TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ثورة الوعي

ثورة الوعي

نشر في: 29 سبتمبر, 2017: 09:01 م

يقول الكاتب الاميركي سي رايت ميلز :" كل ثورة لها ثورة مضادة ، وهذه علامة على إن الثورة حقيقية "...ونحن نقترب من ذكرى ثورة الإمام الحسين (ع) على الظلم وانحراف الاسلام عن مساره وجدت هذا القول مناسبا لأحاول التذكير بأن ثورة الحسين كانت وستظل حقيقية ، ولهذا السبب ظهرت لها ثورة مضادة تمثلت في تشويه معالمها وأهدافها الحقيقية والقيم الكامنة فيها بممارسات بدأت تزداد مبالغة يوما بعد يوم ..
ولأن الثورة العظيمة تساعد في تغيير مصير أي مجتمع وقد تساعد على إحداث تغيير في مصير البشرية ، فنحن بحاجة إذن الى أن نعرف الكثير عن هذه الثورة ..نحتاج الى رجال دين لايعملون فقط على استدرار عاطفة الناس فيتعكزون على المظلومية ويلجأون الى التباكي على استشهاد الحسين الذي يمثل درسا للاجيال بل يعمدون الى تنويرهم واستفزاز المناطق الانسانية فيهم بالحديث عن معاني الشهادة وعن قيمة الثبات على المبادئ والسعي الى التغيير التي قادت الحسين الى الاستشهاد أملاً في تغيير مصير مجتمعه ورغبة في تغيير مصير البشرية فيما لو حاول من تبعه لاحقاً أن يفهم الدرس جيداً وأن يقاتل من أجل القيم العظمى وينشر المبادئ السامية التي نادى بها وضحى بنفسه وأهله من أجلها ..
مؤخرا ، أصدر رئيس شرطة العاصمة طهران بيانا قال فيه ان الشرطة ستضرب بيد من حديد على كل من يحاول إهانة العزاء الحسيني سواء بضرب ( القامات ) او بأي بدعة أخرى ..وهذا يعني إن فعل ( التطبير ) الذي يتخلل طقوس استذكار مناسبة استشهاد الحسين ومايماثله من بدع اخرى كضرب الزنجيل والتمرغ بالوحل والزحف على المرفقين وماإلى ذلك هي إهانة لهذه المناسبة العظيمة من وجهة نظر الآخرين فلماذا لاتكون بالنسبة لنا – نحن أهل الحسين وتابعوه- فرصة عظيمة لتوعية الناس من فوق المنابر وتعريفهم بما يحدث في واقعهم ليقتدوا بمبادئ الإمام الحسين في رفض الفساد والظلم وليبذلوا جهودهم في تكريس كرمهم الذي يصل الى حد الاسراف لمساعدة الفقراء والمحتاجين فالناس لايحتاجون فقط الى كثرة الطعام بل الى سد احتياجاتهم الأخرى من سكن وعلاج وتحقيق احلام بسيطة يمكن أن تُحدث فرقاً لديهم ..
نحن ندرك جيدا ان المجتمعات تتغير وتتأثر تدريجيا بكل مايمر بها من انتصارات وكبوات وتأثيرات خارجية ، لذا يصبح الثبات على المبادئ الاساسية في بناء المجتمعات من أصعب الأمور ، وقد تصبح الثورات العظيمة التي غيرت من قبل مصائر تلك المجتمعات مفرغة من معناها وفاقدة لفاعليتها لعدم تعاطي الجيل الجديد معها بل مع مايصله من قشورها على أيدي من يحاول تشويهها أو يبالغ في ابعادها عن مسارها الصحيح ، لذا أعتقد بان كل جيل جديد يحتاج الى ثورة جديدة والثورة التي نحتاجها الآن هي ثورة الوعي والتخلص من كل مايشدنا الى التخلف واللامبالاة والتقليد الأعمى دون تفكير وتبصر بما قد يحولنا الى أوانٍ تستقبل فقط مايسكب فيها من تشويه بدلاً من أن تنضح بالوعي والقيم
الأصيلة ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram