في خضم تصاعد التصريحات وتنوّع اجتهادات مسؤولين في وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية ممن أخذوا على عاتقهم التحكّم بـ(ريموت كنترول) الحدث المهم "انتخابات الأندية والاتحادات" حسب مصلحة كل طرف، ينبري التساؤل المباشر المفرّغ من التبرير والتأويل: هل النيّات جادةٌ هذه المرة لتنفيذ التزام تشريعي لا يُنقَض مستقبلاً بالشكوى من أيّ عضو هيئة عامة، أم ما يُطرح بمثابة تحويلة مؤقتة لمسار القضية هرباً من مواجهة المصير بتسليم ملفّها تحت تصرّف القضاء وتطبيق الإجراءات وفق القانون النافذ؟!
منذ متابعتنا تناغم الأولمبية الوطنية مع مقرّرات دوكان عام 2004 التي انبثقت منها أول هيئة تنفيذية لها برئاسة أحمد الحجية (المختطف مع ثلاثة من زملائه بعد عامين من دون أن يستدل عليهم أحد حتى الآن)، وبعدها إقدام وزارة الشباب والرياضة عام 2007 على إقامة أول انتخابات للأندية الرياضية والتي لم تواجه بأيّ اعتراض أو شكوى، منذ ذلك الوقت لم يحصل أي تقاطع بين التوأم الرسمي المُخطِط والمهندّس للرياضة العراقية (الوزارة والأولمبية) والتي تشكّل الأولى الثقل الأكبر في تحمّل المسؤولية للدفاع عن قوانين وانظمة الدولة العراقية، لكن من وجهة نظر موثّقة للأحداث بتفاصيلها، نكاد نجزم أن الانفصال الواقعي بين الوزارة والأولمبية تم بُعيد تسريب مقترح تجميد الصلاحيات المالية والإدارية للثانية خلال جلسة تشاور مجلس الوزراء في آذار 2008 وصدور شكوى من اللجنة الأولمبية ضد الحكومة العراقية أثناء الجلسة - حسب شهادة الوزير السابق جاسم محمد جعفر صاحب المقترح- وبناءً على ذلك التحدّي ولأسباب أخرى تخصّ الهدر في المال وعدم تكامل النصاب القانوني للجنة بعد مغادرة أربعة من اعضاء المكتب التنفيذي البلاد من دون رجعة إضافة الى أزمة اختطاف الأربعة، أصدرت الحكومة العراقية القرار 184 في 21 أيار 2008 حلّت بموجبه تنفيذي الأولمبية وجمّدت جميع الاتحادات المنضوية لها، منذ ذلك التاريخ بدأت المشكلات تكبر ولم تعد الأولمبية حِملاً وديعاً مُطيعاً لمصلحة التوافق الرياضي برغم عدم حصولها على الغطاء القانوني الوطني منذ أن حُلّت بموجب أمر سلطة الائتلاف المؤقتة (CPA) في 23/5/2003!
إن الشعور بنقص الغطاء القانوني وتضارب التعليمات واللوائح السائدة مع فقه خبراء تنفيذي الأولمبية السبعة ممن لم يدلف بعضهم المكتب وفق معايير تنافسية بشروط علمية ومنجزات محققة في العابهم تمكّنهم من ملء المنصب بأفكار حصيفة، نتج عنه قناعات متشددة أن الاستقلال بالكيان بمعزل عن توأمه الوزاري والذود عنه بهراوة دولية وركن مسودة قانونه في مكتب الرياضة البرلمانية ولا تفتقد إلا لذرّ الرماد في العيون، سيمنح القائمين على الأولمبية حصانة مزدوجة، لا يمكن للحكومة أن تتورّط ثانية في الحل كون العقوبات الدولية جاهزة، وأيضاً الاستفراد بالإجراءات الداخلية إدارياً وقانونياً مشكّلة ومكيّفة حسب المصلحة لتتناولها الأيدي في جرارات مكتبية عند الحاجة لإبطال قرار وزاري أو تعضيد موقف اتحادي أو إقرار مصير الأندية بصياغة محاذير تمنع أو تجيز إقامة الانتخابات.
يجب أن تدرك الأولمبية أن الاستمرار بهذه الفوضى في مبادلة الآخرين المواقف بمزيد من التعنّت انطلاقاً من دافع الاستقلال المنقوص، غير مقبول بعد اليوم، وعليها أن تبحث عن حلول الخلاص من الانتظار الكسول لـ 14 عاماً في ساحة العراء بلا غطاء قانوني، وذلك بإنهاء الحديث عن الانتخابات لأيّ موقع رياضي حتى تكتسب صفتها القانونية من مجلس النواب وعندها يسود الاستقرار وتُحدد الصلاحيات وتُنظّم دورة الحياة الرياضية في العراق وتتفرّغ الأولمبية لصناعة الإنجازات لا الأزمات!
الانتخابات مكسبٌ أم مهرب!
[post-views]
نشر في: 28 أكتوبر, 2017: 04:02 م