adnan.h@almadapaper.net
لم تكن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينية تنظيماً سياسياً محترماً، أقله بسبب ما أحدثته من انقسام سياسي واجتماعي كبير وحادّ على الساحة الفلسطينية في مرحلة تاريخية حسّاسة للغاية.
عندما انقلبت حماس على السلطة الوطنية الفلسطينية واختطفت قطاع غزة مقيمةً فيه سلطتها المفروضة بقوة السلاح في العام 2007، كانت السلطة الفلسطينية تحظى بتأييد إقليمي ودولي كبير دعماً للحقوق الفلسطينية، وبينها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. اختطاف قطاع غزة بدّد الكثير ممّا كان في رصيد السلطة الفلسطينية على هذا الصعيد. كان عمل حماس من حيث نتائجه شديد الشبه بمغامرة صدام حسين الخرقاء بغزو الكويت في العام 1990، وهو العمل الذي أقرّ الفلسطينيون وسواهم لاحقاً بأنّ عواقبه على نضال الشعب الفلسطيني كانت كارثية.
بعناد تامّ تمسّكت حماس بالقطاع وبحكومتها فيه سبع سنوات، ولمّا أدركت متأخراً أنّ الأفق أمامها مسدود، خصوصاً بعد السقوط المدوّي لحكم الإخوان المسلمين في مصر، اضطرت إلى التفاوض مع السلطة الفلسطينية والقبول بتشكيل حكومة التوافق (نيسان 2014) التي لم تستطع مدّ نفوذها إلى القطاع بسبب ما وضعته حماس من عقبات. وفي مطلع العام الحالي شكّلت حماس ما يشبه الحكومة "لجنة إدارية" لإدارة القطاع، فشلت هي الأخرى، كما حكومة حماس، في تأمين الخدمات الأساس والمستوى الأدنى للعيش الكريم لسكان القطاع.
منذ ستة أيام أعلنت حماس عن حلّ هذه اللجنة، ودعت حكومة التوافق إلى بسط سلطتها في القطاع. جاء هذا بعد مؤتمر لحماس أحدث تغييراً كبيراً في قيادة الحركة أزيح فيه العديد من رموز التطرف من الحرس القديم لتحلّ محلّهم قيادات شابّة.
الإجراء الأخير ليس مجرّد اعتراف بالخطأ الذي ارتكبته الحركة قبل عشر سنوات، فهو عودة عن الخطأ، وهذا بالذات ما يبعث على احترام الحركة بقيادتها الجديدة.. الكيان الذي يعترف بخطئه ويعود عنه، تغليباً للمصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية، هو كيان محترم بالتأكيد.
هنا في العراق تجربة الحكم التي صار عمرها نحو 14 سنة، وكانت فيها لقوى الإسلام السياسي الغلبة والطغيان، وصلنا إلى نتيجة مماثلة، بل أكثر سوءاً، لما حصل في قطاع غزة، فقد فشلت القوى الحاكمة في تحقيق ما وعدت به الناس .. الفشل ذريع وصارخ إلى درجة أنّ أصحابه في معظمهم يعترفون به في العلن كما في السرّ، لكنهم لا يريدون أن يتحلّوا بشجاعة العودة عن أخطائهم التي قادت إلى هذا الفشل. يريدون لكل شيء أن يبقى على حاله. حتى الإصلاحات التي تعهدت بها حكومتهم وبرلمانهم قبل أكثر من سنتين أمست الآن في مهبّ الريح، لا أثر لها حتى على الورق.
حتى إلى مستوى حركة حماس لا تريد قوى الإسلام السياسي لدينا أن ترتقي .. في أي درك هي إذن؟!