قبل أعوام مضت ، قالت لي : لماذا لايعلو الانسان هنا إلا على حبل المشنقة ؟..قلت لها : هذا زمان التوجس والموت في الطرقات الحزينة ، والدم في الارصفة ...قالت لي : ولماذا لايعلو رأس الانسان الآن إلا على منابر ادعاء الوطنية ..قلت لها : جهود الآخرين كأبنائهم ، تحمل ملامحهم لتفضح الادعياء منهم ...بعد سنوات :قالت لي : الحكم الديمقراطي لايلائم البشر لكماله ، ولو كان يوجد شعب مؤلف من الآلهة فقط ، لأختار هذا الحكم ...قلت لها : من الأفضل لنا أن نكون متناقضين على أن نكون متعصبين أو منقادين ...بعدها ، بدا عليها الأسى وهي تقول : لابد أن تتذكر الشعوب جميعا إنها تستطيع امتلاك الحرية لكنها لاتستطيع بعثها ..قلت لها : لقد وضع المجتمع في رأس كل منا شرطيا وعلمنا أن نتجسس على أنفسنا ..وصار انتهاك القوانين وخرقها هو السبيل الى التحرر ومعرفة أنفسنا .. قالت لي بحرقة: لم يعد هناك شيء غير قانوني نظراً الى إنه لم يعد هناك أي قانون ..خشينا أن يقودنا حوارنا العبثي هذا الى الاختلاف وقد صممنا على السير سوية ، فاخترنا الصمت...!
أتساءل.. هل تراها ثقافة الخوف المزروعة فينا هي التي تمنعنا من مواجهة الآخر بأخطائه ابتداءً من الأهل ثم الاقرباء والجيران والمدرسين في المدرسة ورؤساء العمل والزملاء فيه ؟ألم نحتاج الى أن يعلمنا أهلنا كيف نحترم ذواتنا وندافع عنها بالمنطق والحق ثم بالقانون ..لقد اعتدنا أن نرى أهلنا في الغالب يقبلون بالظلم ويبحثون للظالم عن أعذار أو يبتعدون عنه في أحسن الأحوال متكئين على أمثال وتقاليد تهدر لنا حقوقنا وتخفي ضعفهم من أمثال ( ابعد عن الشر وغنيله) ..والأمر الآخر الذي أعتقد بوجوده هو جهلنا لحقوقنا التي يضمنها لنا القانون ...ألهذا السبب نفضل الصمت على المواجهة ومحاولة إقناع المقابل ..ألا يمكن أن يفكر المقابل أيضا بنفس الأمر وهكذا يمكننا أن نجد طريقا مشتركا لنسير فيه وخطاباً وسطياً لنقتفي آثاره...
يقول وليم شكسبير "ان الخوف من الكارثة غالبا مايكون أشد إيلاما من العلم بوقوعها " ونحن قد علمنا بما سيحدث ونما فينا خوف يتطاول مع الأمل ..هل يمكن تصور ذلك ..كان في داخل كل منا أمل بسقوط لعنة الظلم عنا ولم يقل عنه الخوف من دخول غريب الى أرضنا ...الى ذواتنا ..عشنا تلك المعادلة الغريبة وتصورنا اننا انتصرنا عليها حين قاومنا الخوف وتواصلنا مع الحياة ، لكن مايحدث وماسيحدث على الدوام اننا سنظل نواجه الخوف بأشكال متعددة ...فبعد الخوف من القتل والفقر وانتحار الأحلام ، صار علينا أن نخشى من فقدان الوطن لأعضائه ، عضوا ، عضوا ..صرنا نخشى أن يتحول الى أشلاء ..والمصيبة اننا سنعجز عن إقناع الاخرين بلملمة اشلائه ونفخ الحياة في روحه..سنعجز .. وسنختار الصمت أيضا ...لالنسير سوية كما قررت وزميلتي سابقا ، بل لنتجنب تنفيذ حكم الإعدام لبعضنا البعض ..بأيدينا !!
لعنة الخوف
[post-views]
نشر في: 2 أكتوبر, 2017: 09:01 م