يقول الكاتب الاميركي سي رايت ميلز :" كل ثورة لها ثورة مضادة ، وهذه علامة على إن الثورة حقيقية "...ونحن نقترب من ذكرى ثورة الإمام الحسين (ع) على الظلم وانحراف الاسلام عن مساره وجدت هذا القول مناسبا لأحاول التذكير بأن ثورة الحسين كانت وستظل حقيقية ، ولهذا السبب ظهرت لها ثورة مضادة تمثلت في تشويه معالمها وأهدافها الحقيقية والقيم الكامنة فيها بممارسات بدأت تزداد مبالغة يوما بعد يوم ..
ولأن الثورة العظيمة تساعد في تغيير مصير أي مجتمع وقد تساعد على إحداث تغيير في مصير البشرية ، فنحن بحاجة إذن الى أن نعرف الكثير عن هذه الثورة ..نحتاج الى رجال دين لايعملون فقط على استدرار عاطفة الناس فيتعكزون على المظلومية ويلجأون الى التباكي على استشهاد الحسين الذي يمثل درسا للاجيال بل يعمدون الى تنويرهم واستفزاز المناطق الانسانية فيهم بالحديث عن معاني الشهادة وعن قيمة الثبات على المبادئ والسعي الى التغيير التي قادت الحسين الى الاستشهاد أملاً في تغيير مصير مجتمعه ورغبة في تغيير مصير البشرية فيما لو حاول من تبعه لاحقاً أن يفهم الدرس جيداً وأن يقاتل من أجل القيم العظمى وينشر المبادئ السامية التي نادى بها وضحى بنفسه وأهله من أجلها ..
مؤخرا ، أصدر رئيس شرطة العاصمة طهران بيانا قال فيه ان الشرطة ستضرب بيد من حديد على كل من يحاول إهانة العزاء الحسيني سواء بضرب ( القامات ) او بأي بدعة أخرى ..وهذا يعني إن فعل ( التطبير ) الذي يتخلل طقوس استذكار مناسبة استشهاد الحسين ومايماثله من بدع اخرى كضرب الزنجيل والتمرغ بالوحل والزحف على المرفقين وماإلى ذلك هي إهانة لهذه المناسبة العظيمة من وجهة نظر الآخرين فلماذا لاتكون بالنسبة لنا – نحن أهل الحسين وتابعوه- فرصة عظيمة لتوعية الناس من فوق المنابر وتعريفهم بما يحدث في واقعهم ليقتدوا بمبادئ الإمام الحسين في رفض الفساد والظلم وليبذلوا جهودهم في تكريس كرمهم الذي يصل الى حد الاسراف لمساعدة الفقراء والمحتاجين فالناس لايحتاجون فقط الى كثرة الطعام بل الى سد احتياجاتهم الأخرى من سكن وعلاج وتحقيق احلام بسيطة يمكن أن تُحدث فرقاً لديهم ..
نحن ندرك جيدا ان المجتمعات تتغير وتتأثر تدريجيا بكل مايمر بها من انتصارات وكبوات وتأثيرات خارجية ، لذا يصبح الثبات على المبادئ الاساسية في بناء المجتمعات من أصعب الأمور ، وقد تصبح الثورات العظيمة التي غيرت من قبل مصائر تلك المجتمعات مفرغة من معناها وفاقدة لفاعليتها لعدم تعاطي الجيل الجديد معها بل مع مايصله من قشورها على أيدي من يحاول تشويهها أو يبالغ في ابعادها عن مسارها الصحيح ، لذا أعتقد بان كل جيل جديد يحتاج الى ثورة جديدة والثورة التي نحتاجها الآن هي ثورة الوعي والتخلص من كل مايشدنا الى التخلف واللامبالاة والتقليد الأعمى دون تفكير وتبصر بما قد يحولنا الى أوانٍ تستقبل فقط مايسكب فيها من تشويه بدلاً من أن تنضح بالوعي والقيم
الأصيلة ..
ثورة الوعي
[post-views]
نشر في: 29 سبتمبر, 2017: 09:01 م