TOP

جريدة المدى > عام > سامي قفطان: وضع البلاد الشماعة التي نُعلق عليها اخفاقاتنا

سامي قفطان: وضع البلاد الشماعة التي نُعلق عليها اخفاقاتنا

نشر في: 29 أكتوبر, 2017: 06:01 م

تأريخي الفني يمنحني الأهليّة لأكون أول الحاضرين في الفعاليات الثقافية والفنية الكبيرة
 
 حاضر هو في مع كل استذكار لتأريخ الفن العراقي الحديث، حين نستذكر الاعمال الدرامية، والسينمائية، والمسرحية المهمة والكبيرة، سيكون ضمن الصف الاول من الف

تأريخي الفني يمنحني الأهليّة لأكون أول الحاضرين في الفعاليات الثقافية والفنية الكبيرة

 

 حاضر هو في مع كل استذكار لتأريخ الفن العراقي الحديث، حين نستذكر الاعمال الدرامية، والسينمائية، والمسرحية المهمة والكبيرة، سيكون ضمن الصف الاول من الفنانين المتصدرين لهذا المشهد، وحين نتحدث عن المواهب الأخرى، سنجده أخذ من كل مجالات الفنون، فكان له حضور موسيقي في مجال الغناء والتلحين، وله حضور جمالي في مجال الأدب والشعر، إلا أن للفن والتمثيل الصدارة لديه، فهو يميل لهما أكثـر من غيرهما، لذا نجده يوظّف جميع مواهبه في خدمة الفن والتمثيل،أنه حاضر مع يد القدر،وزمان رجل القصب،ونجم البقال،وسارة خاتون، والباشا،ومناوي باشا،والأماني الضالة،والف عافية، وفلوس وعروس،وبيت الحبايب وأعمال اخرى، عن اشكاليات الواقع الفني، الذي يشهده العراق لم نجد خيراً من الفنان سامي قفطان لنحاوره، ذلك أنه يمكن أن يُفيدنا لعمق تأريخه الأدبي والثقافي ..

* إنطلقت مع جيل مهم من نجوم التلفزيون والمسرح العراقي، برأيك ما سبب عدم ظهور جيل فني جديد من الشباب بعد عام 2003 وحتى اليوم ؟
- السبب واضح جداً وراء ذلك، أولاً نحن نحاول دائما أن نُعلق على الشماعة كل أحزانا، وفشلنا وإخفاقاتنا، وكانت تلك الشماعة المشروعة هي ما مرّ به البلد منذ احتلال وحتى الآن بين تدمير واخفاقات، إضافة الى ارهاب داعش الذي يُعدّ الطامة الكُبرى، حيث حارب العراق نيابةً عن الدول جميعها، هذا بدوره أدى إلى حجب الكثير من الطاقات الفنية، وليس الأمر متعلقا بالمجالات الفنية فحسب، فهنالك مجالات أُخرى حُجبت منها الدراسة، والفن، والمعرفة، لم يعد هنالك أحد مُهيأ لإستيعاب ما حوله، وهذا أدى إلى توليد نوع من الكسل، أضف الى هذا غياب الأعمال، فالممثل، إذا كان يمتلك الموهبة، ويلجأ الى الدراسة في الاكاديمية، فهو حقق أمرين رئيسيين من مُسببات النجاح، فهويحتاج الى "الممارسة" التي تعدّ العامل الاهم لاستمرار الفنان، حين يتخرج الفنان من الاكاديمية لا يجد أعمالاً لتقديمها، فهنا يغيب عامل الممارسة.
لدينا كثير من الفنانين لديهم مواهب إلا انهم لم يمارسوا لإبراز مواهبهم.

* عملت في الاذاعة والسينما والتلفزيون والمسرح، وكتبت بعض النصوص مسرحية ، كما لا ننسى تجاربك في تقديم البرامج، هل برأيك من الضروري ان يكون الفنان المبدع شاملاً؟ أم إن الشمولية موهبة تقتصر على البعض؟
- بدايةًعلينا أن نعلم أن كلمة فنان تُطلق على أي كائن قادر على القيام بعرض مثير وإن كان كائن غير بشري، ما أملكه من امكانية فنية في أي تجارب اقدمها هي محض اختبار بالنسبة لي، ان نجحت وجدتني استمريت عليها وإن لاحظت بعض التلكؤ سأبتعد عنها.
على سبيل المثال مارست الغناء عام 1966 وقدمت الكثير من الأغاني ولحن لي كبار الملحنين امثال محمد نوشي ، واعدت الاغاني العربية المعروفة، ولكن حين قارنت بين بقائي كممثل او كمغني، وجدت إني من الأفضل الاستمرار بالتمثيل بدل الغناء، ولكني لم اترك الغناء وانما قررت استثمار هذه الموهبة في اعمالي الفنية التي اقدمها، وقمت بتلحين الكلام الذي اكتبه، لأغنيات أعمالي وأغني لبعض الاعمال الفنية التي أقدمها.
كذلك كتبت للمسرح وكتبت الشعر، لكن هذا لا يعني إن الفنان يجب أن يكون مثقفاً، أو مُلماً بكل المجالات الفنية والادبية، لأن الاساس في الفن هو الموهبة، هنالك موهوبون ليس لديهم ثقافة، والموهبة يمكن تطويرها بالاداء، نعم اذا استطعنا اسنادها بالدراسة والثقافة فهذا أمر جيد، أما إذا لم نستطع ذلك فالممارسة وحدها ستكون كافية، لأن موهبة مع دراسة بدون ممارسة لن تنفع بشيء.

* جميعنا يعلم إن الاداء السينمائي يختلف عن الاداء التلفزيوني، وعن الاداء المسرحي، كيف يستطيع سامي قفطان الانتقال بين هذه الاداءات دون أن يقع في فخ " اللبس"؟
- كثير من الاسماء تتقمص الشخصيات التي تقوم بتقديمها، وهنالك من يطور نفسه، ويستطيع التنقل بين الشخصيات بسهولة والخروج من إحداها للدخول بالاخرى، حين نراقب المشهد الفني بكل مجالاته سنجد أن هنالك من يصلح للسينما ولم يصلح للتلفزيون، وهنالك فنان لا أحد يستطيع مُضاهاته، وتجاوزه على المسرح، ولكن في التلفزيون يخفق، برأيي أن اداء الفنان هو أداء الروح فحسب الالقاء والتقرب من الشخصية وافرازها للجمهور، على سيبيل المثال حين نمثل للسينما نحتاج للصبر، فتهيئة المشهد السينمائي يحتاج لوقت وهنالك ابداع مغاير في التلفزيون عن السينما، وهنالك كاميرات مختلفة تماماً عن تلك التي في التلفزيون، ممثل السينما يجب ان يكون صبوراً وأداءه يعتمد على ذكاء المخرج في تحريك الممثل، ذات المخرج يمكن ان يحرك الممثل في التلفزيون ولكن بشكل مختلف تماما عن العمل السينمائي، على الممثل السينمائي هنا أن يعرف ان هنالك كاميرا واحدة تصوره، إلا في بعض المشاهد الخاصة، بعض المخرجين يقومون بإختبار للممثل ليتبين ما اذا كان من الممكن ان يكون سينمائيا، أما الاذاعة فتعد الاخطر فهي مسؤولية كبيرة على الممثل في ايصال المشهد صوتياً، يجب نقل صورة المكان والحدث من خلال المايكروفون

* في إحدى الجلسات الثقافية قلت " يجب على الحكومة العراقية دعم الثقافة، لأن الفنانين العراقيين المهمين لازالوا قادرين على العطاء، عليهم ان يسارعوا في دعمهم للفن والثقافة قبل أن يتهالك الفنان العراقي ويصبح غير قادر" وكأن جملتك هذه تُشير إلى أن الجيل الجديد لن يكون قادراً على تمثيل العراق بأعمال فنية، وعلى المسؤولين عن الثقافة أن يسارعوا لدعم الاجيال القديمة قبل أن يفوت الوقت ؟
- على الحكومة أن تدعم الفنان، ولكن من هو الفنان؟ وهنا تكمن المشكلة، في حال منحت الحكومة شيئاً للفنانين سيتساوى الفنانون بمستوياتهم وهذا أمر مرفوض، يُقال أن لدينا 17 ألف فنان، لكن أين هم؟ هنالك بعض الدخلاء يُصدر لهم هوية نقابة الفنانين وليس لهم أي صلة بالفن والفنانين، الدولة منحت أموال طائلة لشبكة الإعلام من أجل خلق أعمال درامية، ولكن أين هذه الأعمال الآن؟ الدراما العراقية غائبة على مدار اربع سنوات مضت، السبب هو أن الاموال التي منحتها الدولة تبخرت دون معرفة أين اختفت.
البديل هو الحل الذي يجب أن تقوم به الدولة اليوم، اي وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، مثلاً على مستوى المسرح على الدولة أن تُفعّل المسارح، وتوظف جهود فنانين معروفين ذوي باع طويل في العمل الفني، ولهم تأريخ لن يجازفوا ويضحوا به، من أجل ادارة تلك المسارح مثل مسرح الطليعة التابع لوزارة الشباب، ومسرح الرشيد والمسارح الاخرى، هذا الحل من شأنه خلق روح التنافس بين الفنانين، وسنكون هنا قادرين على انتاج أعمال مسرحية تليق بالعائلة العراقية، كما سيقدم الفن اضافة الى اقتصاد البلاد من خلال تفعيل شباك التذاكر وبيع البطاقات المسرحية، أما سبب قول أن فنانين جدد غير موجودين فهذا أمر طبيعي بسبب غياب التواصل الفني، التواصل يطوّر الفنان، واذا ما فشل في بعض الأعمال سيتطور وينجح في أخرى.

* إلى ما تحتاجه الاكاديميات اليوم لخلق جيل فنانين جديد، وخصوصاً جيل نسوي؟
- المعاهد والاكاديميات تخرج جيلا جديدا من الفنانين كل عام، وفي الواقع الكثير منهم جيدون ويحاولون خلق شيء من لاشيء، ونجدهم في عدد من الاعمال حاضرين، وكذلك في ادارة المنتديات المسرحية مثل منتدى المسرح، ولكن لغياب البعثات الفنية، والاستقرار الذهني في العراقي أدى لأن يفقد الفنان القدرة على الاطلاع على الفن خارجياً، فالاضطراب الذي نعيشه وتشويش الذهن أحجب القدرة على التلقي، وعدم الاطمئنان أيضاً الذي يشعره الفرد واحد من الاسباب التي أدت بنا الى أن الجيل الفني الجديد عاجز عن تلقي وتقبل المفهوم الفني، وحتى الاساتذة يعانون من ذات المشاكل، فعجز الاكاديمية يعود الى غياب التلقي والذي بدوره يعود الى الضغط الذي يخلقه الوضع الحالي.

* هل تعتقد أن الفجوة الموجودة بين الجيلين " الرواد والشباب" هي التي خلقت هذا التلكؤ للشباب في الاداء الفني؟
- نعم اتفق معك، والحل هنا نحتاج لعمل مسرحي جماعي على سبيل المثال، من شأنه أن يشارك به الشباب الجدد والممثلين المحترفين الكبار، هذه الاعمال الكبيرة ستعمل على خلق روح تمازج بين الاجيال، سيكتسب الجيل الجديد من سابقه وسيعلم الجيل القديم الجيل الجديد.

* قدمت برنامج تلفزيوني بعنوان"دروب الرجاء" مع شخصية مهتمة بما يُعرف بالروحانيات، ألا تعتقد أن هذا النوع من البرامج قد يكون مؤثراً بشكل سلبي على التاريخ الفني لسامي قفطان؟
- من الممكن أن أرد على هذا السؤال بقولي إني ممثل ولعبت دور مقدم برامج، فهذا أيضا يشبه ادواري التي لعبتها حين ظهرت لصاً، او مختلساً او اي دور سيء آخر، ولكني سأجيب على السؤال لأني اعلم جيداً ما يدور خلف سطوركِ، شخصية ابو علي الشيباني وآخرين من أؤلئك الذين يعتمدون على علاج الاعشاب معروفين للناس البسطاء، انا وبكل تأكيد لم اطرق بابه، إلا اني كُلفت من قبل فيصل الياسري وهو استاذي ولا استطيع ان ارفض طلبه، بأن اتعاون معهم في تقديم البرنامج بعد أن خذلهم مقدم البرنامج الذي سبقني، اضافة الى إني لم اكن افهم أن ابو علي الشيباني من هو وماذا يفعل بالضبط وبعد فترة وجيزة من اكتشافي لوجود بعض الدجل والكذب فيما يقدمه انسحبت من البرنامج، إلا ان انضمامي لم يكن بدافع الايمان بهذه الامور.

* لماذا أنت غائب مؤخراً عن الجلسات الفنية التي يُدعى اليها العديد من الفنانين الكبار امثال "سامي عبد الحميد، وفاطمة الربيعي واخرين" وهم بدورهم أبناء جيلك الفني، إلا اننا نجدك غائباً عن الحضور في مثل هكذا جلسات، وبعيد عنها، ومتخذ جانب الصمت، فما السبب وراء ذلك؟
- بالطبع ليس من الطبيعي أن أطلب من القائمين على هكذا مناهج وبرامج ومهرجانات أن يدعوني، فتأريخي الكبير هو من يؤهلني لأن أُدعى الى هكذا احتفاليات وجلسات، ولكني وللأسف أشهد أن من لا يملك ربع تأريخي الفني يُدعى الى مثل هذه الجلسات، وبالتأكيد لن أطالب أي جهة بدعوتي فمن يرغب بدعوة فنان مثلي من شأنه أن يتصل بي وسيجدني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: عميدة الموسيقيين

الكشف عن الأسباب والمصائر الغريبة للكاتبات

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

صورة الحياة وتحديات الكتابة من منظور راينر ماريا ريلكه

وجهة نظر: كيف يمكن للسرد أن يحدد الواقع؟

مقالات ذات صلة

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا
عام

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا

ماكس تِغمارك* ترجمة وتقديم: لطفية الدليمي بين كلّ الكلمات التي أعرفُها ليس منْ كلمة واحدة لها القدرة على جعل الزبد يرغو على أفواه زملائي المستثارين بمشاعر متضاربة مثل الكلمة التي أنا على وشك التفوّه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram