أصدر البنك المركزي العراقي منذ ثلاثة أيام، تحذيراً من التعامل بعملة "بيتكوين" (Bitcoin) التي توصف بأنها وهمية أو افتراضية، مؤكداً أنّ التعامل بهذه العملة ينطوي على "مخاطر عدّة" داعياً الى التعامل مع المتعاملين بها على وفق أحكام قانون غسل الأموال. فما تكون هذه العملة؟ وما أخطار التعامل بها؟
"بيتكوين" عملة الكترونية غير معلومة المصدر تسبح في عالم افتراضي وتواصل قفزاتها الهائلة بشكل مفاجئ، لتفوق اقتصادات دول بأكملها وسط مخاوف وتحذيرات لخبراء ومؤسسات دولية انضم العراق إليها مؤخراً.
وهذه العملة الوهمية أو الافتراضية يقود عملياتها ساتوشي ناكاموتو، وهذه شخصية غير معروفة ما إذا كان رجلاً أم أمرأه أم مجموعة من الأشخاص أم دولة تتخفّى خلف هذه الشخصية وتملك النصيب الأكبر منها لتغيير مراكز القوى على الخريطة الاقتصادية للعالم. الغريب أنّ بعض الشركات المعروفة مثل شركة Titan Bitcoin تعمل على خروجها الى الواقع على هيئة عملات معدنية تحمل نفس القيمة و ID متكون من 8 أرقام، و لكن حتّى ذلك يفقدها أهم مميزاتها وهي السريّة والسرعة والرسوم المنخفضة التي تتعكّز عليها للانتشار.
وقال البنك المركزي في بيان تلقت (المدى) نسخة منه، إن "عملة البيتكوين Bitcoin، تنطوي على مخاطر عدّة، قد تنجم من تداولها لاسيما في ما يتعلق بالقرصنة الالكترونية والاحتيال. وعلى الرغم من عدم وجود رواج لها داخل العراق"، مؤكداً ضرورة عدم استخدامها، وداعياً لإخضاع المتعاملين بها لأحكام قانون غسل الأموال رقم (39) لسنة 2015 والقوانين ذات العلاقة بهذا الخصوص.
الخبير الاقتصادي د. أحمد بريهي، قال في حديث لـ(المدى)، إنّ البنك المركزي يتعامل مع عدد محدود من العملات المعروفة والمتداولة عالمياً ولا يتعامل مع جميع العملات، وأضاف: "ليس هذا فقط بل إننا لا نتعامل إلاّ مع عملات الدول الاقتصادية الكبرى، كالدولار واليورو والباوند الاسترليني والين الياباني وعملات أخرى معروفة ومحترمة في السوق المالية الدولية، وتجري بها معاملات واستثمارات ولها احتياطيات دولية وتُدار بها التجارة الخارجية المعلومة، لذلك فإن منع التعامل مع هكذا عملات غير معروفة، يأتي من المخاطرة العالية الموجودة بها، فنحن عندما نتعامل مع عملة يجب أن تكون صادرة من مؤسسة معلومة ورسمية كي نستطيع الإطلاع على بيانات هذه المؤسسة وتقييم سياساتها، لتجنّب المخاطرة العالية جداً من تداول العملات غير المعروفة".
ومع أنّ عملة "بيتكوين" الإلكترونية المشفّرة سجّلت صعوداً صاروخياً خلال الأيام الماضية لترتفع عن مستوى 11 ألفاً و500 دولار، لتكون بذلك قد ارتفعت خلال العام الحالي بأكثر من ألف بالمئة، وهي نسبة خيالية لم يشهد العالم مثيلاً لها من قبل، لأيِّ من العملات التقليدية أو السلع المتداولة في البورصات العالمية. يؤكد د. بريهي: أنّ هذه العملة وإن سجّلت هذا الحضور، فهي حتى الآن لا توجد لها جهة رسمية معلومة صدرت عنها، ومن يتداولونها الآن قطعاً هم ليسوا دولاً بل أشخاص وتجّار مضاربين، لذلك هي حالها حال "سامكو" كأسلوب استثماري ظهر في فترة سابقة، ناهيك عن أنّ عملة بيتكوين ليست ورقية ولا مسكوكات بل هي إلكترونية رقمية، بمعنى أنها حقوق متداولة، وهذه الحقوق مسجّلة في وثائق الكترونية وليست وثائق ورقية، وهذه العملة الرقمية الالكترونية موجودة في العالم الافتراضي "فرجوال"، بمعنى أنها عملة مجهولة المصدر.
يتساءل بريهي في سياق حديثه: ما الذي يجبر المستثمر على التعامل بهذه العملة مع المخاطرة الموجودة بها، مع وجود عملات معروفة في العالم ومعترف بها وصادرة من جهات ومؤسسات نقدية رسمية،؟ مستطرداً كلامه بالقول: نحن في العراق لا نعرف حتى الآن هل هي موجودة أم لا، لأننا لا نتعامل معها رسمياً، والتحذير من العمل بها من قبل البنك المركزي جاء كونها عملة افتراضية، وطرق حركتها القنوات الإلكترونية، وطالما هي كذلك يمكن أنْ تصل الى أيّ مكان في العالم، بالتالي هي يمكن أن تدخل للعراق.
وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية كانت قد أجرت مقارنة بين القيمة السوقية لهذه العملة الافتراضية المشفّرة وبين اقتصادات دول بأكملها، ليتبيّن أن حجم عملة "بيتكوين" المتداولة في العالم يتجاوز اليوم حجم الناتج المحلي الإجمالي لبلد مثل نيوزيلندا بأكملها، إذ يبلغ حجم اقتصادها الكلّي 185 مليار دولار، بحسب أحدث البيانات الصادرة عن البنك الدولي، وهو ما يعني أن الناتج المحلي الإجمالي لنيوزيلندا أقل من حجم "بيتكوين" في العالم بنحو خمسة مليارات دولار.