TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في انتظار .. الجبوري!

في انتظار .. الجبوري!

نشر في: 23 أكتوبر, 2017: 04:44 م

عسى ألّا يكون رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، قد كلّف نفسه كثيراً وتحمّل المشقّة قبل أن يأذن لمكتبه الإعلامي بالإعلان عن عزمه على إجراء "حوار شامل" مع القيادات السياسية بشأن المشاكل والقضايا العالقة "للحيلولة دون حصول مزيد من التأزّم".
تحرُّك كهذا لرئيس السلطة الأولى في البلاد كان متوجّباً قبل الآن، وهو متوجّب على طول الخط أيضاً في ظروف عسيرة كالتي يمرّ بها العراق حالياً، فمن أولى واجبات رئيس السلطة التشريعية السعي، تحت قبة مؤسسته وخارجها، لضبط الصراعات بين القوى السياسية المختلفة ونزع فتيل الأزمات، وهذا ما قصّر فيه السيد الجبوري في الواقع منذ توليه منصبه الحالي، فعلى الدوام كان يتبدّى لنا بوصفه جزءاً من المشكلة أكثر منه جزءاً من الحلّ، لفشله في نسيان أنه بجلوسه على كرسي رئاسة البرلمان إنّما يتوجّب عليه التصرّف ممثِّلاً لكل العراقيين وليس لحزبه وطائفته وقوميته فحسب.
السيد الجبوري يريد الآن أن يكون جزءاً من الحلّ .. مرحباً به وحيّاه الله وبيّاه، لكن هل يعرف تماماً الطريق المفضية إلى حلّ "المشاكل والقضايا العالقة" التي يريد إجراء "حوار شامل" بشأنها؟
المؤكد أنّ السيد الجبوري وسائر قيادات القوى والأحزاب والكتل السياسية المتحكمة بأقدارنا ومقاديرنا، يعرفون أين تكون هذه الطريق وكيف يُمكن الوصول إليها، لكنّ المشكلة أنهم لا يريدون السير على هذه الطريق بالذات، لسبب بسيط هو أنّ الطريق المؤدية إلى الحل تُحقّق للناس مصالحهم، فيما تضرّ بالمصالح الأنانية لهذه القيادات، والجبوري واحد منها، وأحزابها وكتلها التي تعتاش على دوام المشاكل والصراعات.
عليه أشكُّ في أنّ السيد الجبوري وصحبه من "تحالف القوى الوطنية العراقية" الذين عقدوا العزم على إجراء الحوار الشامل، كما جاء في بيان المكتب الإعلامي لرئيس البرلمان، سيقولون للذين يتحاورون معهم إنّ نقطة البداية توجد في الدستور وفي نظام المحاصصة غير الدستوري.
منذ سنتين تقريباً كنتُ وعدد من الزميلات والزملاء الإعلاميين في لقاء مع السيد الجبوري على مائدة رمضانية. سؤالي الوحيد له كان بشأن استحقاق تعديل الدستور وإلغاء نظام المحاصصة المؤجل منذ عشر سنوات. يومها أجابني بلهجة التوكيد أنّ هذا الاستحقاق سيكون من إنجازات الدورة البرلمانية الحالية. مضت الآن سنتان على ذلك اللقاء ولم يتبقَّ على انتهاء ولاية برلمان السيد الجبوري غير ستة أشهر ونيّف، ولم يحصل شيء ممّا وعد به السيد الجبوري.
إنْ فعلها السيد الجبوري وطرح هذه المسألة على مَنْ سيحاورهم في قابل الأيام، بوصفها مفتاح الحلّ للمشاكل والقضايا العالقة والمخرج من النفق المعتم الذي ألقت بنا إليه الطبقة السياسية التي ينتمي إليها السيد الجبوري وصحبه، وإنْ أقنعهم بهذا سيكون قد دخل التاريخ بوصفه رئيس البرلمان الذي حققَ اختراقاً كبيراً عجز عنه سابقوه. أما إذا لم يفعلها فسيدخل التاريخ أيضاً ولكن بصفة صاحب الوعد الذي لا يفي بالوعود، وبيّاع الكلام الذي ليس لديه بضاعة غير الوعود الزائفة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين ولا يوجد اي حل مع هؤلاء الحرامية الدجالين في برلمان الدواب الخضراوي صار أربعة عشر سنة يحكمون ولم يبلطوا شارع واحد في بغداد ولم يحلوا مشكلة أكوام الأزبال في العاصمة بغداد ولا هناك اي بادرة خير صدرت منهم من اجل هذا الشعب المنكوب لا بتحسين م

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram