بين كر ، وفر ، بين إنكفاء حد الإنحناء ، ونهوض حد التسامق والتسامي ، بين ضحكات مجلجلة حد القهقهة ، وحزن كظيم منقوع بدموع عصية . بين إندحار وشيك وقيامة محسوبة . بين التواضع الشديد ، والمكابرة الأشد ،، بين المتناقضات والمترادفات ، بين وبين وبين ،، تتجلى صورة الراحل جلال الطالباني ، الرجل المثير للجدل الذي إعتلى سدة الرئاسة في العراق لردح من الزمن .
………..
ما آشد ضعف الإنسان ،، يتباهى بالقوة ويمرض من لدغة بعوضة ، يتنابز بالألقاب وينسى آصله ومنشأه، يظلم ويعذب ويستولي و يؤرقه هاجس فراق حميم أو خسارة شخصية
محتملة ، ما أقصر عمره رغم طول سنوات عمره ،، ما أجهله بمصيره ، وهو لا يدري ماذا تخبئ له الآيام من فواجع ومفاجآت ، ولا يدري ماذا يكسب — أو يفقد — غداً ولا يدري بأي أرض يموت ،، ما أشد فقره - وهو المالك للضياع والثروات والقصور - إذ يغادر الدار الدنيا ، حاسر الرأس حافي القدمين عارياً إلا من رخيص قماش يستر عورات جسده ، يسمونه الكفن .. ما أقل اعوانه ومريديه ساعة الرمق الأخير ،،ينازع سكرات الموت ، وحيدا ، وحيدا رغم الحشد الكثيف الملتف حول سريره ………
أتابع بفضول وتهيب مراسيم تشييع((مام جلال الطالباني )) الرسمية عبر الشاشة الصغيرة .. سفراء ووزراء وقناصل وممثلو دول تقاطروا لحضور مراسم التشييع ،، حضور رسمي وشعبي ، محلي وإقليمي ودولى لم أشهد مثله من قبل ، مسربلا بعلم كردستان — لماذا لم يلف بعلم العراق الذي كان له رئيسا ذات يوم ؟؟؟
لترقد بسلام ،، فلقد تعبت من مشقة الرحلة وطول المسيرة ، وآن لك أن تستريح ،،، نم متوسدا رحمة الرب ،، ملتحفاً بالسلام .
لا عزاء للأحياء .
[post-views]
نشر في: 8 أكتوبر, 2017: 09:01 م