أن تجمع مُسببات الجمال في بودقة واحدة إنها خاصية استثنائية، وأن تجمع بين وطنين في انتمائك فهو عمقٌ روحي خالص، هكذا هو تميز بما جمعه من فنون وآداب، بين الترجمات والتأليف، الرسم، والتشكيل، والنقد، جمع أيضاً بين فلسطين والعراق، فهو من ولادة فلسطينية، إل
أن تجمع مُسببات الجمال في بودقة واحدة إنها خاصية استثنائية، وأن تجمع بين وطنين في انتمائك فهو عمقٌ روحي خالص، هكذا هو تميز بما جمعه من فنون وآداب، بين الترجمات والتأليف، الرسم، والتشكيل، والنقد، جمع أيضاً بين فلسطين والعراق، فهو من ولادة فلسطينية، إلا أنه بروحية عراقية، حيث سكن هذا البلد وامتزج بكل ما فيه...
الأديب والناقد والمترجم والرسام جبرا ابراهيم جبرا، يُستعاد في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وذلك من خلال حفل أقامته السفارة الفلسطينية في العراق، بالتعاون مع الاتحاد، صباح يوم السبت الفائت على قاعة الجواهري وبحضور جمع غفير من المثقفين والأدباء والإعلاميين.
خلال كلمة قدمها سفير دولة فلسطين في العراق أحمد عقل قال "إن احتفاءنا بشخص جبرا أمر مهم جداً، فهو بحدّ ذاته بشخصه يعدّ حلقة وصل وربطاً بين العراق وفلسطين، أيضاً جبرا تميّز بالكثير فهو رسام، ومؤلف ومترجم، قدم لنا الكثير من الآداب والفنون، لذا وبمناسبة ذكرى رحيله اليوم علينا كواجب تجاه ثقافة بلادنا أن نقيّم له هذا الاستذكار".
فخ الترجمات، هذا ما يقع به المترجم، حين يُخطئ في تداول ما ينقله عن ثقافة أخرى، بهذه الكلمات أشار الدكتور خالد سهر قائلاً "إن جبرا انتبه لما لم ينتبه له الكثير من المترجمين في سنونيتا شكسبير رقم 18 ، فهنالك فن بلاغي لم يسلط عليه الضوء، ولكن جبرا سلط عليه الضوء وانتبه له وهو فن الإرصاد". مشيراً الى أن "الإرصاد وهو مصطلح فرنسي استخدم في الروايات العربية والشعرية، أي أنه ذكر شيئاً في صدر الكلام ثم العودة إليه، أما لتأكيده أو نقله أو توسيعه، الجو الذي وضعت فيه سنونيتا شكسبير، نشعر أن ترجمة جبرا لهذه السونيتا تقدم تقمصات عقلية وشعرية لشكسبير".
بدوره ذكر الناقد علي حسن الفواز أن "جبرا حافظ على ما يمكن تسميته بشعرية شكسبير، وهو ما يستطيع من خلال الترجمة الحفاظ على النص الأصلي وعلى روحية الشخصيات، والجانب الثاني هو أن الذين يتحدثون فيه عن خيانة الترجمة والمترجم هي قدرة المترجم على أن يجعل من الخيانة جميلة، فالمترجمون هم لصوص نبلاء".
المخيلة النقدية لجبرا كانت ورقة نقدية ألقاها الدكتور الجامعي في جامعة ديالى علي متعب قائلاً "هنالك ملاحظات أولى في سيرة جبرا النقدية، وسأبدأها بعبارة قصيرة ترد عند ريتشاردز في كتابه يقول، تجربة الناقد يجب أن لا تتماهى مع تجربة الشاعر، وحين نمر الى سيرة جبرا نعرف أنه إنسان مارس اجراءات ابداعية عدّة، فهو ناقد ورسام وإبداعي، فأين ممكن أن نجد جبرا الحقيقي هل سنجده في مجال دون آخر، أم أنه يتلخص في تلك المجالات ويجمع من خلالها".
في بداية تحديدنا لنقدية جبرا، سيذكر لنا متعب عن لسان جبرا أن "جبرا ذكر من خلال آرائه النقدية، أنه يرى إن الفنون ترجع الى أصول واحدة وتتشكل عبر ركائز واحدة، وما يختلف هو وسائل التعبير عنها". ليستدرك متعب قائلاً "إن التجربة لدى جبرا بمختلفها هي ابداعية، ومن تصور جبرا وقناعته ننطلق الى القصة الأخرى، إن هذه التجربة تكون بشقين، أما أن يخلقها المبدع أو يتفاعل معها ويعيشها بنصوص أخرى".
في حالة الخلق والإبداع يتواجد التأمل وهو اجراء نقدي تمثل عنده بشكل واضح، والذي ينتج عنه التأويل في حالة التفاعل والمعايشة والتجربة، هذا ما يلمسه متعب في تجربة جبرا الإبداعية والنقدية ويقول إنها "تتساوى عنده من حيث المنطلقات، لنستنتج من هذه الفقرة أن آراء جبرا النقدية وتصوراته ومجمل نظرته فيما كتب من نقد هي المتن الأساس له يكون في حواراته ودراساته البحثية ومقالاته إضافة الى ما قدمه من إبداع، نحن نجد آراءً نقدية انبثت حتى في الروايات، لنصل الى الخلاصة بأن جبرا توزّع على كل إبداعه وكل التجارب التي خلقها وعايشها هو".