يتجه عدد متزايد من بلدان العالم، بما فيها المنتجة والمصدرة للنفط، في الوقت الحاضر للانتقال الى الطاقة المتجددة، بالاعتماد على الطاقة الشمسية والرياح والمياه وحرارة الارض، وذلك لخفض كلفة الطاقة وتنويع مصادرها بعيدا عن النفط الناضب. وفيما يتساءل
يتجه عدد متزايد من بلدان العالم، بما فيها المنتجة والمصدرة للنفط، في الوقت الحاضر للانتقال الى الطاقة المتجددة، بالاعتماد على الطاقة الشمسية والرياح والمياه وحرارة الارض، وذلك لخفض كلفة الطاقة وتنويع مصادرها بعيدا عن النفط الناضب. وفيما يتساءل وزير سابق للنفط عما نحن فاعلوه اذا كان العالم لن يحتاج النفط في عام 2050 ، يؤكد خبير في الشأن النفطي ان البيئة العراقية تتمتع بجميع موارد الطاقة البديلة ، لكن العراق اذا ما ظل يدار من قبل الفاسدين فسنكون بين الدول التي ستواجه المجاعة ، لعدم وجود زراعة تؤمن الأمن الغذائي، أو صناعة تؤمن احتياجات البلد الصناعية.
وكان باحثون من جامعة "ستانفورد" الاميركية وغيرها قد رسموا خارطة طريق لـ139 بلداً للانتقال الى الطاقة المتجددة بحلول 2050، وسيلبى94.7% من الطلب الكلي بالاعتماد على الطاقة الشمسية والرياح، والباقي على الطاقة الهيدرولية "المياه" والجيوانيرجي "حرارة الارض"محققين أهداف مؤتمر باريس للمناخ بخفض الحرارة 1.5 درجة، وتؤكد تلك الابحاث إن البلدان الأقرب لـ100% من الطاقة المتجددة، هم كل من طاجكستان 76%، باراغواي 58.9%، النرويج 35.8%" السويد 20.7%"، كوستاريكا "19.1%" سويسرا "19%"، جورجيا "18.7%"، مونتونيكرو أو الجبل الاسود "18.4%" وايسلندا "17.3%"، وتقع اربعة منها اليوم ضمن فهرست Economic Forum World "الايكونوميك فورم" لأول 10 دول توفر طاقة أمنة ومستدامة وممكنة وهي بالترتيب سويسرا، النرويج، السويد، الدنمارك، فرنسا، النمسا، اسبانيا، كولومبيا، نيوزيلاند، والارغواي.
وفي ذات السياق تدرس السعودية والامارات وهما الابرز اضافة الى دول عربية اخرى سبلا لخفض كلفة الطاقة وتنويع مصادرها بعيدا عن النفط، الذي يعد سلعة التصدير الأولى لهذه البلدان، على الرغم من كونها اكبر البلدان بإنتاج النفط، حيث وضعت الرياض هدفا لإنتاج 9.5 ميغاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2023، في وقت لا توجد لدى العراق اية خطوات جدية بهذا الاتجاه حتى الآن مع الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تبعت انخفاض اسعار النفط وكلفة الحرب على الارهاب.
وزير النفط السابق عادل عبد المهدي تساءل في مقال له تعقيبا على تلك البحوث، هل سيكون العراق جزءاً من البلدان الـ139 ام سينتمي لمعسكر التخلف والفقر والتبعية؟ وهل سيستغل المتبقي من ثرواته في الطاقة المتجددة كالشمس التي يمتلك مزايا فيها أيضاً، وبقية اشكال الطاقة المتجددة، أم سنعيش يومنا فقط، دون النظر لمستقبلنا ومستقبل اجيالنا القادمة، فسلفنا بنى بالآجر الجدران العريضة لأغراض العزل الحراري، وحفر اعظم منظومات لاستخدام طاقة الارض للشتاء والصيف "منظومات السراديب، الاقبية والقنوات"، واستخدم مصائد الهواء البارد، واستفاد من غاز الميثان الموجود في روث الحيوانات وحولها الى "مطال" او "جلة" يستخدمها كوقود، بينما ما زلنا نحرق الغاز يومياً أمام اعيننا.
ويرى إن من ضمن الحلول العاجلة التي يمكن التفكير بها لمواكبة التطورات، هو تخصيص نسبة من الواردات النفطية لتطوير الطاقة المتجددة، وانشاء فروع متطورة في الجامعات متخصصة بالموضوع، والعمل بجد لحل معضلة الكهرباء، والاستخدام الفوضوي لها، وزيادة الطرق لا نتاجها عبر الطاقة المتجددة، مع تشجيع العزل الحراري والبناء تحت الأرض {السراديب} أو استقدام الهواء المعتدل" البئر الكندي"، الاستثمار في بناء معامل للألواح الشمسية وطواحين الهواء والماء لتوفيرها بنوعيات جيدة وكلف مشجعة، وتطوير انتاج الغاز والتوسع في استخدامه.. والتقليل من اضرار التلوث والانبعاثات عبر تقنيات المرشحات لتقليل نسبة الكاربون، الخ.
الخبير في الشأن النفطي ضرغام محمد علي قال في حديث لـ(المدى)، ان عددا من الدول ومنها دول كبرى واخرى دول نامية كالهند تتجه للاستثمار في الطاقة البديلة" المتمثلة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح اضافة الى انواع أخرى من الطاقة التي لا تلوث البيئة وتعتبر طاقة متجددة لا تحتاج الى وقود بل فقط الى الطبيعة، كما إن مثل هذه المشاريع في كل دول العالم تعفى من الضرائب تشجيعا لها، لأنها تعتبر مشاريع مهمة واستراتيجية، خاصة وانها تحد من الاحتباس الحراري ولاتحتاج الى موارد كبيرة لإدامتها.
ويضيف علي: نعم إن التحول الى الطاقة البديلة والاستغناء عن النفط يحتاج الى وقت وجهد ليس بالهين، اضافة الى ذلك يحتاج الى مساحات واسعة للحقول ذات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث إن الطاقة المتواجدة في هذه البدائل ضعيفة جدا لا تكاد تقارن بالطاقة المتولدة من المحطات التي تعمل بالطاقة الاحفورية، ومع أن من الصعب جدا التكهن أن يعتمد العالم بشكل كامل على هذه الطاقة حتى خلال العقدين القادمين، مستدركا: لكن يبقى إن هذه الدول تسعى وتوظف امكانياتها لتلافي الاعتماد الكلي على النفط، في وقت إن بيئة العراق مهيئة لاستثمار هذه الطاقة، فهناك حقول كبيرة وطاقة شمسية عالية ولدينا العديد من الموارد الاخرى التي يمكن البناء من خلالها محطة للطاقة غير التقليدية، لكن انعدام التخطيط في العراق وضعف الادارة وفشلها، اضافة الى عدم الشعور بالمسؤولية بهذا الشأن، يجعل من الصعب جدا على العراق التحول نحو هذه الطاقة النظيفة، او يكون من ضمن الدول التي تتقدم بهذا الاتجاه.
ويواصل: اننا في دولة لا نستطيع بها حتى التكهن بما يجري بعد خمسة اعوام فما بالك بما سيحدث بعد 20 او 30 عاماً، مستدركا: إن التطور في مسألة الاستثمار بالطاقة المتجددة والاهتمام بها مرتبط بالشق السياسي الذي يضم في طياته الفساد المالي والاداري والاخلاقي ايضا وهذا الامر يعرقل وجود أي تخطيط ستراتيجي للسنوات القادمة، واذا ما ظل العراق على حاله يدار من قبل الفاسدين، فنحن سنكون من ضمن الدول التي تدخل في إطار المجاعة التي بدت ملامحها حاليا، لعدم وجود زراعة تؤمن الأمن الغذائي لنا، او صناعة تؤمن احتياجات العراق، بل لا توجد اية مقومات للتجدد الاقتصادي تحولنا من دولة مستهلكة بامتياز تعتمد على ريع النفط الى دولة منتجة.
والطاقة المتجددة هي الطاقة المتولدة من المصادر الطبيعية مثل ضوء الشمس والرياح و المياه و الإمطار وحرارة جوف الأرض يضاف إلى ذلك طاقة الكتل الحيوية، حيث يعد العراق من البلدان غير الرائدة في هذا المجال رغم توفر الظروف المناسبة لهذا الأمر, فحرارة الشمس التي قد يجدها البعض شديدة هي مناسبة للاستخدام في الطاقة الشمسية. كما يتميز العراق في الصيف بنوعين من الرياح الشرقي الجنوبي والجنوب الشرقي والتي قد تكون بسرعة 80 كيلومتراً في الساعة (50 ميلاً في الساعة)، ومن منتصف حزيران، وحتى منتصف كانون الثاني الرياح السائدة، هي شمالية (من الشمال والشمال الغربي)، بالتالي يعني إن العراق غني بها اضافة الى المصادر المائية بفضل نهري دجلة والفرات والبحيرات المائية.