أكد سفراء ست دول صناعية في بغداد استعداد بلدانهم للمشاركة في إعادة إعمار العراق، وتوسيع التبادل التجاري معه، في اطار التحالف الدولي لإسناد العراق سواء في أيام الحرب على داعش أو في مرحلة الاعمار والبناء، وهو ما يعد نصرا دبلوماسيا اقتصاديا للعراق بحسب
أكد سفراء ست دول صناعية في بغداد استعداد بلدانهم للمشاركة في إعادة إعمار العراق، وتوسيع التبادل التجاري معه، في اطار التحالف الدولي لإسناد العراق سواء في أيام الحرب على داعش أو في مرحلة الاعمار والبناء، وهو ما يعد نصرا دبلوماسيا اقتصاديا للعراق بحسب المستشار المالي لرئيس الوزراء الذي يؤكد إن أهم المشاريع في خطة العراق المقبلة هي مشاريع البنى التحتية، فيما يشكك خبير بان يكون العراق قد حدد اولوياته على هذا الصعيد لعرضها على الدول المانحة.
السفير الصيني لدى العراق تشن وي تشينغ قال خلال مؤتمر صحفي عقد في مبنى مجلس النواب العراقي بمشاركة سفراء الدول الصناعية الخمس الأخرى، وهي الصين وكوريا الجنوبية والهند وروسيا وإندونيسيا: ناقشنا مع أعضاء مجلس النواب العراقي تجارب بلداننا لتبادل الخبرات مع العراق، ونحن كشركاء وأصدقاء للعراق في مكافحة الإرهاب سنشارك في إعماره، مؤكدا استعداد بلاده لتقديم المساعدات إلى العراق وتوسيع التبادل التجاري والصناعي معه.
عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، محمد عبدربه، دعا خلال المؤتمر الصحفي الشركات التابعة للدول الست إلى الاستثمار في العراق، مؤكدا: أننا نمتلك كافة المقومات الاستثمارية كالنفط والصناعة والزراعة، ولافتا الى عقد اجتماع سابق مع سفراء هذه الدول، لنقل تجربتها إلى البلاد، سيما وأن بعض هذه الدول مرت بحروب وظروف شبيهة بما مر به العراق.
المستشار المالي لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح قال في حديث لـ"(لمدى): هناك دعوة لمؤتمر المانحين في الكويت، وهو لإعادة إعمار العراق بشكل عام والمناطق المتضررة جراء الارهاب بشكل خاص، وهذا بسبب إن العراق قاتل الارهاب نيابة عن العالم وتعرض لأزمة أمنية بسبب الارهاب الداعشي، كما تعرض لأزمة مالية جراء انخفاض أسعار النفط، بالتالي فان تضحياته نيابة عن كل دول العالم كانت كبيرة ، وكان هناك تحالف عسكري من 68 دولة لإسناد العراق في أيام الحرب، أما في أيام السلام فهذا التحالف تحوّل هو نفسه الى تحالف يساند العراق في الأعمار والبناء، وأضاف: هذه الدول الصناعية التي عقد سفراؤها مؤتمراً للمشاركة في إعادة إعمار العراق هي من الدول الداعمة للعراق في ذلك التحالف.
وأكد صالح: إن العراق يحظى اليوم بنصر دبلوماسي عالمي بحربه ضد الارهاب، كما حظي بنصر دبلوماسي اقتصادي اخر، خاصة وإنها قد عطلت الكثير من خطط العراق ومشاريعه سواء في مناطق الوسط والجنوب أو في المناطق التي ضربها الارهاب، وذلك بسبب نقص التمويل والعمليات العسكرية، وأشار الى وجود اتجاهين في الإعمار لكن إعادة الاستقرار والإعمار تحتاج الى جهد دولي يساند العراق، وقال: لذلك نحن نجد في مؤتمر المانحين انطلاقة للتعاون دبلوماسيا في مجال الإعمار والبناء، وأضاف: إن أهم المشاريع التي يركز العراق عليها في خطته المقبلة هي البنى التحتية كشبكات المياه والمدارس والطرق والجسور وكل المشاريع التي تفيد الاستقرار من أجل عودة النازحين وتشغيل الحياة العامة في العراق بشكل طبيعي.
وتابع صالح: أما الشق الثاني وهو الصناعي فاننا نأمل مشاركة هذه الدول الصناعية، خاصة وإن العراق كان دولة مركزية وبها فضاء صناعي حكومي كبير أو ما يسمى بالشركات الممولة ذاتيا، صناعية وخدمية كالنقل، لكنها عطلت بسبب تغير توجهات الدولة مما جعل تلك الصناعة نقطة ضائعة وهي تضم قوى عاملة تزيد على نصف مليون. وقال أيضا: لذلك فان التوجه اليوم هو لإيجاد ما يسمى بالشراكة الاقتصادية بين القطاع الخاص والعام خاصة وإن تلك المصانع والمعامل يتوفر فيها كيان قوة عاملة وأرض وسوق محلية ، لذلك فإن الرغبة موجودة في دخول الدولة والقطاع الخاص في شراكة لإعادة تأهيل هذه المصانع والعمل بها، إضافة الى أن دخول هذه الدول على خط الصناعة في العراق يعد أفضل بوابة لتشغيل الاقتصاد فالحكومة لديها توجه لإدخال القطاع الخاص الدولي سواء في شركاتها او خبراتها التكنولوجية والادارية.
الى ذلك يرى الخبير في الشأن الاقتصادي عامر الجواهري في حديث لـ"(لمدى) إن المشكلة في العراق تتلخص في أن الأولويات للمشاريع غير محددة لحد الان سواء في الخدمات والبنى التحتية المهدمة او في التنمية للمشاريع الصناعية وغير الصناعية، مستدركا: ربما هناك من يقول إن الحكومة وضعت خطتها لأولويات مشاريعها، لكن الحقيقة اننا لحد الان لم نضع داخل العراق الأولويات الفعلية وكيف نعمل عليها، مع إننا يفترض أن نكون الآن جاهزين للعمل عليها، حتى نستفيد من الدول الصناعية الكبرى، ويجب أن يكون لدينا أيضاً مجلس إعمار لكل محافظة لكي يعمل بكل الاتجاهات، أولاً من ناحية تصليح الاضرار والبنى التحتية ومن ناحية ثانية وهي المهمة جدا، تطوير الأعمال التنموية التي تخدم الاقتصاد العراقي. الدول المانحة والصناعية تبدي استعدادها لكن ليس من السهولة المباشرة بالعمل وبتنفيذ القرض أو المنحة، نعم يمكننا أن نستفيد كثيرا من هذه الدول في عمل شراكة صناعية حقيقية لكن على المفاوض العراقي ان يقسّم أولوياته الى شقين هما الإعمار والتنمية .
ويرى الجواهري، إن التنمية تكمن في انشاء مصانع جديدة، لأن إعادة إعمار المصانع القديمة والمعطلة عملية عقيمة ولا يجب أن تزج هذه الدول والمانحين بها، وهنا ايضا يجب أن ندرس ماهي المصانع الجديدة التي نحتاجها، لذلك نقول تحديد الأولويات أولاً، على ان لا نترك هذه المهمة الى موظفين الحكومة فقط لانهم لن يستطيعوا وضعها لوحدهم ويجب إسهام منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص أيضاً، كما يجب ان نخطط لكل دولة من هذه الدولة ماذا ستتولى من قطاع سواء الصحة أو النقل كالطرق والجسور، لانه في التنفيذ فان التجربة أثبتت حصول تشعب من المانحين وتشتت من الجهات الرقابية العراقية.
وانكمش الاقتصاد العراقي منذ الإطاحة بنظام صدام حسين، وتراجعت وتيرة إنتاج النفط الخام، والذي يعد المصدر الأول للإيرادات، فيما تكافح الحكومة العراقية حاليا، لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط، لتعزيز مواردها المالية، ومواءمتها بالنفقات الجارية، التي يطغى عليها الأمن وإعادة الإعمار.
ونشرت صحيفة المونيتور الأميركية في شهر آب الماضي تقريرا قدرت فيه تكلفة إعادة إعمار المدن والمناطق العراقية التي تمّت استعادتها من داعش بنحو 100 مليار دولار أميركي. ونقلت الصحيفة عن خبراء في البنك الدولي، أن برامج إعادة الإعمار في العراق ستكون سوق عمل مربحة ومغرية لشركات المقاولات الكبرى في العالم. وكان البنك الدولي للإنشاء والتعمير قد أكد، في وقت سابق، أنه سيشارك بشكل واسع في تنفيذ برنامج إعادة إعمار المدن التي دمرتها الحرب في العراق، حيث بدأت حكومة بغداد، شهر أيار الماضي، مفاوضات مع البنك لإطلاق البرنامج، وتم تحديد 151 مشروعاً كبيرا سيتم البدء بها، مع إعطاء أولوية لمشاريع الطرق والبنية التحتية لمرافق الدولة، والتي تعرّضت لتخريب شبه كامل.