TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بغداد تختنق.. مروريّاً أيضاً..

بغداد تختنق.. مروريّاً أيضاً..

نشر في: 7 أكتوبر, 2017: 05:47 م

adnan.h@almadapaper.net

مرّت أيام مئة منذ إعلان الحكومة عن أنها في سبيلها إلى معالجة مشكلة المرور في العاصمة بغداد، وكان الأمل أن نلمس تطبيقاً للإجراءات الموصى بها مع بدء العام الدراسي الجديد، وهو ما لم نلمح له أيّ أثر حتى الآن.
في الأول من تموز الماضي أعلن المتحدث باسم مجلس الوزراء أنّ المجلس وجّه بإيجاد "معالجات سريعة وحلول آنية" للاختناقات المرورية في بغداد. ومعلوم أنّ هذه الاختناقات في الشوارع وعند نقاط التفتيش الأمنية والجسور بلغت مستوى قاتلاً وحدّاً لا يمكن تحمّله (كما الاختناقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية)، مع الزيادة المفرطة في أعداد السيارات وتخلّف نظام المرور المعمول به وعدم التقيّد بأحكام قانون المرور.
الإجراءات الحكومية الموعودة تضمّنت بين ما تضمنته، بحسب تصريح المتحدث الرسمي: تغيير أوقات الدوام في الوزارات والدوائر والجامعات بشكل متفاوت، تقليل عدد نقاط التفتيش وإبعاد مواقعها عن التقاطعات المهمّة وعُقَد الزحام المروري  وفتح ممرات متعددة في السيطرات، اعتماد أكثر من منفذ للدخول والخروج في مناطق العاصمة وأحيائها واختيار مواقع هذه المنافذ بعيداً عن الشوارع المكتظّة بالعجلات،  قيام  أمانة بغداد بأعمال التنظيف والصيانة ليلاً، إنشاء مناطق وساحات تبادل البضائع وتفريغ الحمولات خارج بغداد، اعتماد تعدّد مستويات نقاط التقاطع ‏من علوية (مجسّرات) أو سفلية (أنفاق)، إلزام المستثمرين الذين يرومون إنشاء بنايات ذات طبقات متعددة باشتمالها على مواقف للسيارات.
هذه الإجراءات يُمكن لها، إن جرى تطبيقها والالتزام بها، أن تخفّف من وطأة المشكلة بعض الشيء، لكنه لم يظهر للعيان ما يشير إلى وضعها، أو بعضها، قيد التنفيذ، فأوقات الدوام في الوزارات والدوائر والجامعات والمدارس باقية على حالها، وأمانة بغداد لم تزل تعمل في النهار أكثر من الليل، ونقاط التفتيش لم يتراجع عددها ولم يُيسّر المرور بها، وكذا الحال في ما خصّ منافذ الدخول والخروج في المناطق والأحياء السكنية.
بغداد تحتاج الى معالجات جذرية لمشكلة المرور من كل جوانبها، فلابدّ من وضع مشروع للأخذ بوسائل وأنظمة النقل العصرية ( قطارات أرضية وتحت أرضية، زيادة أعداد الباصات الكبيرة ووضع مسارات خاصة بها في الشوارع)، فضلاً عن ترميم وتبليط الشوارع والساحات، فشوارع بغداد وساحتها كلها تقريباً تالفة.
مما له أهمية قصوى أيضاً تنفيذ قانون المرور الذي لا نجد له أيّ أثر في الحياة اليومية، حتى ولو في صورة شبح.. القانون مُنتهك من الجميع. أول هؤلاء الجميع كبار المسؤولين في الدولة الذين يقدّمون أسوأ أنموذج لاستخدام الشوارع في تنقلاتهم، بانتهاكهم القانون على نحو سافر للغاية. رجال المرور هم أيضاً ينتهكون القانون بعدم تطبيقه أو بتطبيقه مرة وعدم تطبيقه مرات أو بعدم العدالة والإنصاف في التطبيق. وبالطبع يأتي الانتهاك الأكبر من سائقي السيارات ومن المشاة، وهؤلاء ما كان لهم أن ينتهكوا القانون لو قدّم كبار المسؤولين الأنموذج الصالح، ولو التزم رجال المرور بالقانون الذي وُضع من أجلهم هم أيضاً وفي سبيل تسهيل مهمتهم. يقال إنّ المال السائب يعلّم السرقة.. الشارع السائب يعلّم انتهاك قانون المرور، بل سائر القوانين كذلك. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين رحم الله أبو الأسود الدؤلي الذي قال هذه الأبيات من الشعر: [ لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلاّ لَهُ عَمَدٌ وَلا عِمادَ إِذا لَم تُرسَ أَوتادُ فَإِن تَجَمَّعَ أَوتادٌ وَ

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram