أعلن متحف الفنون الجميلة في ولاية بوسطن الاميركية، أنه سيعرض فيلم (رسائل من بغداد) للفترة من 21 – 29 أيلول الحالي. وقد تناولت صحيفة "بوسطن غلوب" هذا الحدث بالتذكير بفيلم "الحمر" الذي انتج سنة (1981) وحصل مخرجه وارن بيتي على جائزة ال
أعلن متحف الفنون الجميلة في ولاية بوسطن الاميركية، أنه سيعرض فيلم (رسائل من بغداد) للفترة من 21 – 29 أيلول الحالي. وقد تناولت صحيفة "بوسطن غلوب" هذا الحدث بالتذكير بفيلم "الحمر" الذي انتج سنة (1981) وحصل مخرجه وارن بيتي على جائزة الأوسكار لأفضل مخرج في ذلك العام، حيث تناول الفيلم قصة حياة الصحافي جون ريد، من خلال اجراء مقابلات مع أشخاص حقيقيين كانوا يعرفونه.
اما في فيلم "رسائل من بغداد" فيحدث العكس. فهو يحكي قصة المس جيرترود بيل من خلال كلماتها الخاصة –حيث تقوم الممثلة تيلدا سوينتون بقراءة رسائل بيل – في الوقت الذي يتابع فيه المشاهدون لقطات الفيلم . الفرق هو أن المخرجتين لهذا الفيلم وهما ، سابين كراينبول و زيفا أولبوم، تقدمان مقابلات مع أشخاص حقيقيين يعرفون بيل - إلا أن أدوارهم يؤديها الممثلون. فالأمر يشبه فيلم "الحمر" ولكن بشكل معكوس.ويبدو غريباً مثل هذا المزج. تم تصوير الفيلم بالأبيض والأسود، وأجريت المقابلات لتبدو كما لو أنها معاصرة تقريباً للزمن الذي عاشته المس بيل (1858-1926). وفي المشاهد القليلة التي تظهر فيها المس بيل على الشاشة تكون قريبة بما فيه الكفاية، ويمتزج ظهورها مع إيقاعات الفيلم البسيطة، وصوره المدهشة ، وقصته المذهلة.
عاشت المس بيل واحدة من اكثر قصص الحياة روعة في زمانها. فابنة البارونة هذه كانت، تتمتع بذكاء حاد وحرص على المغامرة. وكانت اولى مغامراتها في أكسفورد، أما الأخيرة فقادتها الى الشرق الأوسط. كانت تقول: "كنت أحلم بركوب الجمال ". وفي واحدة من اللقطات الأكثر إثارة للدهشة التي يزخر بها الفيلم، تظهر بجانب ونستون تشرشل في مصر في عام 1921، وقد ركبا على ظهر الإبل. وكانت المس بيل ترتدي معطفاً من فرو الثعلب.تعلمت بيل اللغة العربية، وسافرت عبر بلاد فارس والإمبراطورية العثمانية. وكانت تجيد التحدث بالفارسية والفرنسية والألمانية والإيطالية والتركية. وهي كاتبة موهوبة، نشرت عدّة كتب عن رحلاتها. وتجيد التصوير الفوتوغرافي ولها معرفة بعلم الآثار. ومعرفتها هذه جعلتها تقوم ، بعد الحرب العالمية الأولى، بتأسيس ما يعرف اليوم بالمتحف العراقي. وجعلها تتعرف على شخصية بريطانية استثنائية آخرى في الشرق الأوسط، هو الضابط البريطاني توماس إدوارد لورانس المعروف بـ(لورنس العرب) وهو واحد من ابرز من "تمت مقابلتهم" في الفيلم، ولعب دوره في الفيلم الممثل المعروف (إريك لوسشيدر) والذي أداه بشكل جيد.
كانت رحلات بيل إلطويلة مثيرة للشكوك لدى الأتراك العثمانيين. فهل كانت جاسوسة؟ وخلال الحرب، عملت كمستشارة لوزارة الخارجية والقوات المسلحة البريطانية. وأشاد المسؤولون بما كانت تقدمه من معلومات ذات "قيمة وطنية". وبعد الحرب، ساعدت بيل على رسم حدود العراق، ولعبت دوراً في اختيار ملكه، وعملت مستشارة له، وكانت مولعة أيضاً بشراء الملابس (بعد وفاتها وجد في خزانتها 25 زوجاً من الأحذية)، وعندما كانت أصغر سناً، كانت تهوى تسلق الجبال. على الرغم من أن قدرها أخذها بعيداً عن جبال الألب.
في الاعلان عن عرض الفيلم توجد عبارة تقول ، تيلدا سوينتون: أعظم ممثلة في العالم. وقد يبدو انه عنوان مبالغ فيه ؟ رغم أن: أداء سوينتون الصوتي كان حيوياً ورائعاً جداً ويمكن له أن يبرر مثل هذه المبالغة . فقد أدت سوينتون دور المس بيل بشكل مقنع جداً، جعلت من السهل أن نتغافل عن مدى التناقض الذي كان يميّز شخصيتها هل كانت نموذجاً للشخصيات الناشطة في الحركة النسوية؟ إطلاقاً. هل كانت شخصية استعمارية محنكة ؟ نعم و لا: كان تعاطفها مع العرب ينافسه تعاطفها مع لورانس. هل تنبأت بما سيحدث في المستقبل ؟ فقد كتبت ذات مرة ، "ان النفط هو مشكلة بالطبع، وهو من الأشياء المثيرة للاشمئزاز". كل ذلك، واكثر منه جعلنا نعتقد أن الممثلة سوينتون تشبه الى حد ما الممثل بينديكت كومبرباتش.( مُمثل تلفزيوني وسينمائي ومسرحي بريطاني عرف بتأديته دور شرلوك هولمز) وقد كانت حقاً، مزيجاً من كل ذلك . وهذا ما يكشف عنه فيلم "رسائل من بغداد".
عن: بوسطن غلوب