TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أطفال بلا أجنحة

أطفال بلا أجنحة

نشر في: 6 أكتوبر, 2017: 09:01 م

 

لااعتقد أن المسؤولين في بلادي قد قرأوا أعمال ماركيز أو تبنّوا مبادئه ليعملوا بمقولته (للطفل سوف أعطي الأجنحة ، ولكني سأدعه يتعلم التحليق ) ، فماعملوه منذ سنوات هو حرمان الأطفال من أجنحتهم ثم مطالبتهم بالتحليق وحدهم وتحقيق نسبة نجاح تجعلهم مساوين لمن يتلقى في أنحاء العالم تعليماً لائقاً !!
أقول هذا بعد أن قرأت قصة طالبة من ناحية البغدادي من مدينة هيت في الانبار حازت على المرتبة الاولى على مدارس العراق الابتدائية بحصولها على معدل 100% في العام الدراسي الماضي رغم إنها كانت نازحة وعادت الى مدرستها المدمرة بشكل كبير لتكمل دراستها فيها ، وهكذا ، يمكن أن ندرك بأن الطفلة نادية لم تنتظر منحها أجنحة من الحكومة لتتعلم التحليق وحدها بل اعتمدت على نفسها وتحدت الارهاب وكل الظروف العصيبة لتحقق التفوق ..
ولكن ، ليس كل اطفال العراق مثل نادية وهم بحاجة الى تهيئة الظروف المناسبة لهم ليحققوا النجاح ...أطفالنا مازالوا يدرسون في مدارس طينية أو مدمرة وتفتقر الى المقاعد وكل وسائل الراحة كما يعانون غالباً من نقص الكتب المدرسية ويتكدسون في صفوف لاتستوعب أعدادهم الكبيرة بسبب شح المدارس واستمرار نظام الدوام الثنائي والثلاثي أحيانا ..وهذا يعني انهم لن يجدوا الطرق معبدة أمامهم في كل عام دراسي جديد وسيكون عليهم أن يشقوا طريقهم بانفسهم ..فالمدارس التي تدمرت بفعل العمليات العسكرية في المناطق المحررة وتلك التي عانت من الإهمال الحكومي في المحافظات الجنوبية لم تجد لها حتى الآن من يعيد إليها كيانها التعليمي حتى بعد مبادرة بعض المنظمات االعالمية لإصلاح مايمكن إصلاحه ، والسبب بالتأكيد هو الانتفاع الشخصي على حساب دمار المدارس وبالتالي المستوى التعليمي ككل ..فنسبة الدمار في المناطق المحررة تحتاج الى تخصيصات مالية كبيرة وجهد حكومي أكبر لكن الأموال تتسرب - بقدرة قادر – حين تتولى الجهات الحكومية عملية البناء والترميم ، وتتوالى الاعوام الدراسية والوضع باق على ماهو عليه ان لم يكن أسوأ بكثير ، أما المحافظات الأخرى ومنها البصرة وذي قار والحلة فتزداد حدة الأزمة فيها مع تزايد الإهمال الحكومي للمدارس فبعضها آيلة للسقوط والبعض الآخر تم تهديمها لغرض إعادة إعمارها ولم يتحقق ذلك ببسبب الضائقة المالية التي ألمت بالبلد !! لكن المشكلة قائمة قبل التذرع بالضائقة المالية وسببها الفساد الكبير وتلاشي ملايين الدولارات التي خصصت لمشاريع تم تسجيلها ضمن المشاريع المنجزة رغم عدم وجود بناء أو ترميم يذكر..
ومع تواتر السنوات ، مازال المسؤول يرسل ابناءه ليدرسوا خارج البلد بينما ينشغل بسرقة مستقبل أبناء البلد ويحرمهم من الاجنحة والتحليق عالياً ..

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram