adnan.h@almadapaper.net
هذا الشارع تقطعه صباح السبت فكأنك تمضي على الطريق المؤدية إلى الفردوس، تمشي مكلّلاً بفروع الاشجار المتدلية من عليائها... هو شارع أبو نوّاس، في قلب بغداد، على الخدّ الأيسر لدجلة.
يُزيد في سحر المكان أنّ الشارع، صباح السبت وكذا صباح الجمعة، خال تقريباً من السيارات التي يزدحم بها في باقي الأيام، من الأحد الى الخميس... بيد أنك تتحسّر لأنّ كلّ هذا الجمال لا يستمتع به البغادّة وزوار بغداد، فالشارع الأجمل في العاصمة قد أُخرج من الخدمة مرتين.. مرة في عهد النظام السابق خشية أن"ينتهك"العراقيون حرمة الأسرة الحاكمة المستحوذة على العقارات والممتلكات على الضفة الأخرى: كرادة مريم. أما المرة الثانية، ففي عهدنا الزاهر الحالي (الإسلامي).. والحجّة ذاتها تقريباً، فالسيدات اللائي"ورثَ"أزواجهنّ كراسي آل مجيد وعقاراتهم، محصّنات هنّ أيضاً..!
ذات مرة، منذ سنوات، كنتُ وأصدقاء نتمشّى على الطريق الموازية لأبو نؤاس قريباً من الماء، فإذا بأحد العسكريين المكلّفين الحراسة يمنعنا من مواصلة السير باتجاه جسر الجمهورية. سألناه: لماذا؟ قال لنا: ممنوع. قلنا: عرفنا ولكن لماذا؟ قال العسكري وهو يشير بإحدى يديه الى الضفة الأخرى: هناك يسكن مسؤولون كبار بينهم رئيس الوزراء!
الحال لم تتغير كثيراً إذن!
يمتدّ أبو نواس الشارع لنحو كيلو مترين، وهو من أجمل وأفضل شوارع العاصمة.. حتى الثمانينيات من القرن الماضي كان المنطقة الأهم في بغداد.. مقصد العائلات البغدادية وزوار بغداد والسائحين إليها من الخارج.. أما الآن فقد أصبح بؤرة للمخدرات والدعارة (عملت خيراً وزارة الداخلية قبل فترة بإغلاق"النوادي الليلية"التي ليست في الواقع سوى ملاهٍ من الدرجة العاشرة ومباغ.
أمانة بغداد تبرّر تردّي مستوى خدماتها إلى قلة ذات اليد، لكنّها بإهمالها شارع أبو نواس وإمكاناته السياحية والترفيهية، إنما تهمل كنزاً من الذهب وسائر أنواع الاحجار النفيسة وتكفر بنعمة كبيرة. يمكن للأمانة أن تغتني من وراء أبو نواس، بعرضه على الاستثمار مطاعم ونوادي اجتماعية عائلية وملاعب ومنتديات شبابية.. كل متر مربع واحد في هذه المنطقة يمكن أن يكون دجاجة تبيض ذهباً.
صدام أخذ من البغادّة وسواهم من العراقيين شارع أبو نواس، وأشياء كثيرة أخرى.. نظام ما بعد صدام لم يُعِد أبو نواس إليهم، مثلما لم يُعدْ أشياءً وحقوقاً كثيرة أخرى! بل جعله في حال أسوأ من حاله في العهد السابق.
أعيدوا إلينا أبو نواس.. العنوان البغدادي الأبرز والأوضح.
أهيب بالشباب البغدادي أن يُطلق هذه الصرخة وأن يعمل في سبيلها.
جميع التعليقات 3
بغداد
استاذ عدنان حسين مقالك اليوم عن اجمل شارع في بغداد شارع أبو نواس مقال في الصميم لذلك أكرر ومن الضروري جداً ان يكون لكم برنامج تلفزيوني كل أسبوع تتكلمون مباشرة بهذه الجرأة والصراحة والوطنية والشرف والضمير الذي تحملونه في وجدانكم الشريف كما تكتبون لأنه حرا
واحد من الناس
الاستاذ عدنان حسين تحية طيبة ...واعجاب لكم وللمدى مقتبس من عمود قناطر للرائع طالب عبد العزيز : تحدثنا ما فيه الكفاية عن ظلم صدام حسين ونظامه الدكتاتوري، قلنا فيه ما لم يقله الالمان بحق هتلر، شتمناه ولعناه وصارت حقبة البعث من الماضي، بعد أن علقنا على
أم رشا
ومن يعيد لنا بغداد نحن البغداديون التي سرقتها الغوغاء...؟