TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مقياس للوطنية

مقياس للوطنية

نشر في: 20 أكتوبر, 2017: 09:01 م

في نقاش جرى بين عدد من المثقفين ، انبرى أحدهم للدفاع عن مسؤول يحاول مع كل أزمة تعصف بالبلد أن يثبت وطنيته الخالصة وحرصه على بلده عبر التصعيد والتهديد واتهام شركائه في العملية السياسية وغير ذلك مما يديم تواجده وتألقه في الساحة السياسية طمعا في العودة اليها بقوة بعد أن خرج منها محملاً بذنوب لاسبيل الى غفرانها حتى لوكانت النتيجة تورط البلد بحروب جديدة تغتال أرواح ابنائه وتغرقه في أزمات مالية وتفقده الكثير من أواصر الوحدة الوطنية ، فقد بلغت ميزانية العراق أعلى مستويات رشاقتها في عهده وتسربت منها مليارات كان يمكن أن تعيد للعراق توازنه كما نجحت داعش في اختراق بلده والتسلل الى مدنه واحتلالها ..
أتساءل ، إذا كانت الوطنية هي الصراخ والخطابات الجوفاء فلاأظن أن المهاتما غاندي كان يحب وطنه وقد أشك بولاء نيلسون مانديلا لتراب بلده وغيرهما العديد ممن استخدموا أدوات اخرى لاقناع شعوبهم باخلاصهم لها ولمواطنيها غير زجهم في فتن وحروب وأزمات مالية ونفسية ..
الوطنية كما أظن هي الالتفات لمايريده الشعب ، والسعي الى خدمته ورفاهيته وتطوره وتوفير اللقمة والأمان والاطمئنان له ، والدفاع عن مسؤول كان شعبه آخر مايفكر فيه لايعني إلا شيئاً واحداً وهو محاولتنا الدائمة أن نجير انتصاراتنا لشخص كما حدث مؤخراً مع العبادي حين ارتبطت به قضية الخلاص من داعش ثم التعامل مع قضية الاستفتاء بحكمة وديبلوماسية ماجعل مسؤولون آخرون يهبون لتقويض انتصاره الظاهري وتشويه صورته في عيون شعبه ..
أعود فأتساءل ، لماذا يجب ان ترتبط قضايانا بشخص واحد ليصبح هدفا للتبجيل او التسقيط بينما يمكن أن نستشف مما جرى ويجري في البلد اْن قضايانا تحسم غالبا بتدخل أياد خارجية غربية او اقليمية او عربية وان المسؤولين في البلد ماهم الا واجهات محلية ..؟!ولماذا يجب ان نقيس مستوى الوطنية بأفعال تمس الوطن ولاتمس المواطن وهناك فرق كبير بين أن ينتصر الوطن وأن يعيش المواطن ، وقد اثبتت أغلب الحكومات التي مرت على أرض العراق أن المسؤول يتغنى باسم الوطن ويلوك مفردة الوطنية في خطاباته ويحاول أن يثبت وطنيته بالانتصار في الحروب ومناطحة الآخرين بينما يمكنه ببساطة أن يثبت وطنيته الحقة بالاهتمام بحاجات شعبه وانقاذه من الانحدار الى القاع ..يمكنه مثلا ان يهتم بتعليمه وصحته وحالته المعيشية وأن يدفع عنه الحروب ويضعه على قائمة الدول الساعية الى التطور فهل قدم ذلك المسؤول أيا منها لشعبه ليستحق الدفاع عنه أم واصل المزايدة على الوطنية فقط ليحظى بالمناصب ؟!
لنتذكر فقط كيف كان الرئيس السابق يزدهي ويتباهى بروحه الوطنية حين يعلن عن انتصاراته في حروبه ، لكنه لم يكن وطنيا في الحقيقة لأنه أهمل شعبه الذي لم يكن بالنسبة له أكثر من وقود للحروب متعاقبة ...ألم يكن هذا الدرس كافيا لنا لنقيس الوطنية بمدى احساس المسؤولين بنا كمواطنين وليس بمدى تبجحهم بانجازات تقف وراءها في الغالب .... أيادٍ خارجية ؟!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram