اسم على مسمّى بحق، رياضي (بارا ... لمبي)، وهل في دنيا الرياضة أبهى وأفخم من هذا المسمّى الذي يُحيل ذاكرتك على الفور لصورتين، الأولى عربية عن العلاقة الوجدانية الحميمية بين الابن ووالديه سعياً لأرضائهما وإحسانه معاملتهما ليكون باراً بهما في حياته، والثانية لفظ مشتقّ من ترجمة للمصباح (lamp) ،فما أروع مَعْنَيَي الرياضة البارالمبية وهي تضمّ نخبة من أبناء العراق وفاءً وغيرةً وحماسةً عند حملهم شعاره وعلمه ليبرّوه، ويُضاء إنجازهم في وجه ميداليات التفوّق بأصعب الظروف الصحية والاجتماعية والوطنية.
متحدّو الإعاقة يتوجهون اليوم الخميس 19 تشرين الأول لإيقاد الشمعة الخامسة عشرة من عمر تأسيس كيانهم الحافل بملاحم البطولات التي فاقت العالمية، فأجسادهم المُبتلاة بقدر ربّاني عصيّة على الاستسلام للوهن، بينما أرواحهم تتسابق مثل فرّاشات حقول الربيع، أملاً بحياة أفضل، يصنعون فيها سعادتهم من ألم المعاناة وعرق التدريب، ولا تفارقهم الابتسامة أمامنا حتى في أقسى مكابداتهم التي تداري دموعهم لئلا تخطف نشوة الثقة باستمرار دوران عرباتهم واصابع أياديهم تلوّح بعلامة النصر كجواز مرورهم (Way One) إلى قمم المجد.
أسماء تتلألأ في منظومة البارالمبية، يحق لها أن تفاخر الزمن لما قدّمته طوال السنين التي سبقت إنشاء كيانها بعدما تلاعبت بمقدّراتها السياسات الحاكمة منذ أواسط عقد الثمانينيات حتى الآن، بداية حُجِّم دورها في لجنة صغيرة ثم هيئة مثقلة بأوامر الارتباط الإداري الذي سلب استقلالها كما ينبغي لتمارس واجباتها من دون ضغوط، وهذا ما تحقق عام 2007 ثم أكملت منجزها التاريخي بصدور قانونها المتكامل العام الحالي 2017 بعد شدّ وجذب انتهى باستحصال رجال البارالمبية الشخصية الاعتبارية المنفردة بين مكوّنات الرياضة العامة والصلاحيات النافذة لمؤسسات لم تعرف حتى الآن معناً للاستقلال وفي مقدمتها اللجنة الأولمبية الوطنية بوصفها كياناً منحلّاً برغم مرور أربعة عشر عاماً على تغيير النظام السياسي في العراق.
في غمرة كرنفال عيد التأسيس لا يصلح تقليب المواجع بعدما أسدل الستار الانتخابي على شخصيات مؤثرة قولاً وفعلاً في تسيير شؤون رياضيي البارالمبية مُذ كانت ملاكاتها القيادية تلوذ بهذا المركز الشبابي أو بتلك القاعة المنزوية أو بركنٍ في نادٍ رياضي، السلام على روح من أغمض عينيه الى الأبد تلبية لحكم إلهي تاركاً صوره وكلماته وبصمات أفعاله تحيي دوره في مسيرة هذه اللجنة الرائدة، واعتزاز مفعم بالتقدير لمن اعتكف في بيته راضياً بإرادة الهيئة العامة وهي تمارس ديمقراطيتها في صندوق شفاف بعيداً عن التحالفات والمناورات، فـ(نعم) للأفضل تُطلَق خالصة هنا في بارالمبية الأبطال فقط ولا تؤشَّر تحت ضغط أو تهديد، بل بمسؤولية الناخب ووعيه لخياره.
نبارك لاتحادات تنس الطاولة، والتنس الأرضي، والمبارزة، والكرة الطائرة من وضع الجلوس، والجودو للمكفوفين، والبوتشيا، وكرة الهدف، والصم، والسباحة والرماية ولمكتبهم التنفيذي في العيد الرابع عشر، والمباركة موصولة الى الإعلام الرياضي الشريك الحقيقي في تعزيز الانتصارات وعلى وجه الخصوص الزميل الكفء هشام السلمان الذي يحتفل هو الآخر بمرور سنة واحدة على تسنّمه إدارة الإعلام في اللجنة وانهماكه المثابر والمُجدّ لإحداث انقلاب أبيض في مفهوم إعلامية البارالمبية التي مهما أسهمنا في تغطية أنشطتها لن نكون بديلاً عن الدور الحيوي الذي يقوم به السلمان بجهود شخصية سواء في إصداره مجلة (بارالمبياد) بدعم قدير من الرئيس د.عقيل حميد والأمين العام فاخر الجمالي لتكون إضافة مهمة للمجلات التخصصية أم بعلاقاته المهنية مع زملائه لوضعهم في قلب الحدث البارالمبي.
نأمل أن يُلفت ضوء الشمعة الخامسة عشرة ساكني بيت الحكومة كي تبقى عيونهم شاخصة نحو أسرة باعثي أمل الحياة عبر تحدّيات لا أهل لها سوى رياضيي العراق.
عيد بارٌ مُضاءٌ بالنصر
[post-views]
نشر في: 18 أكتوبر, 2017: 04:02 م