اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أوهام دوري المحترفين

أوهام دوري المحترفين

نشر في: 8 ديسمبر, 2017: 09:01 م

لا يمكن لمن يتابع ملف الكرة العراقية إلا أن يصاب بالدهشة والحيرة على ما آلت إليه من تراجع بكل مفاصلها الفنية والإدارية، برغم أن تاريخها العريق يفرض منطق وقوفها في مقدمة دول المنطقة تطوّراً وحداثة ونموذجاً يُقتدى به لمن جاء بعدها تأسيساً وتنظيماً.
لا نستغرب إذا ما علمنا أن اتحاد كرة القدم العراقي تأسّس عام 1948 ويكاد يكون أقدم اتحاد في القارة الآسيوية، بل إن نشأته كانت قبل حتى إعلان بلدان استقلالها كدول معترف بها أوائل سبعينيات القرن الماضي. وبرغم هذا فإن كل المقارنات على مستوى المنشآت الرياضية وآيدلوجية العمل والخبرات التقنية اصبحت الآن تصبّ في صالح تلك الدول ونحن لا نزال نعيش في ذات العقلية المحدودة وروتين التخطيط البدائي.
هناك من سيرمي بالأسباب نحو ظروف البلد الأمنية، وما مرّ به من أزمات، ويتناسى حجم الأموال التي ذهبت باتجاهات خارج الأطر المخصّصَة لسنوات طويلة دون حساب أو مُساءلة كانت كافية لأن تعيد بناء الأندية ومنشآتها المتهالكة، وهي كانت كافية أيضاً للنهوض بالجانب الإداري عبر استقطاب الخبرات الخارجية لتطوير العمل الإداري والإطلاع على تجارب الآخرين، وبحسبة بسيطة سنجد انفسنا أمام معادلة غير منطقية تتمّثل بضياع الأموال الطائلة واستهلاك الوقت والجهد مقابل استمرار الاخفاق والبقاء في ذات المستوى والمكان.
ولأن صورة ما يجري من تناقضات اصبحت ماثلة للعيان وبات الاتحاد هو المسؤول الأول عن أيّ اخفاق إداري في بلورة صيغة نهج متطوّر يسابق به الزمن من أجل اللحاق بركب الدول التي سبقته في الدخول في عالم العمل الاحترافي إلا أنه استحدث اسلوب التصرّف خارج ماهو معلن وتطبيق قرارات لا يملك شروط ووسائل تطبيقها على أرض الواقع.
وكمثال على ما ذهبنا إليه، فإن الاتحاد فتح الأبواب لاستقطاب المحترفين الى أندية الدوري، وعاد الى تحديد قيمة مبالغ العقود ليدخل في عنوان (دوري المحترفين)، بينما تجاهل استحداث لجنة المحترفين التي تتولى وضع الضوابط ومتابعة الإجراءات الإدارية وتوجيه التجربة بخطوات تسهم في اضافة الفائدة الفنية الحقيقية التي تصبّ في صالح الكرة العراقية، وبالمقابل فإن ما حدث اصاب كرتنا في مقتلها عندما دخلت التجربة في سياق الفوضى وتحوّل الدوري الى حاضنة للاعبين أجانب لا يملكون الإمكانات البدنية والفنية وهناك من كان وسيلة وغطاء لهدر الأموال بعقود ثانوية..وأصبح وجودهم سبباً في تعطيل بروز مواهب محلية، ولم تتوقف الأضرار عند هذا الأمر، بل وجدت الأسماء البارزة محلياً، الحجة في التوجه الى خارج القطر للاحتراف طلباً لقيمة عقود أكثر مما تم تحديده للأندية في الداخل.
كيف نريد للكرة العراقية أن تسابق الزمن وتعيد ترتيب أوراقها ونحن نعيش في أوهام دوري المحترفين الذي لا ينتج المواهب ولا يطوّر الأداء ولا يُسهم في ظهور طاقات تحمل فكراً جديداً، والأكثر من ذلك، فإن اكثر المحترفين العراقيين في الخارج اصبح أمر استدعائهم يشكل عائقاً امام الملاك التدريبي للمنتخب الوطني في إقامة المعسكرات قبل البطولات الرسمية أو خوض المباريات التجريبية.
باختصار، بإمكان الاتحاد أن يتحرّر من قيود الروتين الذي بات يكبّل إجراءاته والتوجّه نحو فتح ملف المحترفين عبر تشكيل لجنة المحترفين المستقلّة بعملها وإسناد مهمة الإدارة والتخطيط لها مع وضع دراسة متأنية بقرار تحديد العقود وسلبياته سواء باتهامات وجود عقود وهمية أو في تأثيرها بهجرة نجوم ومواهب دورينا ومنتخباتنا أولى بهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

 علي حسين انشغلنا في الأيام الماضية بأحوال وأخبار النواب الذين قرروا مقاطعة البرلمان ما لم يتم إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يعرف المواطن المغلوب على أمره : لماذا يصر بعض النواب...
علي حسين

قناديل: تشويه صورة تشومسكي

 لطفية الدليمي ماذا عساك تفعلُ عندما تسعى لتشويه صورة إنسان معروف بنزاهته واستقامته الفكرية والانسانية؟ ستبحث في التفاصيل الصغيرة من تاريخه البعيد والقريب علّك تجد مثلبة (أو ما يمكن تأويله على أنه مثلبة)....
لطفية الدليمي

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

محمد الربيعي هذه المقالة تتبنى ما طرحته في كتاباتي السابقة وتعيد ما اكدت عليه في سياقات مختلفة. اسأل القراء الأوفياء الذين يتابعون أعمالي مسامحتي ازاء الالحاح في التأكيد، فالحاجة تدعوني لاعادة النظر في هذه...
د. محمد الربيعي

ماذا تبقى من سيادة العراق بمواجهة تحديات عديدة؟

لينا اونجيلي ترجمة: عدوية الهلالي في أعقاب غزو العراق مباشرة، أصدر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الأمر التنفيذي رقم 13303 لحماية صندوق تنمية العراق (DFI) الذي كان بمثابة مستودع مركزي للإيرادات الناتجة عن مبيعات...
لينا اونجيلي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram