TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الفساد ينتصر.. المواطن يندحر ..!

الفساد ينتصر.. المواطن يندحر ..!

نشر في: 24 سبتمبر, 2017: 05:20 م

adnan.h@almadapaper.net

بابتسامة ملأت الشدقين وبيد مرفوعة بعلامة النصر وبمشية واثقة، ومحمولاً بسيارة فخمة، ربما تعود ملكيتها إلى الدولة (مال عام)، برفقة أحد أعضاء مجلس النواب، وباستقبال حافل جمهور غفير من العوام، خرج محافظ صلاح الدين أحمد عبد الله الجبوري من السجن معفوّاً عنه من تهمة سرقة المال العامّ!
لم يخرج الجبوري مُبرّأً من التهمة، بل هي ثبتتْ عليه في المحكمة الابتدائية أولاً ثم في محكمة التمييز، لكنْ أُطلِق سراحه استناداً إلى قانون العفو العام الذي شرّعه مجلس النواب العام الماضي خصّيصاً لإطلاق سراح كبار الفاسدين ومرتكبي جرائم الإرهاب، في مقايضة أبرم صفقتها رؤوس الفساد والإرهاب في المنطقة الخضراء.
وكانت هيئة النزاهة قد أحالت المحافظ إلى القضاء مُتّهماً في ثلاث قضايا فساد إداري ومالي، واحدة منها تتعلق بالاستحواذ على أراضٍ للدولة وتسجيلها باسمه. وإذْ اعترضت هيئة النزاهة على إطلاق السراح، أعلنت السلطة القضائية أنّ المحافظ المحكوم بالفساد طلب شموله بقانون العفو العام ودفع مبلغاً من المال يعادل المبالغ التي حُكِم بالفساد فيها، وبرّرت السلطة القضائية شمول المحافظ بالعفو العام بالقول إنّ جريمة إهدار المال العام التي حُكِم بها أُرتكِبت قبل صدور قانون العفو، وهي بالتالي مشمولة بالقانون!
قبل محافظ الأنبار كان محافظ بابل قد حُكِم  عليه هو الآخر بتهمة تتعلق بالفساد المالي والإداري ثم أطلِق سراحه في غضون أيام قلائل معفوّاً أيضاً بموجب قانون العفو.. أكثر من هذا إن محافظ بابل عاد الى مقر عمله عودة أبطال الحروب المنتصرين ! وكأنّ الجريمة التي ارتكبها لا تخلُّ بالأخلاق والنزاهة والشرف، وهي جميعاً من الشروط اللازمة لتولّي الوظيفة العامة.
محافظ آخر متهم بالفساد الإداري والمالي، هو محافظ الأنبار السابق، ظلّ طليقاً برغم طلبه من القضاء، ولم يزل طليقاً. ومحافظ رابع، هو محافظ البصرة السابق، نجح في عبور الحدود والفرار إلى إيران قبل ساعات، وربما دقائق، من صدور القرار بالقبض عليه. أما زميله رئيس مجلس محافظ البصرة السابق المحكوم بتهم تتعلق بالفساد الإداري والمالي أيضاً فقد نُشرت له صور من داخل "سجنه" الذي يعيش فيه عيشة زبائن الفنادق الراقية من فئة أربع نجوم في الأقل!، وربما ينتظر الآن أن يكتمل جمع المبلغ له ليدفعه فيخرج معزّزاً مكرّماً مثلما عاش في السجن معزّزاً مكرّما.
القاعدة الذهبية القائمة الآن في هذه الدولة أنْ يسرق الوزير أو الوكيل أو المدير أو السفير أو المحافظ أو رئيس مجلس المحافظة، فإذا افتُضِح أمره طلبَ العفو (كلّ عمليات نهب المال العام بدأت قبل تشريع قانون العفو) وأعاد دفع ما سرق بعدما يكون قد استثمره وأنتج به أموالاً قد تزيد على قيمة المال العام المسروق!
الفساد ينتصر.. المواطن يندحر، وقد ينتحر، كرمى لعيون أساطين الفساد وأدواتهم...!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين هؤلاء الحرامية والقتلة المأجورين مرتزقة حكومة مافيات شركات النفط والغاز التي احتلت العراق بمساعدة اقوياء العالم الجبابرة بحجة العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل والقنبلة الذرية التي روج لها توني بلير وقال خلال ٤٥ دقيقة صدام سوف يرمينا بالقن

  2. ياسين عبد الحافظ

    لن ينتصر الفساد. ولن ينتحر المواطن . العراق الجديد هو المنتصر وسيندحر كل القادة العميان الذين يجرون الناس إلى الهاوية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram