لم يتفاجأ محمود، وهو يشرف على تنظيف خزان الماء في سطح البيت، حيث يقوم أحد ابنائه بإخراج كميات الأطيان بكفيّه طوال ساعة من الوقت، حتى أنّ باطن الخزان اكتسى بلون الطين، ليعود الى لونه الأبيض، بعد تنظيف الخزان عاد محمود الى فلتر الماء لتنظيفه أيضاً، وهو
لم يتفاجأ محمود، وهو يشرف على تنظيف خزان الماء في سطح البيت، حيث يقوم أحد ابنائه بإخراج كميات الأطيان بكفيّه طوال ساعة من الوقت، حتى أنّ باطن الخزان اكتسى بلون الطين، ليعود الى لونه الأبيض، بعد تنظيف الخزان عاد محمود الى فلتر الماء لتنظيفه أيضاً، وهو الآخر اكتسى بالأطيان، كان افراد العائلة يشاهدون كمية الأطيان المسحوبة من فلتر الماء بدهشة، بعضهم قرر الاستعانة بالماء (RO) فيما فضّل محمود الاستمرار بماء الفلتر، لقناعته أنّ الماء (RO) ليس بالأفضل.
مشكلة الماء الخابط الذي ينزل من أنابيب الإسالة باتت مقلقة للكثير من العوائل، حتى تلك التي تستخدم الفلتر بسبب كميات الطين التي ترافق الماء، دون أن تتخذ الجهات المعنية، أيّ اجراءً بهذا الشأن. علي كاظم، مواطن يحمل فلتر الماء ويدور به على محال التصليح في السنك، لكن اغلبهم نصحه بعدم الفائدة من إصلاحه أو تبديل الفلاتر بسبب تآكله، إذ عزوا الأمر الى كميات الأملاح في الماء. بالتالي لم يكن امامه سوى اقتطاع مبلغ من مرتبه الشهري لشراء جهاز فلتر جديد.
أما سلمان عبد الرزاق، موظف فقد فضّل شراء قناني الماء من نوعية معينة بعد الاطمئنان على نسبة الملوحة فيها وقياسها بشكل يومي أو كلما يقوم باستبدال قنينة ذات الحجم الكبير. متخلصاً، كما يوضح، من مشكلة التنظيف والأطيان وما تسبّبه من امراض في المجاري البولية والكلى. لكنه امتعض أيضاً من الاهمال الحكومي لمشاريع الماء وغياب المتابعة والعمل على تحسين عمل محطات التصفية والمضخات.
المهندس حسين فرحان، الذي يعمل بنصب فلاتر الماء وصيانتها، عزا سبب عدم صلاحية الماء (الصالح للاستخدام) الى تردي عمل محطات التصفية وقِدم اغلبها، دون أن تأخذ الحكومة ذلك بالحسبان، وتقوم بتحديث تلك المحطات أو اجراء الصيانة الدورية عليها، لافتاً الى أن، أغلب تلك المحطات التي يفترض أنها تقوم بتصفية الماء بمراحل عدّة، تكتفي بمرحلة السحب والمرور عبر مصفاة واحدة، وربما اثنتين في أحسن الأحوال. مشدداً على أن، هذه المصفاة تمنع مرور الحصى فقط دون معالجة الشوائب الأخرى، وبشكل خاص ذرّات التراب التي تتراكم وتتحول إلى أطيان.
فيما نوّه المواطن فائز كريم، الى أن هناك شبه تعمّد، أن يأتي الماء بهذا الشكل لكي يلجأ المواطنون الى الماء (RO)والمعبأ بقنانٍ مختلفة الأحجام، لافتاً الى أن، مختلف الأزمات التي تضرب البلاد، وراؤها جهات مستفيدة منها اقتصادياً عبر استيراد البدائل. متابعاً كلامه بالقول، يضاف الى ذلك غياب الحرص والتفاني بالعمل وانعدام الشعور بالمسؤولية عن اغلب المعنيين بهذا القطاع الخطير الذي يفترض أن يُهتم به بشكل استثنائي.
سراج موسى، بدأ حديثه بتهكم واضح، معتقداً أن المواطن يتبطر على حكومته التي حرصت على ضخ عصير (المشمش) بدل ماء الإسالة قاصداً بذلك الماء الخابط، الذي يأتي بلون العصير المشهور عند العراقيين، منوهاً الى أن، الماء الذي يُضخُّ في الأنابيب لايصلح حتى للاستخدامات الأخرى في المبردات أو الطهي بسبب كميات الأملاح العالية التي تحتويها. مشدداً على ضرورة أن تضع الجهات المعنية حلولاً سريعة لهذه الأزمة التي أخذت تشتد يوماً بعد آخر...