كشفت تقارير مطّلعة، أنّ عمليات تهريب النفط العراقي اصبحت تشكّل ظاهرة مستفحلة ولايمكن السيطرة عليها ضمن الطرق التقليدية .وأشار عدد من النواب، الى أنّ عمليات تهريب النفط وحرق الغاز المصاحب وعدم استغلاله يكلّف العراق خسائر سنوية تقدّر بأكثـر من بـ7 مليارات دولار، إضافة لغياب النزاهة والشفافية عن محاربة الفساد في القطاع النفطي.
وقال عضو لجنة النزاهة البرلمانية، طه الدفاعي، إنّ "عمليات تهريب النفط ليست وليدة اليوم ومن الصعب السيطرة عليها، وقد استفحلت هذه الظاهرة بسبب امتداد خط الأنابيب عبر المناطق الزراعية في محافظات الوسط والجنوب".
الدفاعي أضاف في تصريح لـ(المدى)، أنه "يجب وضع منظومة مراقبة حديثة على الحقول والأنابيب النفطية التي تمر عبر القرى ومناطق الأرياف للحد من عمليات التهريب".
وأشار الى أن "الجهات المستفيدة من التهريب مرتبطة بأحزاب متنفذة في الحكومة، لافتاً الى أن "الصراعات العشائرية سبّبت انتشار الفساد واستفحال ظاهرة التهريب النفطي بدون مراقبة صارمة من الأجهزة الأمنية"، مستدركاً أنّ "خسائر العراق السنوية المالية تتجاوز الـ 3.65 مليار دولار من جراء احتراق الغاز المصاحب للنفط الخام".
ومن جهته قال عضو مجلس محافظة البصرة، أحمد عبد الحسين، إنّ "تهريب النفط يحتاج لوقف منابع التهريب وترك الطرق التقليدية المعمول بها حالياً"، وضرورة "تحديث الطرق المتبعة في سد منابع التهريب، منها تحديث وسائل المراقبة عن طريق الكاميرات الحرارية، واستخدام الطائرات المسيّرة"، مشيراً الى "ضرورة التنسيق بين وزارتي الداخلية والنفط في ادخال التقنية الحديثة لمراقبة الأنابيب والحقول النفطية كتقنية الطائرات والكاميرات الحرارية".
عبد الحسين، أكد في تصريح لـ(المدى)، أنّ "استفحال تهريب النفط من الأنابيب الممتدة في وسط وجنوب العراق بسبب طبيعة المراقبة والانتشار الأمني القديمة، والتي تسهم في سهولة تحرك مافيات التهريب النفطي"، مشيراً الى أنّ "الاقليم يقوم أيضاً بتهريب النفط من حقول كركوك بصورة رسمية وتحت أنظار الحكومة عن طريق الناقلات والأنابيب النفطية قبل سيطرة الحكومة عليها"، لافتاً الى أنّ "الخسائر التي يتكبدها العراق جراء تهريب النفط، تقدّر بثلاثة مليارات دولار أو أكثر سنوياً"، مؤكداً أنّ "العراق يحتاج لاستثمار نحو أربعين مليار دولار للاستفادة من الغاز المصاحب لإنتاج النفط الخام جنوبي البلاد، والذي يدخل ضمن الأموال المهدورة"، مشيراً الى أن "هناك مصادر متخصصة لفتت الى أن "الاستثمارات يمكن أن تحقق للعراق إيرادات مالية تصل إلى 500 مليار دولار في العشرين سنة المقبلة"، إضافة إلى "خمسين مليار دولار نتيجة إحلال الغاز كوقود في محطات إنتاج الطاقة الكهربائية، بدل النفط الخام المستخدم في الوقت الحاضر".
وبحسب احصائية لوزارة النفط العراقية، فإن احتياطي العراق من الغاز يبلغ 137 ترليون قدم مكعب غالبيتها من الغاز المصاحب للنفط الخام .
وبحسب تقارير وكالة الطاقة الدولية للعام الماضي، فإنّ احتياطيات العراق من الغاز في جنوب البلاد تبلغ تسعين ترليون قدم مكعب، وكلها تقريباً من الغاز المصاحب للنفط، وأن أكثر من مليار قدم مكعب من الغاز تُحرق يومياً في جنوب العراق .
وكشف مركز الروابط للبحوث والدراسات الستراتيجية، عن تجاوز الفساد في القطاع النفطي العراقي مليارات الدولارات على الرغم من اعتماد الاقتصاد العراقي على 95% من أرباحه السنوية .
وأشار المركز في تقريره، الى احتواء العراق على اكبر احتياطي نفط في العالم، مقدّراً بـ143 مليار برميل، إضافة الى رقع نفطية لم يتم اكتشافها حتى الآن، مما يجعل العراق أكبر سوق للنفط في العالم.
وأضاف التقرير، أنّ "تصدير النفط وتهريبه بشكل غير قانوني منذ عام 2003، كلّف العراق خسائر تقدّر بـ120 مليار دولار"، إضافة الى "اختفاء مليارات الدولارات من قسم التبرعات الدولية"، مشيراً الى أنّ "التبرعات المسروقة تجاوزت نصف أرباح القطاع النفطي، من عام 2003 حتى 2015، حيث بلغ حجم السرقة 800 مليار دولار، من تبرعات دولية لتمويل القطاع الأمني العراقي، الزراعي، و الطبي".
ولفت الى أنّ "الدستور العراقي، المتفق عليه منذ عام 2005، شدّد على انتماء عائدات النفط للشعب العراقي فقط، لكن لم يحدد وسيلة توزيع الثروات الطبيعية، ولتحديد طريقة توزيع النفط، تم إصدار قانون النفط والغاز، عام 2007، لكن القانون مازال قيد انتظار التنفيذ بعد مرور 10 سنوات".
وأشار التقرير الى أن "العراق ينتج 1.86 مليار قدم مكعب من الغاز يومياً، لكن حوالي 1.5 مليار قدم مكعب منها، يتم حرقه وإهداره يومياً، بسبب سوء وسائل استخراج وحفظ الغاز، أي أن العراق يخسر يومياً ما يقارب 7 مليارات دولار، من غاز الحقول الجنوبية .
ونوّه التقرير الى أنّ النفط العراقي مهدر بسبب الفساد، وبسبب سوء التنظيم وعدم الاحترافية في استخراج ثروات النفط والغاز، فضلاً عن انعدام التنسيق بين الحكومة وغياب النزاهة والشفافية، ومن حق المواطنين التمتع بثروات البلاد بالتساوي وبالتوافق مع القوانين العالمية، كما يجب على الحكومة العراقية التحلي بالعدالة والابتعاد عن طرق النهب والتهريب، وعرض نشاطات الشركات المسيطرة على الآبار النفطية أمام العلن .