أصدرت الدائرة السابعة والعشرون بالمحكمة الابتدائية في تونس بوصفها محكمة استئناف لأحكام النواحي، حكماً قضائياً يجبر سيدة مطلّقة بدفع نفقة تقدّر بـ150 ديناراً تونسياً (حوالي 60 دولاراً)، لطليقها وأبنائها، مبررةً حكمها بأن الفصل 23 من مجلة الأحوال الشخص
أصدرت الدائرة السابعة والعشرون بالمحكمة الابتدائية في تونس بوصفها محكمة استئناف لأحكام النواحي، حكماً قضائياً يجبر سيدة مطلّقة بدفع نفقة تقدّر بـ150 ديناراً تونسياً (حوالي 60 دولاراً)، لطليقها وأبنائها، مبررةً حكمها بأن الفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية “يحتّم على المرأة أن تسهم في القيام بنفقة العائلة في حال توفر لها المال استناداً إلى الفقه الإسلامي والدستور التونسي والظرفية التاريخية لتنقيح مجلة الأحوال الشخصية لسنة 1993 وفقه القضاء”.
ويعتبر هذا الحكم الأول من نوعه في تونس التي يجبر فيها القضاء التونسي امرأة مطلّقة على دفع النفقة، حيث جرت العادة، أن يتكفل الزوج بذلك بعد طلاقه. وأوضحت المحامية هاجر الشارني، أن هذا الحكم يعد استثنائياً “بسبب عدم تجرؤ أي مطلق سابقاً على طلب النفقة من طليقته”.
كما أشارت إلى أن هذا الحكم الذي تم نقضه لتتم إعادة النظر فيه قريباً، يندرج في إطار “التزام تونس بالاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها بخصوص حقوق الطفل وضمان استقراره المادي، وعدم التمييز بين الجنسين في الحقوق وفي تحمل مصاريف الأبناء، حيث إنه من واجب المرأة في حالة الانفصال، أن تسهم في الإنفاق على رعاية الأطفال إذا بقوا في حضانة الأب وعجز عن إعالتهم بمفرده”.
سابقة في تاريخ القضاء التونسي
ومن جانبه، أوضح أستاذ القانون فيصل النقاطي في تصريح صحفي، أن هذا الحكم يعتبر سابقة في تاريخ القضاء التونسي، مشيراً إلى التطور القانوني والتنقيح الذي شهده الفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية خلال سنة 1993 ليصبح في الصيغة المنقحة كالتالي: “على المرأة أن تسهم في الإنفاق على الأسرة”، معتبراً أن كلمة “على” تفيد الإلزام واشترط للغرض أن يكون للمرأة مال وفق ما نصّ عليه الفصل.
كما أضاف، أن التنقيح الصادر يحمل في طياته نظرة حضارية وتقدمية للعلاقات الزوجية وللتطور التشريعي في تونس، فضلاً عن أنه جاء وفق مقتضيات الدستور الذي ينصّ على المساواة في الحقوق بين كافة المواطنين وتكريساً للتنقيح الحاصل في 1993 ما جعل المشرّع يلزم المرأة بالمساهمة في الإنفاق على الأسرة، وهو ما ارتكزت عليه المحكمة عند إصدارها للحكم.