يعد جيمس غراهام من أبرز كتاب المسرح السياسي في بريطانيا حالياً. ولد هذا الكاتب عام 1982 في منطقة المناجم في نوتينغهام شاير،و درس المسرح في جامعة هال، وكتب العديد من المسرحيات التي نال عنها جوائز مرموقة ، سارة هيمينغ الناقدة المسرحية في صحيفة الفاينين
يعد جيمس غراهام من أبرز كتاب المسرح السياسي في بريطانيا حالياً. ولد هذا الكاتب عام 1982 في منطقة المناجم في نوتينغهام شاير،و درس المسرح في جامعة هال، وكتب العديد من المسرحيات التي نال عنها جوائز مرموقة ، سارة هيمينغ الناقدة المسرحية في صحيفة الفاينينشيال تايمز قابلت الكاتب مؤخرا و كتبت هذه المقالة عنه .
وأنت في بريطانيا، من الصعب عليك تجنب مسرحيات جيمس غراهام في الوقت الحاضر . حتى لو كنت ترغب بذلك فقد أصبح هذا الكاتب البالغ من العمر 35 عاماً واحدا من أروع كتاب المسرح في البلاد، وغزارة انتاجه جعلته واحدا من أعمدة المسرح في لندن. ومسرحياته الثلاث الاخيرة تعرض في آن واحد في عدد من مسارح لندن.و هذا إنجاز استثنائي.
وعندما ذكرت له هذا الموضوع أكد لي، بما يشبه الاعتذار.: "أنا مسرور ومتحمس بشكسبير وأشعر ببعض الحرج. "أنا أيضا أدرك إن الأمر من قبيل الصدفة.ولكنها صدفة غير عادية
فما هو السر وراء ذلك ؟انها المسرحيات نفسها،: فهي مكتوبة ببراعة وباسلوب سخي ، واحترافي ولأنها تعالج القضايا السياسية الكبرى بعمق كبير وبمحتوى إنساني. ولكن هناك أيضا المزاج العام المتغير. مسرحيات غراهام تمس عصباً، حساسا عند الجمهور الذي ينظر الى الاضطرابات الحالية في الحياة السياسية بفزع متزايد ويرحب بالمسرحيات التي تتناول ما يجري على أرض الواقع.
ويقول غراهام عن ذلك "ككاتب، كنت على علم بأن مثل هذه اللحظة التي – تتسم بكل هذه الفوضى والجنون لن تتكرر في حياتنا "، "وأن عليك أن تحاول أن تقدم عملك بأفضل ما تستطيع. . . "
في هذه اللحظة المحيرة،فان أحد الأسباب التي تجعل الدراما السياسية تتصدر المشهد المسرحي . هو انتشار الاخبار الكاذبة حول العالم بلمسة زر واحدة واهتزاز الإيمان بالديمقراطية ،. فالمسرح يمثل منبرا عاما لطرح الاراء:ويوفر فرصة للتفحص بامعان فيما يحدث بعيدا عن الاعيب السياسة ، ودراسة القوى التي تقود الأحداث، وطرح الاسئلة حول بيد من تتركز السلطة حقا.
وهذا ما يطلق عليه غراهام "الدخول من الباب الخلفي" و ما منح اعماله تلك الجاذبية الكبيرة هو تمكنه من فعل ذلك برشاقة على سبيل المثال، تروي مسرحيته حبر كيف جعل امبراطور الصحافة روبرت مردوخ من صحيفة "الصن" الصحيفة الأكثر مبيعاً، ولكنها أيضا تستكشف شعبيتها وأهميتها المتزايدة في الحياة العامة. في مسرحيته Labour of Love يستخدم الاسلوب الكوميدي و الرومانسي لمعالجة مشاكل حزب العمل البريطاني، ولكنها تتناول أيضا الانقسامات العميقة في المجتمع وتمظهراتها في المشهد السياسي المتقلب.
وغراهام أيضاً يتجدد دائما نشأ غراهام في مانسفيلد في أعقاب الانقسام المرير في إضراب عمال المناجم وبدا واضحا للعيان تماما أن السياسة ليست لعبة تجريدية في وستمنستر ولكن شيئا يؤثر على حياة الناس الحقيقيين. و لأن شخصيته تتميز بالدماثة و التواضع ، فان غراهام ينأى عن الاسلوب التعليمي في أعماله و يرفض تصوير السياسيين كأشرار
ويوضح غراهام ذلك قائلا : "ستكون دراما مملة حتما لو كنت غايتك فقط هي منح الناس ما يريدون". "
في مسرحيته مسابقة، التي عرضت في مهرجان تشيشستر المسرحي، يتناول عالم برامج المسابقات التلفزيونية. المسرحية تحكي قصة ما يسمى "بنوبة السعال ": عن قصة الفائز في حلقة برنامج من سيربح المليون التي عرضت عام 2001 ؟ حين تم اتهامه في وقت لاحق بالغش. ووجدته المحكمة مذنبا. ولكن في تطور آخر، فان كتاباً صدر مؤخرا يشكك في ذلك الحكم. إنها قصة غريبة، كما يقول غراهام.
"لديك معركة بين هذا الرجل، الذي يريد الفوز بشكل سيئ للغاية، وهذا البرنامج - وهو أنجح برنامج ألعاب في التاريخ - الذي يريد المحافظة على تاريخه وسمعته
"تتصادم هاتان القوتان معا في المحاكمة التي كانت في كثير من الأحيان عبارة عن مهزلة بشكل لا يصدق. ففي إحدى جلسات المحكمة اجتاحت نوبة من السعال اعضاء لجنة المحلفين وكان على القاضي أن يرسلهم إلى المنزل لأنهم عطلوا عمل المحكمة. كان شيئا استثنائيا للغاية. وبالنسبة لي فان ما حدث يشبه بالضبط ما حدث خلال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو وفاة ديانا فمن يتولى المهمة هو الجنون الجماعي، أو السرد الجماعي على الأقل، ".
رأى غراهام فرصة لدمج موقفين مختلفين لغرض تبيان الحقائق - برنامج المسابقات والمحكمة - وهكذا فقد صنع لنا موشوراً يمكن من خلاله تفحص الشخصيات العامة التي تتلاعب بالحقائق وأثر ذلك على الديمقراطية.
يقول غراهام كنت أعمل على تلك المسرحية أثناء تنصيب ترامب ". "أعتقد أن الحقيقة مهمة للغاية: إنها واحدة من الأشياء التي تزيد من رسوخ المجتمع - ولكنها بدأت بالانحراف بعيدا عنا.
لقد جعلت المسرحية تبدو جادة جدا". "رغم انها في الواقع تتناول موضوعا مسليا و استخدمت برنامج المسابقات كهيكل لبناء القصة.
وسيتم تقديم العرض المسرحي على شكل مسابقة حية مع مشاركة الجمهور الذي سيحضر العرض ، وبعض منهم سيقف على خشبة المسرح. إنها مغامرة محفوفة بالمخاطر، وغراهام يعترف بذلك - "نحن لا نعرف ما سيقوله هذا الشخص " - ولكن هذا هو جزء من غاية المسرحية . فالديمقراطية تنطوي أيضا على خطر. الى جانب ذلك، فان التلاعب بهذا البرنامج سيولد مواقف ساخرة عديدة . "إذا سارت الأمور على نحو خاطئ فإن ذلك ينبغي أن يكون بسبب روح العمل "، كما يقول غراهام. "لا يمكنك خداع الجمهور. فيمكنه أن يشم ذلك بسرعة كبيرة. "
مسرحية مسابقة هي ليست هي أول مسرحية له تتعامل مع هكذا نموذج. فقد تناول في مسرحية الخصوصية (2014)، موضوع الرقابة الحكومية على الإنترنت ، ومشاركة الجماهير من خلال الهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي؛ أما مسرحية التصويت، فتدور أحداثها في محطة للاقتراع يوم الانتخابات عام 2015، ببث مباشر على شاشة التلفزيون ويتم توقيته مع الانتهاء من الانتخابات. إن هذا النوع من المشاركة ليس وسيلة للتحايل، فهو يصر على أن الأمر يتعلق باستخدام المسرح للتفاعل مع قضايا المجتمع الكبيرة بطريقة واضحة.
عن: الفاينانشيال تايمز