TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لعنة الخوف

لعنة الخوف

نشر في: 2 أكتوبر, 2017: 09:01 م

قبل أعوام مضت ، قالت لي : لماذا لايعلو الانسان هنا إلا على حبل المشنقة ؟..قلت لها : هذا زمان التوجس والموت في الطرقات الحزينة ، والدم في الارصفة ...قالت لي : ولماذا لايعلو رأس الانسان الآن إلا على منابر ادعاء الوطنية ..قلت لها : جهود الآخرين كأبنائهم ، تحمل ملامحهم لتفضح الادعياء منهم ...بعد سنوات :قالت لي : الحكم الديمقراطي لايلائم البشر لكماله ، ولو كان يوجد شعب مؤلف من الآلهة فقط ، لأختار هذا الحكم ...قلت لها : من الأفضل لنا أن نكون متناقضين على أن نكون متعصبين أو منقادين ...بعدها ، بدا عليها الأسى وهي تقول : لابد أن تتذكر الشعوب جميعا إنها تستطيع امتلاك الحرية لكنها لاتستطيع بعثها ..قلت لها : لقد وضع المجتمع في رأس كل منا شرطيا وعلمنا أن نتجسس على أنفسنا ..وصار انتهاك القوانين وخرقها هو السبيل الى التحرر ومعرفة أنفسنا .. قالت لي بحرقة: لم يعد هناك شيء غير قانوني نظراً الى إنه لم يعد هناك أي قانون ..خشينا أن يقودنا حوارنا العبثي هذا الى الاختلاف وقد صممنا على السير سوية ، فاخترنا الصمت...!
أتساءل.. هل تراها ثقافة الخوف المزروعة فينا هي التي تمنعنا من مواجهة الآخر بأخطائه ابتداءً من الأهل ثم الاقرباء والجيران والمدرسين في المدرسة ورؤساء العمل والزملاء فيه ؟ألم نحتاج الى أن يعلمنا أهلنا كيف نحترم ذواتنا وندافع عنها بالمنطق والحق ثم بالقانون ..لقد اعتدنا أن نرى أهلنا في الغالب يقبلون بالظلم ويبحثون للظالم عن أعذار أو يبتعدون عنه في أحسن الأحوال متكئين على أمثال وتقاليد تهدر لنا حقوقنا وتخفي ضعفهم من أمثال ( ابعد عن الشر وغنيله) ..والأمر الآخر الذي أعتقد بوجوده هو جهلنا لحقوقنا التي يضمنها لنا القانون ...ألهذا السبب نفضل الصمت على المواجهة ومحاولة إقناع المقابل ..ألا يمكن أن يفكر المقابل أيضا بنفس الأمر وهكذا يمكننا أن نجد طريقا مشتركا لنسير فيه وخطاباً وسطياً لنقتفي آثاره...
يقول وليم شكسبير "ان الخوف من الكارثة غالبا مايكون أشد إيلاما من العلم بوقوعها " ونحن قد علمنا بما سيحدث ونما فينا خوف يتطاول مع الأمل ..هل يمكن تصور ذلك ..كان في داخل كل منا أمل بسقوط لعنة الظلم عنا ولم يقل عنه الخوف من دخول غريب الى أرضنا ...الى ذواتنا ..عشنا تلك المعادلة الغريبة وتصورنا اننا انتصرنا عليها حين قاومنا الخوف وتواصلنا مع الحياة ، لكن مايحدث وماسيحدث على الدوام اننا سنظل نواجه الخوف بأشكال متعددة ...فبعد الخوف من القتل والفقر وانتحار الأحلام ، صار علينا أن نخشى من فقدان الوطن لأعضائه ، عضوا ، عضوا ..صرنا نخشى أن يتحول الى أشلاء ..والمصيبة اننا سنعجز عن إقناع الاخرين بلملمة اشلائه ونفخ الحياة في روحه..سنعجز .. وسنختار الصمت أيضا ...لالنسير سوية كما قررت وزميلتي سابقا ، بل لنتجنب تنفيذ حكم الإعدام لبعضنا البعض ..بأيدينا !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram