TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أيُّ زمنٍ "إسلاميٍّ" يضيعُ فيهِ صوتُ السيستاني ..؟!

أيُّ زمنٍ "إسلاميٍّ" يضيعُ فيهِ صوتُ السيستاني ..؟!

نشر في: 23 سبتمبر, 2017: 06:22 م

في خضمّ تصاعدٍ واتساعٍ غير مسبوقين لظاهرة الشعوذة والتدجيل والتكفير، غطّت أوسع مساحة من الفضائيات "الإسلامية" والمقروءات والمسموعات وظهرت من على المنابر والمساجد والمناسبات الحسينية ، خلال السنوات الأخيرة ، ظهر فجأة بمحض الصدفة أنَّ المرجعية الشيعية العليا في النجف كانت قد عمّمت في محرم الأسبق ما يُشبِه صيغة بيانٍ يردُّ على تلك الشعوذات والممارسات الشاذة ، فيضيع أو يُضَيّع بين بيانات وممارسات قادة الفساد والإفساد الشيعي الذين يتربّعون على كرسيّ الحكم في العراق ويعيثون فيه فساداً وإمعاناً في الكراهية وفقدان الذمّة ووساخة اليد والضمير والوجدان.

كان من الغريب أن تمرّ تلك الممارسات المُبتذَلة مرورَ الكرام ، وسط صمتٍ مشبوهٍ  وتشجيعٍ لا يُخفى على الكفيف المُبتلى، وقد تجاوزت القراءات المبتذلة كلّ حدودٍ، وأظهرت العقل الإسلامي " الشيعي" بوجه خاص كمباءة للجهل والتجهيل واختراع الموبقات وتشويه القامات التاريخية، وإلصاق كلّ ما يتعارض مع الحسّ السليم وسنّ الرشد بالإسلام والنبي الكريم وآل البيت، وباتت الجنّة في تصوّر المنبريين، بعماماتهم السوداء أو البيضاء، لا فرق بينهم، وهم في ميدان سباقٍ على الافتراء والاختلاق والتدجيل ليس فيها غير غلمان يقطر من " خدودهم الريحان " وحور عينٍ تستحي أجمل جميلات العالم من التطلّع إليهنَّ "يرقصنَ رقصاً، حركة خصورهنَّ وحذاء الواحدة منهنَّ تساوي كلّ راقصات العالم"، ويجري تعداد الحوريّات والغلمان في أحاديث منسوبة إلى النبي الكريم وإلى الأئمة والأولياء، ثم تبدأ المباءة على ألسنةِ هؤلاء والمتطلّعين إلى بعضهم وهم يتحدثون الفصحى المكسورة أحياناً واللكنة العراقية الممسوسة بلغات الغير. فالمؤمن المُخاطبُ من على المنبر في المسجد " أنت هناك أيها المؤمن، ستعاشر حريتك في عناقٍ حميمٍ سبعين عاماً بلا توقف، تجدّد طاقتك بغذاء الجنّة، وكلما أفقتَ من غيبوبة العناق تحيط بك " السيقان، وأية سيقان، ونهود وأرداف، وعطرٍ فوّاح لا مثيل له في الحياة " ..! ولا يسمح لي حياء العلماني المتنوّر بأن أذهب أبعد من ذلك في وصف الفجور الذي يتردّد على المسامع من متلفّعي العمامة المسودّة من الخجل، والمبيضّة من رهاب الجنس المبتذل ..
وتتوالى الخرافات هنا، تهويماتٌ لحشّاشين يندر ارتقاؤهم إلى هذا المستوى من الاختلاق الخيالي ، فـ "مثلث برمودا"، كما يُزعم خطيب بالكاد بانَ شاربه وغطّت وجهه ملامح كحلٍ في عينيه، إنما هو " مصنع" سلاح الإمام المهدي المنتظر ومقامه في جزيرة خضراء آسرةٍ في المحيط الأطلسي ..!
والإمام الحسن استجاب لطلب ملك الصين وشفاعة " شيعيٍ" ظهر غفلة بين حاشية الملك وقد ندم على قتله لابنته وحبيبها، مستنجداً بمن يحييهما، فاختصر الإمام المسافة بأيام وأعادهما بلمسةٍ منه إلى الحياة ..!
وتتسلل إلى الوعي العام " بِدعٌ" لم يسبق لها مثيل: كلاب السيدة زينب في الزيارة الحسينية ، والتمرّغ في " السيان - الوحل القذر"، وتطبير الرضيع ، وعشرات الاختلاقات التي لا يتجاسر كافر أو ملحد أو معادٍ للإسلام والشيعة على الترويج لها، بوصفها حقائق تاريخية لا يأتيها الباطل من أمامها أو خلفها ، وعلى لسان الأئمة والصحابة. ثم تتوارد الشتائم على الأئمة والصحابة من منابر السُنّة والشيعة، وتتواصل أطاريح الدراسات الأكاديمية حول الشفاء ببول البعير، وأشكال أحجار " التشطيف والتيمّم"، والصيغ المبتكرة للزواج من القاصرات، ورضاعة الرجال لزميلات العمل والدراسة، وإباحة دخول الزوجة على غير زوجها إذا ما غاب عنها ليومين متتالين، ونكاح الجهاد  وجماع الوداع للزوجة الميّتة ..!!
من المستحيل أن يجرؤ "كافرٌ مستفزٌ" في أقاصي بلاد الكفار على استفزاز المسلمين دون استثناء بالقول " إنّ عرش الله نعلٌ في قدم الحسين" ..! ، وإنّ " من لا يحمل يوم القيامة صكّ الإمام علي يهوى من السراط المستقيم"، وإنَّ من يتمادى بالتجريح النافر وهو يردّ على سؤال " وماذا عن النبي؟" ، فيقول "حتى النبي .."! فالله خلق آدم من تراب ، وخير كُنية للإمام علي " أبا تراب " إذن الإمام هو أبو البشريّة كلّها ، والكون خُلق من أجله "!!
أيجرؤ أكفر الكفار على الهمس بمثل هذا التجديف والبطلان .؟
وبعد هذا، يخصص إمامٌ من أئمة العملية السياسية العراقية أحاديثَ وخطباً للحديث عن ظاهرة منتديات إلحادٍ للشباب والشابات، ومظاهر تحلّلٍ واستهتارٍ تعمّ البلاد .. لكنه لا يسلِّط الضوء، هو وغيره من أئمة العراق الجديد، الضوء على الاستباحات ولا يكشف أحدٌ منهم لصاً واحداً ممّن يجمعون العمولات والحصص المستقطعة من مشاريع الوزارات أو يتجرّأ فيفتح ملفّ "أبو النهب" وسرقة المال العام  وتخريب البلاد ..
لكنّ هؤلاء يجرأون على " تغييب" صوت مَنْ يدّعون أنه مرجعهم الأعلى حين يفنِّد ويردّ على الافتراءات والشعوذات، ويبعدون الأنظار عن بيانٍ يحذّر من الجهلة والمضلّلين …
وبعد هذا يُبشّر أئمة الإسلام السياسي بأنّ العلمانيّة كفرٌ وإلحاد، وأنّ الدولة المدنيّة التي يُجاهر بها السيستاني بضاعةٌ فاسدةٌ مستوردةُ من الغرب ..!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. س . السندي

    ١: أتحسف أن يكون الاجداد أذكى وأعقل من حمير اليوم ، رغم قلة المعرفة لديهم يومذاك ؟ ٢: إذا كان نصف المجتمع حشاشين ، طيب أين الساسة والعقلاء والمتنورين ، هل كلهم أصيبوا بالعمى والطاعون ؟ ٣: وأخيراً ...؟ سأل الرشيد جحا ذات يوم { هل تستطيع عد المجانين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram