TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > الميركلية فـي مواجهة الترامبية

الميركلية فـي مواجهة الترامبية

نشر في: 26 سبتمبر, 2017: 12:01 ص

عندما تبدأ السيدة ميركل فترة ولايتها الرابعة – فانها بالتأكيد ، سوف تواجه نتائج  الاقتراع التي كانت  أسوأ من تلك التي حدثت اثناء  التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو أثناء  سباق الفوز  بالرئاسة الأميركية العام

عندما تبدأ السيدة ميركل فترة ولايتها الرابعة – فانها بالتأكيد ، سوف تواجه نتائج  الاقتراع التي كانت  أسوأ من تلك التي حدثت اثناء  التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو أثناء  سباق الفوز  بالرئاسة الأميركية العام الماضي –فسوف تعمل في عالم مختلف اختلافا كبيرا عن ذلك الذي  واجهته بعد إعادة انتخابها ، في عام 2013. ولكن إذا كان العالم قد تغير ، فهي  أيضا تغيرت . ومن المؤكد أنها ستكون آخر فترة لها.
ولكن أكثر من ذلك، فإن هذه  المرأة التي أدخلت الى  اللغة الألمانية مصطلح  "الميركلية" (ويعني حرفيا "تحريك الاوضاع") تبدو انها تستوعب تماما كامل نطاق مهمتها – فهي ليست  زعيمة ألمانيا فحسب ، بل هي أكثر من ذلك.
انظروا إلى ما حدث في العامين الماضيين من وجهة نظر السيدة ميركل: فبمجرد ما  تخلصت  ألمانيا من التبعات  المكلفة والمرهقة لإنقاذ منطقة اليورو، قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتحطيم محظورات ما بعد الحرب عن طريق تغيير حدود أوروبا بعنف. وجاء بعد ذلك رئيس أميركي تخلى عن مبدأ آخر من مبادئ عالم ما بعد الحرب الذي يعتبر جوهريا عند  ألمانيا:وهو مبدأ  الالتزام بنظام عالمي ليبرالي تعاوني.
و كان هذا التغيير الأخير مهما  أكثر من أي شيء آخر، بالنسبة للسيدة ميركل. فالى حين  مجيء ترامب، كانت ألمانيا تتماشى بشكل عام مع مبادئ السياسة الخارجية الأميركية، وعلى الرغم من تنامي سلطتها الاقتصادية والسياسية،كانت  سعيدة للسماح لواشنطن أن تأخذ زمام المبادرة. ولكن ماذا يحدث عندما ينهار هذا كله؟ وقبل أن يستخدم الرئيس ترامب منبر الأمم المتحدة هذا الأسبوع للدعوة إلى "إعادة إحياء الأمم"، وصف  مستشار الأمن القومي، الجنرال هر ماكماستر، ومدير المجلس الاقتصادي الوطني، غاري د. كوهن، ما يعنيه الرئيس الأميركي بالدعوة الى جعل "أميركا أولا بالقول  أن "العالم ليس" مجتمعاً عالمياً "بل هو ساحة تشارك فيها الدول والجهات الفاعلة غير الحكومية والشركات وتتنافس على المزايا". واضافا "اننا نأتي الى هذا المنتدى كقوة عسكرية وسياسية واقتصادية وثقافية ومعنوية لا مثيل لها. وبدلاً من إنكار هذه الطبيعة الأساسية للشؤون الدولية، فإننا نعتمدها ". وقال الجنرال ماكماستر والسيد كوهن إن أمريكا تتطلع إلى العمل مع الأصدقاء والحلفاء. ولكن من هم الأصدقاء والحلفاء؟ فقط اولئك  ، الذين "تتطابق مصالحنا معهم  وفي الوقت نفسه، "فان أولئك الذين يختارون تحدي مصالحنا سوف نواجههم بقوة وعزم ".
، يبدو أن هذه النبرة العدائية والاستبدادية قد خرجت من مناخ سياسي محلي أصبح فيه الناس الذين لديهم آراء متباينة يعتبرون بعضهم البعض أعداء. وكما ذكر السيناتور جيف فليك، وهو جمهوري مناهض لترامب من ولاية اريزونا، في كتابه الجديد "ضمير المحافظين"، قرر الحزب الجمهوري "التخلي عن العقل وأي مفاهيم قديمة عن الصالح العام، واصبح يمتلك نزعة نحو  التخريب ". و الترامبية في جوهرها هي ما يلي: عندما تخسر، سأفوز أنا. وأن تكون  قويا معناه أن تكون محقا  . وإذا كنت ترغب في الدفاع عن مصالحك الخاصة، فمن الشرعي ان تلحق الضرر بالآخرين. هذا ليس الطريق الذي يمكن أن تتبعه ألمانيا، وليس الطريق الذي يمكن لألمانيا أن تسمح لجيرانها الأوروبيين  بالسير عليه ،. إذا كان السيد ترامب على حق وان التعاون العالمي قد تسبب  في  كارثة اقتصادية، فهنا يجب أن تكون أعلى معدلات البطالة في العالم. موجودة في  المانيا لكن الواقع إن في المانيا ، أدنى. معدلات البطالة في العالم.
فهل الاتحاد الأوروبي، الذي يمكن القول بأنه أفضل مثال على الحكم المتعدد الأطراف في العالم، له عيوب؟ هل خلق الكثير من الروتين؟ هل فشل في الوفاء بالوعود الاساسية ؟ إن الامر يحتاج نقاشا . ولكن فكرة السيد ترامب أن "البيروقراطية"  على هذا النحو تعرقل السيادة هي مجرد تفكير ضيق الافق مثل فكرة أن بريطانيا ستكون أفضل حالا خارج الاتحاد الأوروبي. وبيروقراطية بروكسل، أولا وقبل كل شيء، سهلت التجارة إلى حد كبير داخل أوروبا. والبريطانيون على وشك تجربة ما يحدث خارج  ذلك. السيدة ميركل تعرف هذه الأشياء، وتؤمن بها بشدة . ويبدو أنها تعرف أنه يتعين عليها ، في عام 2017، الدفاع عن تلك المبادئ. وربما لم يكن من قبيل المصادفة أنها أعلنت أنها ستنتخب لفترة ولاية رابعة فقط بعد التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبعد أن انتقل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ماذا يعني للسيدة ميركل أن تكون زعيمة العالم الحر؟ نتوقع منها أن تدافع عن الاتحاد الأوروبي وأن تعززه كحصن من حصون  الليبرالية في العالم ضد أميركا التي قد تبدأ في مهاجمتها. وفي الوقت نفسه، نتوقع منها أن تفعل المزيد لتخفيف العواقب السلبية للعولمة السياسية والاقتصادية على الحياة اليومية للألمان والأوروبيين. وفي رأي السيدة ميركل، ان ما يحدث  في الولايات المتحدة، سببه عدم وجود "نظام اجتماعي معقول"،   إن الميركلية ، باختصار، تستخلص استنتاجات  مختلفة كثيرا عن الترامبية حين يتعلق الأمر بآثار العولمة المزعجة. السيد ترامب يريد أن يعطل ويدمر،و السيدة ميركل تسعى إلى الاستمرار ولكن بشكل صحيح. وإذا كان العالم الحر سيكون  أفضل عندما يقوده اشخاص ناجحون ، فان المستشارة الألمانية تبدو هي المرأة المناسبة، في الوقت المناسب، لهذا المنصب.
 عن نيويورك تايمز

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

متابعة/ المدى أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أنه لا يمكن العودة إلى القتال والدمار في غزة، مشدداً على ضرورة استمرار وقف النار في القطاع. وقال، إن"إخراج سكان القطاع من أرضهم تطهير عرقي"،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram