TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هيئة الإعلام ... بعين واحدة وأُذن واحدة !

هيئة الإعلام ... بعين واحدة وأُذن واحدة !

نشر في: 31 أكتوبر, 2017: 05:44 م

لا أعرف شيئاً من اللغة الكردية، وعليه ليس في وسعي التحقّق ممّا إذا كانت هيئة الإعلام والاتصالات على حقّ أو على باطل في قرارها بخصوص شبكة "روداو" الإعلامية الكردية ومحطة "كردستان 24" الكردية أيضاً.
الهيئة أصدرت أمراً بالإيقاف الفوري لبثّ هاتين المحطتين ومنع عملهما على الأراضي العراقية كافة، وطلبت من الأجهزة الحكومية المدنية والعسكرية والأمنية مصادرة معدات المحطتين حيثما تكون وأينما تكون، وأوردت في الأمر سببين لاتّخاذ هذا القرار، الأول يتلخص في كون المؤسستين تعملان من دون ترخيص من الهيئة، والثاني أن المحطتين "تحرّضان على العنف والكراهية".
من الواضح أنّ السبب الثاني هو الحقيقي، أمّا الأول فليس سوى ذريعة، فهاتان المؤسستان تعملان منذ سنوات عدّة، ولم نسمع في السابق اعتراضاً من الهيئة على عملهما "غير الشرعي"، فضلاً عن وجود العشرات من المؤسسات الإعلامية المماثلة التي تعمل في العراق من دون ترخيص أو بنصف أو بربع ترخيص ولا مِن معترض عليها.
لا أعرف مدى القوة في حجّة المؤسستين الكرديتين بأنهما تعملان بترخيص من وزارة الثقافة في إقليم كردستان.
المهم بالنسبة لي في القضية كلّها هو ما يتعلّق بالذريعة الحقيقية لقرار وقف البثّ ومنع العمل: "التحريض على العنف والكراهية"، فمن الواضح أنّ الهيئة تمارس عملها في هذا الصدد بعين مفتوحة وأخرى مُغلقة. هنا، في بغداد وفي محافظات أخرى تعمل العشرات من القنوات التلفزيونية التي تمارس كلّ أنواع التحريض على العنف والكراهية، طائفياً وقومياً ودينياً واجتماعياً، بأسوأ الأساليب. وفي الاسابيع الأخيرة انفلت زمام الكثير من هذه المحطات، فانغمرت في حرب عنصرية ضد الكرد، فقط لأنهم كرد، وصلت إلى مرحلة التحريض من أجل القتل والتدمير.
الهيئة، كما نعرف، ترصد كل شيء يُبثّ تلفزيونياً وإذاعياً، ولابدّ أن تكدّست لديها الوقائع اللازمة في هذا الصدد، لكنّها لم تنطق بكلمة ولم تشأ أن تنطق بهذه الكلمة، كما فعلت للتوّ مع "روداو" و"كردستان 24"، إما لأنها لا تريد أن تنطق، أو لأنها تخاف من الأحزاب النافذة في السلطة والجماعات المسلحة التي تقف وراء هذه القنوات أو تتحدّث باسمها، إن نطقت بما يتعيّن قوله.
مراقبة خطاب الإعلام المرئي والمسموع من أجل ضمان عدم تجاوزه على القواعد والمعايير المهنية، هو واجب أساس للهيئة، ولا خلاف أو اختلاف في هذا الشأن. الخلاف، بل الاعتراض، يكون عندما تتعمّد الهيئة إغلاق إحدى عينيها وإحدى أذنيها، فلا ترى ولا تسمع خطاب الكراهية المقيت الذي يضجّ به الفضاء العراقي، منطلقاً من قنوات وإذاعات شيعية وسنية وقومية عربية .. !
ليس هذا هو السبيل لإنشاء إعلام وطني، ولا هو السبيل لبناء دولة المواطنة... إنّما هذا سبيل إلى تدمير الوطنية وخراب الوطن فحسب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين صدق ان ما تبثه غالبية الفضائيات الفضائحيات المأجورة من لقاءات وبرامج وخطابات عنصرية شيفونية قذرة خطيرة ضد الأكراد افضع وأشنع من هاتان القناتان الكردستاني التي امرت بثقلها هيئة الاعلام والاتصالات وفعلا لماذا هذه الهيئة عينهة عورة ما تشوف ب

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram