سياسة إغراق السوق العراقية بالمنتجات الزراعية والسلع الغذائية القادمة من دول الجوار تتسبب في تدهور الزراعة والصناعة الغذائية في البلاد، وتكبّد الاقتصاد الوطني خسائر جسيمة، كما يؤكد رئيس لجنة الزراعة والمياه البرلمانية، فيما يؤكد خبير الحاجة لحماية ال
سياسة إغراق السوق العراقية بالمنتجات الزراعية والسلع الغذائية القادمة من دول الجوار تتسبب في تدهور الزراعة والصناعة الغذائية في البلاد، وتكبّد الاقتصاد الوطني خسائر جسيمة، كما يؤكد رئيس لجنة الزراعة والمياه البرلمانية، فيما يؤكد خبير الحاجة لحماية المنتج المحلي الزراعي والصناعي بفرض قيود على الاستيراد، خصوصاً في مواسم الذروة الزراعية.
يقول رئيس لجنة الزراعة والمياه فرات التميمي في حديث لـ(المدى): تعاني الزراعة في العراق من تدهور وتراجع بسبب سياسة الإغراق المتبعة التي لم توضع لها حلول جذرية حتى الآن، ناهيكم عن عدم تطبيق قانون التعرفة الكمركية وعدم تفعيل القوانين المتعلقة بحماية المنتج الوطني، وهذه من ابرز اسباب تراجع القطاع الزراعي على الرغم من المبالغ الكبيرة التي تم صرفها على انشاء مشاريع تحويلية تتعلق بمنتجات الخضر والفواكه، لكن لم يكتب لها النجاح، لأن دول الجوار تعتبر العراق أهم الاسواق لتسويق منتجاتها الزراعية، وهذا يشجعها على قطع حصصنا من المياه سواء من الجانبين التركي أو الإيراني، ونحن لم نجد حلولاً لهذا الملف. يضيف التميمي: نحن كلجنة برلمانية، قدمنا ورقة عمل تتعلق بدعم المنتج الوطني وتفعيل القوانين كقانون التعرفة الكمركية وحماية المنتج الوطني وحماية المستهلك في المعرض الزراعي الذي تمت اقامته في وزارة الزراعة والجهات الساندة الأخرى، لكن من المؤسف أننا حتى اليوم نرى أن جزءاً من هذه المشكلة يتعلق بمنافذ كردستان وعدم التزامها بالروزنامة الزراعية التي تصدرها الوزارة، ولم يتم ايقاف الاستيراد في وقت الانتاج سواء منتجات الدواجن أو المحاصيل الزراعية الأخرى. ويواصل الحديث قائلاً: يجب التنسيق بين عدة جهات منها المنافذ الحدودية والحكومات المحلية والأجهزة الأمنية، لأن بعض هذه المنتجات تدخل من خلال عصابات فاسدة، وهناك عصابة في ديالى تمارس عمليات التهريب لمنتجات زراعية وأخرى ممنوعة بالتنسيق مع القيادات الأمنية في ديالى، وهذا مثال على حجم المخاطر التي يتعرض لها الواقع الزراعي وحجم التآمر على هذا القطاع، حتى بات هذا القطاع في تراجع مخيف .
ويؤكد التميمي: في اكثر من مرة، طالبنا رئيس الوزراء بإيجاد لجنة معنية بتطوير القطاع الزراعي، كما توجد مبادرات كثيرة لكنها بقيت في ادراج المكاتب ولم يفعّل أي منها، ولم تفعّل القوانين من الجهات الساندة الأخرى، بالتالي فإذا لم نجد أذاناً صاغية لكل هذه المبادرات والمحاولات لإصلاح الواقع الزراعي، اعتقد أن العراق متجه الى مجاعة وحالات من الفقر كبيرة.
ويلفت التميمي الانتباه الى قضية أخرى، فيقول: اليوم الفلاح يعاني من مشاكل عديدة منها عدم صرف المستحقات لمحاصيل ستراتيجية ملزمة الدولة بشرائها، كمحصولي الشلب والحنطة اللذين يدخلان ضمن مفردات الحصة التموينية للمواطن، فحتى الآن هناك الكثير من الفلاحين لم يتسلموا مستحقات عام 2014 و2015، لذلك يجب على الحكومة معالجة الملف الزراعي لأن المشكلة الرئيسة تتعلق بسوء الادارة وعدم وجود رؤية محددة للنهوض بالقطاع الزراعي في البلد. من جانبه يقول الخبير الاقتصادي د. احمد بريهي في حديث لـ(المدى) إن: الدولة حاولت دعم الزراعة على طريقتها، لكن ما كان يسمّى بالمبادرة الزراعية ظهرت بها مشاكل ادارية وحصلت بها شبهات لم تعالج مشكلتها حتى الآن. وأضاف: كما أن فشل المبادرة الزراعية كان واقعة مؤسفة في تاريخ السياسة الزراعية في العراق، خاصة وأن القروض الزراعية لم تثمر عن نتائج طيبة تشجّع على الائتمان الزراعي، فالصحف تتحدث عن مشاكل حتى في هذه القروض مع موظفين في محافظة ومدير مصرف في محافظة أخرى، فالتجاوز على الانتفاع غير المشروع وأمور اخرى أمر كبير، لذلك نحن حتى في القطاع الزراعي لدينا مشاكل ادارية، وأحياناً هذه المشاكل تختلط بشبهات فساد مالي وهي من تقوّض كل الخطط لإصلاح الواقع الزراعي كما تحبط ولا تشجع على مقترحات جديدة، لأن من يريد أن يقدم مقترحاً سيضع امامه فشل التجربة السابقة. ويرى بريهي: المقترحات الجديدة حتى وإن كانت منطقية ومهمة، لكنها قد تذهب مذهباً آخر وتتسبب في هدر المزيد من اموال العراق على مبادرات لا فائدة منها، لذلك اقترح على مجلس النواب دراسة مشاكل التجربة العراقية السابقة في السياسة الزراعية ولماذا فشلت، بدلاً من اقتراح سياسات جديدة. من جهة أخرى على الرغم من وجود اسواق جملة زراعية كثيرة لكن نجد الفلاح يسوّق محاصيله في الشارع والأرصفة لأن منتجات هؤلاء في الأصل قليلة، وهم لا يريدون تحمّل تكاليف النقل الى أسواق الجملة.
ويؤكد د. بريهي ضرورة وضع قيود على الاستيراد في مواسم معينة: فنحن لدينا فترات تكون بها ذروة انتاج لحاصل معين، وهنا في ذروة الانتاج كل حاصل لدينا في العراق له موسم ذروة، وعندما نصل لهذه الذروة على الحكومة أن تفرض قيوداً على المستورد من هذا المنتج.ويختم بالقول: نحن نحتاج أيضاً لحماية الفائض من الانتاج بإنشاء الصناعات الزراعية والمخازن للاستفادة من المنتجات الفائضة.