نصف عمل المنافذ الحدودية تسيطر عليه مافيات متنفّذة في حالة فساد متعددة الأشكال، ما يترتب عليه خسارة تتكبدها موازنة الدولة تقدّر بمليارات الدولارات شهرياً. هذا ما تؤكده اللجنة المالية في مجلس النواب البرلمانية. ولعلاج هذه الحالة، تقترح اللجنة الاقتصاد
نصف عمل المنافذ الحدودية تسيطر عليه مافيات متنفّذة في حالة فساد متعددة الأشكال، ما يترتب عليه خسارة تتكبدها موازنة الدولة تقدّر بمليارات الدولارات شهرياً. هذا ما تؤكده اللجنة المالية في مجلس النواب البرلمانية. ولعلاج هذه الحالة، تقترح اللجنة الاقتصادية البرلمانية على الحكومة تطبيق النظام الإلكتروني في المنافذ لغلق أبواب الفساد، مشيرةً الى أن أغلب ملفات الفساد الخاصة بمسؤولي المنافذ وموظفيها، تُغلق عن طريق الرشى!
ويشير البعض الى أن معظم التجّار يعانون صعوبة إدخال بضائعهم إلى داخل العراق، بسبب الابتزاز والإجراءات الروتينية والتعقيدات التي تفرضها المنافذ الكمركية.
تقول عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية، نورة البجاري، في حديث لـ (المدى)، إن أكبر حلقة موجودة في العراق اليوم هي في المنافذ الحدودية، والحكومة لم تستطع إلى الآن السيطرة على إيراداتها برغم أنها يمكن أن تدر على ميزانية الدولة مبالغ كبيرة جداً. وتضيف البجاري: هناك تنقلات لـ 150 موظفاً في دائرة الكمارك، تحصل كل أربعة اشهر، ومع ذلك لم يقلل هذا الإجراء نسبة الفساد الموجودة فيها، لأن هناك شخصيات متنفّذة تسيطر عليها.
وتبيّن النائب البجاري، أن كميات البضائع التي تدخل عبر المنافذ الحدودية كبيرة جداً، فالعراق يعتبر أكبر بلد مستهلك، وبالتالي فهو لا يخسر أمواله فقط عبر هذه المنافذ، بل يخسر حياة مواطنيه، لأن أغلب البضائع التي تدخل للعراق فاسدة ومنتهية الصلاحية، بسبب غياب الرقابة الصحية. وتردف بالقول: هنالك تسهيل كبير جداً في دخول هذه البضائع، كما أن بعضاً من هذه السلع يدخل باسم مُغاير لما هو مكتوب في الأوراق الرسمية، لذلك يجب محاسبة الموظفين المقصّرين، كما يجب تطبيق النظام الإلكتروني عند المنافذ الحدودية، وهو أمر معمول به في جميع البلدان، الهدف منه تقليل نسبة الفساد وإيقاف هدر المليارات من الدنانير شهرياً.
تؤكد البجاري قائلة: لقد تم تشخيص الكثير من حالات الفساد في آلية جباية الرسوم في منفذ طريبيل الحدودي، حيث كانت تؤخذ تلك الرسوم بالدولار، في وقت أن ما يدوّن في الوصولات يكون بالدينار العراقي. اليوم صار الفساد في الكمارك مستفحلاً، حتى أن البعض من الموظفين لم يمض على تعيينه أكثر من 5 أعوام، ويتقاضى راتباً بحدود 500 ألف دينار، لكنه يمتلك الآن منازل فخمة، ولا ندري من أين له ذلك في وقت قياسي من عمر وظيفته؟!.
وتواصل النائب البجاري حديثها قائلة: الغريب أنّ البعض من الموظفين قامت هيئة النزاهة بالتحقيق معه لثبوت تهم فساد بحقه، لكن ملفات القضايا أغلقت بعد تقديمه رشاوى بعشرات الآلاف من الدولارات مقابل ذلك. وتختم بالقول: أصبح الفساد حلقة متواصلة تشترك بها هيئات ومؤسسات مختلفة، مما يعني أن الفساد وهدر أموال البلد سيستمران.
من جهة أخرى، تقول عضو اللجنة المالية النيابية، زيتون الدليمي في حديث لـ (المدى): إن موضوع الفساد في الكمارك وعدم إمكانية الحكومة السيطرة عليه بشكل صحيح وسوء الإدارة في هذه الأماكن، قد تسبّب خسائر مالية كبيرة للبلد، وقد طالبنا مراراً الحكومة بتسليم هذه المنافذ الى شركات مختصة تقوم بعملها بشكل سليم لتعظيم إيرادات الدولة، حيث أن الموارد المتأتية من المنافذ الحدودية كبيرة جداً، يمكن أن تكون رديفاً مهماً للنفط.
وتساءلت: لماذا الموارد للعام الماضي كانت منخفضة جداً، فيما زادت هذا العام؟ لكن حتى في زيادتها هذه لم تكن حقيقية، لأن حجم الاستيراد وحجم التبادل التجاري كبير جداً. وتؤكد: أنّ سوء الإدارة مع سيطرة مافيات وعصابات متنفّذة عليها، أديا الى خسائر مالية كبيرة جداً للعراق، حتى أن نصف المنافذ الحدودية هي ليست تحت سيطرة الدولة.
الخبير الاقتصادي أحمد بريهي، يرى في حديث لـ (المدى) أن: هناك قضايا فساد تتعلق بإدارة الكمارك تتمثل بتهرب مواطنين وتجّار من دفع الرسوم الكمركية، مما يجعلنا نخسر جراء عدم دفع تلك المبالغ التي كان يمكن لها أن ترفد خزينة الدولة بأموال كثيرة، من جهة أخرى، كان يجب التأكد من كميات ونوعية السلع والخدمات الداخلة إلى العراق، كالتأكد من شهادة المنشأ والبيانات كافة التي صدرت عن شركة التأمين وعن الشاحن البحري وغير ذلك من أمور مهمة.
بريهي يقول: الأهم من ذلك كله، هو أن دائرة الكمارك هي ليست فقط دائرة جباية إيرادات للعراق، وإنما هي نقطة حدودية للحفاظ على سلامة الإنسان العراقي من الأغذية المغشوشة والأدوية التالفة والخضروات الموبوءة، بالتالي فهي يجب أن تكون دائرة تكافح الغشّ التجاري والصناعي وتحافظ على صحة الإنسان، كما تمنع تزوير الماركات التجارية، بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، فهي تحقّق إيرادات للدولة، مما يعني أنها دائرة مهمة جداً، وعلى الحكومة والصحافة الاهتمام بها، ولكن ليس عن طريق التشهير وايكال الفضائح، بل عن طريق تقديم المعلومات الدقيقة التي تساعد في اتخاذ القرارات، من أجل الإصلاح ومكافحة الفساد في جميع مفاصل الإدارة المالية في العراق.
ووفق إحصاءات البنك المركزي العراقي، فإن العراق استورد منذ عام 2003 إلى عام 2015 سلعاً بقيمة 475 مليار دولار.