تم منح جائزة نوبل للطب لهذا العام للبحوث التي من شأنها أن تساعد الإنسان في النوم. ولكن بالتأكيد من خلال وسائل جيدة، بعيدة عن العقاقير. في بعض الأحيان، يمكن منح جوائز نوبل للعلماء الذين يحققون أعمالاً غامضة أو محددة للغاية. ولكن، هذه المرة، فإن
تم منح جائزة نوبل للطب لهذا العام للبحوث التي من شأنها أن تساعد الإنسان في النوم. ولكن بالتأكيد من خلال وسائل جيدة، بعيدة عن العقاقير. في بعض الأحيان، يمكن منح جوائز نوبل للعلماء الذين يحققون أعمالاً غامضة أو محددة للغاية. ولكن، هذه المرة، فإن اكتشافاتهم تناولت واحدة من أكثـر الأشياء الأساسية في العالم: النوم، وكيف يغيّر حياتنا.
وكان الاكتشاف في حد ذاته مثيراً للاهتمام، وإن لم يكن عملياً بشكل خاص. لكن العلماء يقولون إن، الاكتشاف يمكن أن يستعمل لفهم أسرار النوم، ولمساعدة الاكتشافات التي يمكن أن تغيّر كيف نفهم ارتباط جسدنا بالوقت.وقال الفائزون بالجائزة، من خلال فهم الطريقة التي تعمل فيها الساعة البيولوجية في أجسامنا وتزامنها مع الشمس، استطعنا العثور على كيفية استخدام نفس العملية لتحسينه. إيقاعات الساعة تؤثر في بعض من أهم أجزاء حياتنا -على الطاقة والصحة والخصوبة وغيرها من الأشياء - وبفهم ذلك يمكننا تحسينها جميعاً بشكل أفضل.يقول مايكل هاستينغز من مختبر مرك للبيولوجيا الجزيئية في كامبريدج بإنكلترا: "قبل أن تحصل على الجينات، فإن كل شيء هو مثل صندوق أسود". "بمجرد حصولك على الجينات، كل شيء ممكن".العلماء يدركون الآن أن الساعة البيولوجية تؤثر في اليقظة والجوع والتمثيل الغذائي والخصوبة والمزاج والظروف الفسيولوجية الأخرى. وقد بدأ الباحثون لدراسة الآثار المترتبة على عدم انتظام النوم وعلى أنماط العمل أو الأطفال الذين يبقون مستيقظين حتى وقت متأخر.
وقال كريستر هوغ عضو لجنة نوبل: "نتعلم أكثر فأكثر ما هي الآثار المترتبة على عدم اتباع الانسان لساعته البيولوجية". "إذا كنت تتمرد عليها باستمرار وعلى مدار الساعة، فماذا سيحدث؟ والأبحاث والدراسات الطبية تقوم بالبحث في ذلك".
منحت جائزة نوبل للطب 2017 إلى ثلاثة باحثين أمريكيين هم جيفري س. هال ومايكل روسباخ ومايكل دبليو يانغ لأعمالهم حول الساعة البيولوجية.
وقال روزباخ، وهو استاذ عمره 73 عاماً، انه هو وزملاؤه عملوا على فهم "الساعة التي تحافظ على الوقت في ادمغتنا".
"أنت تعرف إيقاعات الساعة البيولوجية من حقيقة أنك تشعر بالنعاس في الساعة العاشرة أو الحادية عشرة في الليل، ويمكنك الاستيقاظ تلقائياً في السابعة صباحاً، فإذا كان لديك تراجع في اليقظة في منتصف النهار، وربما في 3 أو 4 في فترة ما بعد الظهر عندها تحتاج إلى فنجان من القهوة، وهذا الأمر يتكرر على مدار الساعة". "حقيقة أنك تذهب إلى الحمام في وقت معين من اليوم، وحقيقة انك إذا كنت تسافر عبر مناطق زمنية متعددة تحتاج لعدّة أيام حتى تقوم بالتأقلم مع الوضع - كل هذا هو مظهر من مظاهر الساعة البيولوجية الخاصة بك".
وقال روزباخ، إن الأنباء التى تفيد بأن الثلاثة فازوا بجائزة نوبل التى تبلغ قيمتها 9 ملايين كرونة سويدية (1.1 مليون دولار) جعلتنا نشعر بفرح عارم".وأضاف : "كنت مندهشاً للغاية، استيقظت من النوم العميق، وكنت مصدوماً".
"إنه أمر عظيم بالنسبة للعلوم الطبية، ولم يكن له تأثير هائل حتى الآن، لذا فهو اكتشاف أساس جداً ... من الجيد أن نولي الاهتمام لهذا النوع من العمل".
وقال توماس بيرلمان، سكرتير لجنة نوبل للصحافيين "إن هذه القدرة على الاستعداد للتقلبات اليومية العادية أمر حاسم لأشكال الحياة كافة".وأضاف "أن الحائزين على جائزة نوبل لهذا العام يدرسون هذه المشكلة الاساسية وحلّوا الكيفية التي يمكن أن تتنبأ بها الساعة الداخلية في اجسادنا بالتقلبات اليومية بين الليل والنهار لتحسين سلوكنا والقيام بوظائفنا".
وقال يونغ أحد الفائزين، إنه تم العثور على طفرة جينية بالفعل فى بعض الأشخاص الذين يعانون مشكلة نوم مزمنة.
وأضاف "هذا يعطينا هدفاً للعمل على طرق للتفكير لم تكن لدينا من قبل". وأضاف "اعتقد اننا سننتقل الى هذا الأمر مراراً وتكراراً".
وقال أحد الفائزين الثلاثة، جيفري سي هول، إن الاكتشاف أتاح الفرصة لتحسين صحة الناس وحياتهم.وقال هول، إنه بمجرد أن يفهم العلماء كيف تعمل الساعة على الدوام "فإن ذلك يمنحك فرصة، وإن كانت غير حاسمة للتأثير في العمل الداخلي على مدار الساعة وربما لتحسين رفاهية المريض".
وقال البروفيسور راسل فوستر، الخبير المتخصص في الساعة البيولوجية في جامعة أوكسفورد، :"إذا أفسدنا هذا النظام، فإنه سيكون لذلك تأثير كبير على التمثيل الغذائي في أجسامنا".
وأعرب فوستر عن "سعادته البالغة" بفوز العلماء الأمريكيين الثلاثة بجائزة نوبل، مشيراً إلى أنهم يستحقون الجائزة لكونهم أول من أوضح كيف يعمل هذا النظام في الجسم".
وأضاف: "لقد أوضحوا لنا (العلماء الثلاثة) كيف تتكون الساعات الجزيئية على مستوى جميع مملكة الحيوان".
وكشف البحث الذي أجراه العلماء الثلاثة على ذباب الفاكهة كيف أن حركة التغذية المرتدة للجزيئات كانت تراعي الوقت وتتكيف معه.
وعزل جيفري هول ومايكل روسباش جزءاً من الحمض النووي يُسمّى جين "الفترة" (Period Gene) والذي يلعب دوراً في إيقاع الساعة البيولوجية.
ويحتوي جين "الفترة" على تعليمات لتكوين بروتين يسمي "بي إي أر"، وتؤدي زيادة مستويات هذا البروتين إلى تعطيل التعليمات الجينية الخاصة به.
ونتيجة لذلك، فإن بروتين "بي إي أر" يتذبذب على مدى 24 ساعة ليزيد خلال الليل ويقل خلال ساعات النهار.
عن: الاندبندنت