن ووسائل الإعلام على امتداد الدول العربية والإسلامية التي كانت تحرّض على إنقاذ العراق من "المجوس" و"الرافضة"، وعلى تجييش "المجاهدين" للانخراط في التنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا وغيرها من بؤر التوتر والصراع بالنيابة عن الغير، وتسليك الحدود لمرورهم ومفخخاتهم والدعم المالي واللوجستي الذي لم ينقطع عنهم حتى اليوم .
إنَّ دعوة الغير والاستقواء به، سهلة المنال قدر تعلقها بالكرد واستفتائهم، لأنّ مصلحة مشتركة تجمع بين الفرقاء "الأعداء المتصالحين على وليمة لا تدوم"، لكن كيف سيكون الموقف إذا ما عادت خيم المعتصمين ثانية في ظلّ نهج الانفراد وتكريس دولة دينية مذهبية  تُقصي الآخر مهما كانت هويّته الفرعية؟ وكيف يواجه التدخل التركي للدفاع عن العراقيين التركمان؟ وماذا سيكون الموقف إذا ما دعت الكنيسة الكاثوليكيّة إلى التدخّل لحماية المسيحيين؟
إنها لن تكون حين ذاك سوى .. دولة عِفَچ ..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

سيكولوجية تجنيد العقول في الجماعات الارهابية الدينية

قناطر: العالم يتوحش .. المخالبُ في لحمنا

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

"الحشد الشعبي"... شرعنة التشكيل بوظائف جديدة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

العمود الثامن: قائمة المنتفعين

 علي حسين في بلاد الرافدين حزب من المنتفعين يضم عدداً من السياسيين والمسؤولين الكبار ممن إذا أصابت الناس مصيبة لاذوا بالصمت الذي هو في عرفهم أبغض الحلال. ومن المفارقات العجيبة في العراق -بلد...
علي حسين

باليت المدى: كرسي مكسور الساق

 ستار كاووش عندَ لقائي ببعض الناس أفاجئ ببعض التفاصيل الصغيرة التي تُشير الى نوع من الكسل واللامبالاة وعدم إيجاد الحلول حتى وأن كانت صغيرة. فرغم إنغماس أحدهم بتعديلِ صُوَرِهِ ببرامج الفوتو شوب كي...
ستار كاووش

(50 ) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياة بين فذيفتين

زهير الجزائري (1) يوم ١٣ نيسان ١٩٧٥ بدأت الحرب من مجزرةً (عين الرمانة). كنّا في طريقنا إلى الجنوب اللبناني حين انقطع بثّ الراديو بين إعلان عن مسحوق الغسيل المفضل لدى النساء العصريات و سيكارة...
زهير الجزائري

التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين: تحديات القرن الواحد والعشرين

محمد علي الحيدري التنافس بين الولايات المتحدة والصين أصبح في السنوات الأخيرة أحد أبرز القضايا التي تحدد ملامح السياسة العالمية، حيث يشتد في المجالات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية بشكل يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram