لا فرق في العلّة بين علاقة رجل وفتاة قاصر خارج الزواج، وبين زواجه منها. فإن تكون الحالة الأولى جريمة، يعني أن الثانية جريمة أيضاً، لأنها لن تكون في الحالة الأولى جريمة لو كانت الفتاة أتمّت الثامنة عشرة من عمرها. واعتبار الحالة الأولى اعتداءً أو اغتصا
لا فرق في العلّة بين علاقة رجل وفتاة قاصر خارج الزواج، وبين زواجه منها. فإن تكون الحالة الأولى جريمة، يعني أن الثانية جريمة أيضاً، لأنها لن تكون في الحالة الأولى جريمة لو كانت الفتاة أتمّت الثامنة عشرة من عمرها. واعتبار الحالة الأولى اعتداءً أو اغتصاباً حتى لو كانت العلاقة برضا الفتاة، يعني أن الزواج منها اغتصاب، فعلّة الحكم أن الفتاة في سنّ يجعلها غير مؤهلة لإقامة علاقة مع رجل، وليست العلاقة بحد ذاتها!
والقضية التي نظرت بها إحدى محاكم الأحوال الشخصية في بغداد مؤخراً، عن الفتاة الصغيرة التي تعرضت لتعذيب سادٍ وغريب على يد زوجها، تدعو إلى إعادة التأكيد على التشديد، وعدم السماح بمثل هذه الزيجات. والمسألة ابتداءً لا يُنظر إليها على أنها حلال أو مباحة شرعاً؛ فالدولة والتشريعات بعامة، يقع معظم عملها في تنظيم المباحات، وعندما يكون فعل ما حراماً، فلا حاجة ابتداءً لتشريع أو تنظيم قانوني، ولكن التنظيم السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدول والمجتمعات يقع معظمه في دائرة المباحات. ومنع فعل مباح، لا يعني تحريمه بالطبع، ولكن الدول والمجتمعات تمنع وتنظّم أفعالاً وأشياءً كثيرة في تقديرها، لمصالح الفرد والمجتمع والدولة!
كانت المجتمعات تقوم على أسر ممتدة كبيرة، بما في ذلك من حسنات وسيئات. وتحولت اليوم إلى أسر نووية صغيرة؛ بما في ذلك من ضرورات وتحديات.
فالأسرة اليوم أمام مسؤولية كبيرة وخطيرة، لم تكن في خطورتها ومشكلاتها عندما كان الشاب وزوجته جزءاً من أسرة كبيرة ترعاهما، ويشاركان فيها. فكانت الصبية تنتقل من أسرة والديها، لتكون جزءاً من أسرة أخرى. وبطبيعة الحال، فإن ذلك يحتمل أن يكون عمرها أقل من ثمانية عشر عاماً، لأنها ستكون في رعاية أسرة كبيرة. ولكن، يصعب اليوم تصور أن تكون صبية صغيرة، عمرها ثلاثة عشر عاماً، تدير وحدها بيتها وأسرتها، وتخوض في علاقات معقدة لم تألفها من قبل مع رجل يكبرها سنّاً. أرجو أن يشاركني التفكير كل من لديه ابنة يقل عمرها عن خمسة عشر عاماً؛ بمعنى أنها لم تدخل الثانوية بعد: هل يظن أن ابنته قادرة على الاعتماد على نفسها اعتماداً كاملاً، ثم أن تعاشر رجلاً ويقيمان معاً حياة كاملة، وينجبان أطفالاً ويرعيانهما؟ هل هي قادرة على رعاية نفسها وزوجها وأطفالها؟
أعتقد أننا نشهد جرائم فظيعة؛ متقبلة ومتواطأ عليها.